TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > سوريا.. هل اقتربت ساعة الحسم؟

سوريا.. هل اقتربت ساعة الحسم؟

نشر في: 3 ديسمبر, 2012: 08:00 م

بعد غياب صوت العقل والحكمة عن الأرض السورية، منذ ما يقرب من عامين، سالت فيها الدماء أنهاراً، فإن أي مبادرة سياسية لحل الأزمة لم تعد مسموعةً ولا مرئية، بفعل تصاعد صوت الرصاص والقذائف، وسحب الدخان التي تقترب هذه الأيام من قمة قاسيون، وتحرق الغوطة التي ظلت رئة عاصمة الامويين، لم نعد نسمع صوت الأخضر الإبراهيمي، الذي غاب تاركاً لقوى المعارضة المسلحة أن تتقدم على الأرض، بالتزامن مع ما يمكن اعتباره توحيداً للقوى السياسية المناوئة للأسد، في تنظيم جديد يشق طرقه الدبلوماسية بسرعة، وتنفتح له أبواب العواصم الغربية والعربية،  باعتباره ممثل الشعب السوري، في حين تنحصر قوى التأييد للنظام، في موسكو وطهران وضاحية بيروت الجنوبية.
لم يعد من محل للحوار بين طرفي النزاع، إذ يتمسك كل منهما بإقصاء الآخر، واليوم إذ تشتد وتيرة القتال، وتستخدم فيه صنوف الأسلحة كافة، فإن العالم ينتظر سقوط النظام، الذي لم يعد مستبعداً، أو الدخول في حرب أهلية مريرة وقاسية وكارثية النتائج، ليس سرا أن الاقليات ستدفع القسط الأوفى من ثمنها، وستمتد تداعياتها حتماً إلى كل دول الجوار، مع احتمال تطاير شررها إلى أرجاء الإقليم، حتى لو كانت بعيدةً نسبياً، ولعل الحديث عن منع اندلاعها، عبر التدخل العسكري الخارجي، بات اليوم مسموعاً عند الحدود مع تركيا، حيث تنتشر بطاريات الباتريوت الاطلسية.
سوريا اليوم في حالة إنهاك، يبدو أن الوصول اليها لم يتم اعتباطاً، ذلك أن تجاهل النظام للاحتجاجات الشعبية منذ بدايتها، والمضي في قمعها بكل قسوة، باعتبارها مؤامرة خارجية تقودها واشنطن والصهيونية العالمية، منح القوى الدولية المناوئة للأسد الفرصة الذهبية، إذ تحركت في مجلس الأمن لإدانته، مع قناعتها بأن الفيتو الروسي حاضر، ولم يكن التحرك الغربي، المدعوم من قبل معظم الدول العربية، ينطلق من الحرص على سوريا دولةً وشعباً، بقدر ما كان تحركاً مدروساً، لتحييد المنظمة الدولية بفعل الفيتو، وإظهارها أمام العالم كمنظمة مشلولة، وغير قادرة على المبادرة، أو اتخاذ القرار في الوقت المناسب.
اليوم تقف سوريا منتظرة التدخل العسكري، والنظام فيها يعتمد على مشاركة روسية في الدفاع عن بقائه، الجهود المبذولة من الأخضر الإبراهيمي، تبخرت على وقع هدير المدافع عند بوابات دمشق، والسيطرة شبه الكاملة للقوات المعارضة للأسد على مناطق واسعة في الشمال، بما فيها الجزء الأكبر من حلب، العاصمة الاقتصادية التي تمنعت طويلاً، قبل أن تجتاحها قوى الثورة، وتخوض فيها معارك يعتبر طرفا الصراع أنها مصيرية، وفي الجنوب يتحرك الثوار اليوم بحرية واسعة عند الحدود مع الأردن، وبات مؤكداً أن النظام فقد أي قدرة على الحسم العسكري، وهو ربما يكون اليوم بحاجة للتدخل الخارجي، ليكون قادراً على المشاركة مرغماً، في البحث عن مخارج تحفظ له ما بقي من ماء الوجه، إن وافق الثوار المنتصرون على منحه مثل هذه الفرصة، التي يبدو أنها باتت متأخرة كثيراً، ويفصل السوريين عنها بحر من الدماء.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram