TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > بارغاس يوسا.. وتسييس الجائزة الأدبية

بارغاس يوسا.. وتسييس الجائزة الأدبية

نشر في: 20 نوفمبر, 2010: 06:43 م

ترجمة/ عادل العاملأبدت الناقدة الأدبية السويدية ألريكا ميليز امتعاضها خلال إذاعة التلفزيون السويدي لإعلان جائزة نوبل للأدب لعام 2010 و فوز الروائي البيروي ماريو بارغاس يوسا بها، قائلةً " إنني غاضبة إلى حدٍ ما ". فلم يتطلب الأمر من نخبة البلد الثقافية سوى ثوانٍ ليدركوا أن خطأً قد حصل في عملية تصويت الأكاديمية السويدية: فماريو بارغاس يوسا، الفائز،
ما عاد اشتراكياً، كما ترون، "و لقد خسرتُه حين أصبح من الليبراليين الجدد"، كما قالت ميليز. و قد ردّد صدى تذمّرها مما حدث كثيرون ، وفقاً لما جاء في مقدمة هذا المقال للصحفي و الكاتب السويدي جوهان نوربيرغ.إن الناس الذين لم يُفصحوا أبداً عن أية انشغالات بالنشاط السياسي للفائزين بجائزة نوبل ــ من أمثال فيسلافا سيمبوسكا، التي كانت تكتب احتفاءاتٍ شعرية بلينين و ستالين؛ و غونتر غراس، الذي أثنى على دكتاتورية كوبا؛ و هارولد بنتر، الذي أيّد سلوبودان ميلوسفتش؛ و خوسيه ساراماغو، الذي أبعد المعادين للستالينية عن الصحيفة الثورية التي كان يحررها ــ هؤلاء الناس رأوا أن  الأكاديمية السويدية قد اجتازتً خطّاً في نهاية الأمر. فآراء ماريو بارغاس يوسا السياسية كان من المفترض أن تستبعده على ما يبدو من اعتبارات الجائزة. فهو بعد كل شيء ليبرالي كلاسيكي وفقاً لتقاليد جون لوك و آدم سمث. و قد أوضح صحافيون و كتّاب من اليسار الرسمي ststist  أن بارغاس يوسا قد أصبح " خائناً " خلال الثمانينيات، حينما صار ضد الاشتراكية بل و راح يجري من أجل رئاسة بيرو على أساس برنامج ليبرالي. و كان من رأيهم أن أسلوب حياته المتميز ككاتب ناجح هو الذي أضعف تعاطفه و تضامنه مع الفقراء و المضطهَدين، بل أن هناك مَن اعتبر الاعلان عن فوزه بجائزة نوبل نصراً لليمين السويدي، أو لليمين الفاشي الأميركي اللاتيني! و ادّعت إحدى الصحف السويدية الكبرى أن الجائزة كانت نصراً للعنصريين، لأن بارغاس يوسا كتب مرةً مقالاً هاجم فيه إيديولوجيا التعددية الثقافية، علماً أن المقالة نفسها دعت أيضاً إلى سياسة هجرة أكثر انفتاحاً! إن من الصحيح تماماً أن بارغاس يوسا ليبرالي، لكنه أيضاً كاتب رائع و " خيار ممتاز " لجائزة نوبل. و إنه لكذلك فعلاً. فحتى لو كنتَ تكره الأسواق الحرة، و التجارة الحرة و أموراً أخرى يؤيدها بارغاس يوسا، فإن من الصعب إنكار أنه واحد من أعظم كتّاب القصة في زمننا.لقد كتب بارغاس يوسا بعض القصص البسيطة، بل و القصص السخيفة، لكن روايات مثل ( حفلة التيس The Feast of the Goat ) و ( حرب نهاية العالم ) هي من نوغ القصص الطموحة التي لا تُروى مرة أخرى، في زمنٍ ليس لمعظم الكتّاب فيه صبر على المشاركة في أي شيء آخر عدا حاناتهم المفضلة و حيوات حبهم التراجيدية. و بارغاس يوسا، في أفضل حالاته، هو رد العالم الأدبي على علماء نظرية الأوتار : إنه يعالج أبعاداً أكثر مما تستطيع بقيتنا أن تختبر بإدراكاتها. و هو، مثل فكتور هوغو، يُحيط بفترة كاملة من تراجيديا البلد في فصول قليلة، لكنه كأفضل كتّاب الإثارة أيضاً يُبقينا في حيرة بحبكاته الدرامية. كما أنه يدبّر عدداً كبيراً جداً من الشخصيات، مثل الكتّاب الروس العظام ــ شخصيات تكوّن علاقاتها، و محادثاتها، و تطوراتها الداخلية المسرح الحقيقي للقصة. و نجد بارغاس يوسا يقفز للخلف و للأمام بين هذه الأبعاد، و يغير السرد و الزمن، ليحكي القصة نفسها من زوايا مختلفة، ليجعلها أكثر كلّيةً لكن أكثر تعقيداً أيضاً. إنها معقدة من الناحية التقنية، لكنها سهلة المتناوَل و مقروءة. و هو يستطيع أن يجعل المواضيع الخفيفة تبدو جدّية و مهمة، و يمكنه أن يكتب عن البؤس و المأساة بطريقة فكاهية ساخرة. لكن قبل أن تذهب بعيداً و تستنتج أن بارغاس يوسا يستحق الجائزة : هل نسيتُ أن أقول لكم أنه ليس اشتراكياً؟ حَسَنٌ. كان شيوعياً مقتنعاً و قد أيَّد الثورة الكوبية. و تحوَّل عن ذلك ليس لأنه لم يعد قادراً على التعاطف مع الفقراء و المضطهَدين، و إنما لأنه كان لا يزال هكذا حين بدأ آخرون يتماهون مع الثوريين أكثر مما مع الناس الذين قام هؤلاء بالثورة باسمهم. و لقد رأى كاسترو يضطهد المثليين و يسجن المنشقين. و بينما ظل اشتراكيون آخرون هادئين و يفكرون بأن الحلم يبرّر الوسيلة، بدأ بارغاس يوسا  يسأل نفسه الأسئلة الصعبة ، لماذا تبدو مثُلُه العليا شبيهةً بمعسكرات اعتقال أكثر من يوتوبيات اشتراكية سعيدة حين تتحقّق. كان ذلك حين بدأ المؤلف يفكر بأن مركزة السلطة و الثروة بيد الحكومة يؤدي إلى الشمولية و الاستبداد، و أن حواجز التجارة ، و التنظيمات و غياب حقوق المِلكية تحمي الأقوياء و تجعل من المستحيل على الفقراء أن يقوموا بأعمال تجارية و يُنشئوا حياةً لهم. و أصبح ليبرالياً كلاسيكياً، مكافحاً أبداً ضد الفساد و الشمولية، بصرف النظر عن الكيفية التي يتستّران بها ــ سواء كزمرة عسكرية أو يمينيين تجاريين أو طغاة اشتراكيين ــ و تبنّى النضال من أجل حكم القانون و حقوق المِلكية من أجل الفقراء و المضطهدين. و محاولة بارغاس يوسا هذه للتعامل مع الحكّام كافة بالمعايير نفسها هي التي تجعل الادّعاء بأنه خان اليسار أمراً فاضحاً. و لقد شجب عدد من المفكرين الدكتاتوريات اليمينية في بيرو و تشيلي، و شجب

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

بغداد/ المدى تنطلق فعاليات الدورة الخامسة من معرض العراق الدولي للكتاب، في الفترة (4 – 14 كانون الأول 2024)، على أرض معرض بغداد الدولي.المعرض السنوي الذي تنظمه مؤسسة (المدى) للإعلام والثقافة والفنون، تشارك فيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram