قد تكون الشوارع المحيطة بمنزل محافظ النجف والمسؤولين الكبار في المحافظة هي الوحيدة الخالية من أكوام القمامة المنتشرة منذ شهر في المدينة "المقدسة"، فإضراب عمال الشركة التركية المسؤولة عن التنظيف، وشبهات الفساد التي تحوم حول ملف الشركة أصبحا جحيما على المواطن النجفي، وجنة لحيوانات المدينة السائبة التي تعتاش على القمامة والتي تنتشر بشكل كبير حاليا.
ويأتي تفاقم هذه الظاهرة تزامنا مع مرور شهرين على انتهاء العقد الذي أبرمته الحكومة المحلية في النجف مع شركة (البيرق) التركية لأعمال التنظيف بقيمة تسعة مليارات دينار عراقي لمدة سبعة أشهر، والذي تم صرفه من ميزانية مشروع النجف عاصمة للثقافة الإسلامية، فيما زادت الأمطار التي هطلت على المدينة، وبقايا الطعام والأواني البلاستيكية التي وزعت أطنان منها على الزائرين في يوم عاشوراء الماضي من فداحة المشكلة.
ويقول المواطن أبو مها، (55) عاما أن "المضحك أن عمال البلدية يتجولون في الأزقة ولا يقومون بواجباتهم"، متسائلا في الوقت ذاته "لماذا تستعين الحكومة بمقاولين وتقوم بتعيين عمال تنظيف في الوقت نفسه؟".
بينما يقول رعد لطيف (25) عاما، أن "تراكم النفايات منذ أكثر من شهر بات يمثل خطرا بيئيا وصحيا علينا وعلى عوائلنا"، مضيفا "أين المسؤولون من هذا التلكؤ وأين متابعة الدوائر ذات العلاقة".
ويجيب المسؤولون سريعا عن هذا التساؤل، فمحافظ النجف عدنان الزرفي اعترف في حديث لـ"المدى برس" بوجود "خلل" في رفع النفايات، عازيا سبب ذلك إلى "نفاد التخصيصات المالية المخصصة للتنظيف".
ويؤكد الزرفي "طلبنا قرضا ماليا من ميزانية المحافظة لحل هذه المشكلة وسيتم حلها خلال الأسبوع الحالي".
لكن هذا الحل لا يرضي مجلس المحافظة الذي يطالب بإحالة مشروع شركة البيرق ومشاريع خدمية إلى لجنة النزاهة، ويقول خالد النعماني رئيس لجنة النزاهة في حكومة النجف المحلية إن "هناك ملفات كثيرة تعود بالضرر على المواطن النجفي لابد من التحقيق فيها".
ويضيف رئيس لجنة الخدمات في المجلس محمد الموسوي إن "المجلس اتخذ خطوات بديلة بعد انتهاء عقد الشركة المنفذة لأعمال التنظيف من خلال تشكيل لجنة ثلاثية تتكون من لجنة الخدمات في المجلس ودائرة البلدية ومكتب المحافظ تشرف على تنفيذ أعمال التنظيف من خلال الاستعانة بعمال البلدية".
ويتهم الموسوي المحافظ بـ"عدم الالتزام بمقررات اللجنة وراح يستعين بعمال نفس الشركة للقيام بأعمال التنظيف للفترة المقبلة لحين تخصيص أموال من الميزانية المقبلة لعام 2013".
مهلة لإلغاء عقد الشركة التركية
وكان مجلس محافظة النجف قد أمهل المحافظ عدنان الزرفي، في (30 سبتمبر/أيلول 2012)، عشرة أيام لإلغاء عقد إحدى الشركات التركية للتنظيف.
وقال عضو مجلس المحافظة هاشم الكرعاوي في تصريحات صحفية إن "مجلس المحافظة قرر أن يمهل المحافظ عشرة أيام لتنفيذ القرار السابق للمجلس والقاضي بإنهاء عقد شركة (البيرق) التركية للتنظيف والسؤولة عن تنظيف مدينة النجف والكوفة وتسليم المهمة إلى بلدية المحافظة".
وأضاف إن "تقرير اللجنة الخاصة التي شكلها مجلس المحافظة في وقت سابق لدراسة التلكؤات في عمل الشركة المذكورة ثبت إمكانية الاستغناء عن الشركة والاستعاضة بها ببلدية المحافظة، لاسيما وان عملها سيكون أقل كلفة فضلاً عن تشغيل الأيدي العاملة من أبناء المحافظة".
وأشار الكرعاوي إلى أن "المشكلة تتعلق بتسديد باقي الدفعات من المبالغ المستحقة إلى الشركة للأشهر الثلاثة المقبلة، وسيكون هناك عجز مالي في هذا الجانب ،لذا قرر مجلس المحافظة مفاتحة المحافظة خلال اليومين المقبلين بتنفيذ قرار المجلس السابق وإذا لم ينفذ خلال مدة أقصاها عشرة أيام سيقوم المجلس باستجواب المسؤولين عن القائمين بهذا الملف".يذكر أن النجف شهدت، الأسبوع الماضي، إضرابا لعمال شركة البيرق التركية لأعمال التنظيف سبقته فترة من "التراخي" في تنفيذ واجباتهم بسبب عدم تسلمهم مستحقاتهم المالية لأكثر من ستة أشهر.
وشهدت النجف، منتصف الشهر الماضي أمطارا غزيرة زادت من صعوبة الوضع الخدمي في المحافظة التي شهدت أيضا إقبالا كثيفا من الزائرين الذين يمرون عبرها إلى كربلاء في ذكرى عاشوراء.
وتعد مدينة النجف (160كم) جنوبي بغداد، أحد أقدس المدن الدينية في العراق بالنسبة للمكون الشيعي، وتنتشر فيها آثار تعود للديانة المسيحية، وتستقطب العديد من السياح من مختلف أنحاء العالم.