الشركات الأجنبية وحاجات المجتمع
ارتفعت صادرات العراق من النفط الخام الى مليونين و600 الف برميل يوميا في شهر ايلول الفائت كما ارتفع إنتاج النفط الخام الى اعلى من السقوف المتوقعة في موازنة عام 2012 إلى 3 ملايين و 200 الف برميل يوميا وقد صرح مصدر مسؤول بأن من المتوقع أن يصل الإنتاج بحلول عام 2013 إلى 4 ملايين برميل يوميا والصادرات إلى مليونين و900 ألف برميل يوميا، وأمام هذه الأرقام الصاعدة التي تحققت بعد دخول الشركات الأجنبية الفائزة بجولات التراخيص التي بدأت عام 2008 يبرز تساؤل حول مسؤوليتها والتزاماتها، إذ يصعب على من يراقب ارتفاع معدلات الصادرات والإيرادات النفطية في الموازنة أن يتقبل أن ربع السكان تقريبا من الفقراء (23%) أو يشاهد تجمعات المتسولين او خريجي الجامعات يدفعون عربات البالات في الشوارع او يعملون عمال بناء في حين مازالت آثار الدمار في البنى التحتية وقلة الخدمات وازمة متفاقمة في صعوبة توفير الطاقة الكهربائية. وبودي ان القي الضوء على دور تلك الشركات الفائزة في جولات التراخيص وما يمكن ان تقدمه للتخفيف من الأزمات.. فمازال العراق برغم كونه يمتلك اكبر الاحتياطات النفطية الا انه بلدا ناميا ينقصه الكثير ليصبح في مصاف الدول النفطية المتقدمة والى ذلك الحين فعليه ألا يفرط بأي فرصة لاسيما أن تلك الشركات برغم كون عقودها عقود خدمة وان ما ستحصل عليه حسب العقود هو سنتات محدودة مقابل كل برميل ينتج من النفط إلا ان تراكم ملايين البراميل ستؤدي الى تراكم ملايين الدولارات التي ستجنيها من الحقول النفطية العراقية فعلى سبيل المثال فأن ائتلاف شركتين روسية ونرويجية تحصلان على ما مجموعه 55 سنتا عن إنتاج البرميل الواحد مما يجعل صافي ربحيهما مئات الملايين من الدولارات سنويا، إن العقود المبرمة تفتقر إلى أي مسؤوليات اجتماعية أو إنسانية في حين تسعى كافة الدول الى وضع التزامات الشركات الأجنبية المستثمرة أو العاملة في بلدانها في خططها الستراتيجية للتنمية وتحدد المبادرات المطلوبة منها مثل نقل الخبرة ودعم القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني كما انها تضع قواعد سلوك تلك الشركات لفسح المجال الى تطوير القدرات واحترام خصوصية الدول والمناطق التي تعمل بها مما يمنح فرصا ايجابية لمواطني البلد ففي الدول النامية، تكون المسؤولية الاجتماعية غالبًا مرتبطة بالأعمال الخيرية، من خلال الاستثمار الاجتماعي في التعليم والصحة والرياضة والبيئة وخدمات المجتمع في حين ان للمساهمات الاقتصادية الدور الأكثر أهمية وتأثيرا على المجتمع من خلال خلق الوظائف ونقل التكنولوجيا كما اسلفنا فضلا عن الاستثمار في البنية التحتية والمدارس والمستشفيات والإسكان.لقد اعلن مؤخرا برنامج الامم المتحدة الانمائي و شركة شيل التي تعمل لتطوير اكثر من حقل نفطي في العراق عن مبادرة لتطوير الشركات الصغيرة والمتوسطة في البصرة لتعزيز بيئة الاعمال المحلية وبناء عليه فقد اعلنت عن رغبتها في تطوير مهارات العراقيين على مجالات مهمة كالريادة في الاعمال والعقود وادارة المشاريع والمشتريات وغيرها فكيف لم تلتفت وزارة النفط او اي جهة حكومية لخلق مبادرات لأغراض توفير فرص وتحقيق مكاسب لشرائح معينة أو انجاز مشاريع مشتركة تعود بالنفع العام وتحقق المسؤولية الاجتماعية على الشركات الذي يعد واجب وطني فضلا عن كونه أحد المتطلبات الرقابية الرسمية حيث تطلب العديد من الدول من الشركات وبشكل رسمي سنوياً أن تقوم بتقديم تقرير حوكمة الشركة والذي يحتوي على المسؤولية الاجتماعية لتلك الشركات ومدى مساهمتها في المساعدة والاندماج في المجتمعات المحلية ومدى قدرتها على التكامل معها ومن خلالها تقوم بتوظيف عدد من سكان تلك المجتمعات ومساعدتهم في الرقي والتقدم.