اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > شجر ٌ من محنة الوقت..غابات تتخفى خلف صفات الـتـأويــل

شجر ٌ من محنة الوقت..غابات تتخفى خلف صفات الـتـأويــل

نشر في: 23 نوفمبر, 2010: 05:13 م

محمود  النمرأعسر ما في الكتابة، هو عن الشعر الذي تتشكل  منه  غابات متشابكة وقاتمة،  تتكون  منه جداريات تسرق معاني من الواقع الذي يتخفى خلف  صفات التأويل او ما يسمى (الهرمينوطيقا) وهي عبارة عن عدد من  تصورات فلسفية مرتبطة  بحبل سري نحو  تأويلات   كثيرة  تختلط فيها الأوراق،
 ولا يعرف الهدف الأول والأسمى  الى هذا الشكل التأويلي إلاّ الشاعر الذي يدخل هذه الغابة المتشابكة ويرى ما  خلف هذا  الاشتباك الموحش والمؤنس في لحظة الكتابة، لذلك كانت شفرات الشعر من اهم الشفرات التي تفضح معنى الوجود وتطرق الابواب الصدئة بلا استئذان  وهي  وصول لذروة المغامرة، وأداة كشف عن الأمكنة الملغومة بالأسئلة او كما يسميها الشاعر نصير الشيخ  (شجر من محنة الوقت) في ديوانه الصادر عن دار الينابيع بـ 100صفحة.يعمّد نصير الشيخ  مجموعته بمقولة الشاعر الفرنسي – دسنوس – 1900- 1945( أيتها الكلمات هل أنت أساطير ؟ وهل تشبهين آس الموتى ...) هذا الشاعر المجدد في الشعر الفرنسي والرافض للنمطية في الشعر,واشاعة روح التمرد في تكوين القصيدة .في القصيدة الاولى من الديوان " طاعن في الرخام "  من شباك العدم / ولدت .. / هذا  انا / أنام بأغطية الحرب / اشرب نخب الوصايا / وأتلو خلسة / سورة الضياع /،هذه المقطوعة توحي بأن نصير يحمل صليبه على قفاه من خلال رمي الاسئلة على شجرة محنة الوجود .العدم – الولادة  - الانا – الحرب – الوصايا –الخلسة – الضياع – هذه الدلالات المشتبكة الموحية بأن الشاعر يبدأ بالمحنة منذ المقطع الاول في الديوان ،اذن هي الريبة الاولى في عقرب الساعة للوقت –الذي يصحو اخيرا على صافرات الحنين – ويتجول سرا في مخابىء الذاكرة – ويسير ليلا بعري الغياب – وهذا الشاعر مايزال يحلم ولكنه اغرق مراكبه في لجة الحيرة على مسافة قريبة جدا من كنف الموت الذي لايعرف كنهه وهذا هو السؤال الابدي الذي ابداه – كلكامش- الباحث عن عشبة الخلود ،وهكذا بقيت هذه الحيرة والسؤال الملغّز الذي ليس له جواب ،والشاعر نصير الشيخ هو احد هؤلاء الابناء الذين ينتمون الى بلاد سومر يعتمر تلك الحيرة الابدية  ويبحث كأسلافه / إليك يا أبي .. / ايها الذاهب في نزهة للأبدية / تفترش الرمال الساخنة ../ تقرأ سورة الحبِّ ../ وتنام مليا ً/ على حدقات الأرق .من الطبيعي ان يطرح الشاعر نصير الشيخ  الاسئلة بإلحاح مستـَـبطن  الطبيعة والهواء او الوجود كله وبهذا السرد الشعري الملاحظ على صفحات المجموعة التي توزعت انتقالاتها على بحور عدة منها الكامل والخبب والمتقارب وغيرها من البحور الشعرية وهنالك بعض القصائد النثرية التي لاتخلو من إيقاعات تراتبية محتشدة بالصور الرمزية (الأليغوريّة) وهذا يعتمد على قدرة الوعي لدى نصير الشيخ وليس من باب الغموض او التغريب بل يتكئ على إرث حضاري متوارث وثقافة مكتسبة / عليل ٌ جنوني من الصحب والذكريات اللعينة / ثملا ً /تركت وراءك طلاقة الباب مشروخة / وركبت عصاك الى مدن من ضجيج ونيون /ونساء يقطرن كحلا ً /يترنمن َ بحمل خزائنَ أعتى الملوك / ورفع مقالع طين الآله / فحاذر عبور خطوط السبات / الى غيمة لم تلد مطرا ً. يقول نصير الشيخ  ( في رحلة الكتابة شعرا ،تولد القصيدة وترسم مسارها الإبداعي،غير لاغية ارتباطها بجغرافيا الروح والارض،وقد تكتسي بعض  النصوص بتجريدية عالية،وهذا متأت ٍ ليس من قبيل اصطناع الغموض او التغريب لتوفير عنصر الادهاش،بل هو دليل الجذور المعرفية التي تمد نسوغها في أعماقي السرية).شهادات وتجارب في جريدة الصباح الاثنين 8/ تشرين الثاني /2010العدد 2104الصفحة الثقافية .ان مجموعة (شجر من محنة الوقت ) اعتمدت الكثير من تواريخ الانسانية فهي تفضي الى الوجود بمعنى  (الأنا ) وكذلك تسترسل الى الأنا بمعنى (الجمع) وهي المحنة التي يطرحها الشاعر نصير الشيخ بشعرية تقف بوقار امام هذا الكم من الشعر ولكن بخصوصية صادقة تنم عن شاعرية متنفذة وتتخذ جانبا جليا في المشهد الشعري العراقي .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram