بغداد/المدىيؤكد خبراء في الشأن المسيحي العراقي ان موجات هجرة المسيحيين الى اوروبا والغرب بدأت منذ الاربعينات والخمسينات من القرن الماضي، لكن الهجرة المكثفة التي حصلت منذ عام 2003 لم يشهد لها مثيل، نتيجة غياب الامن والاعتداءات التي تعرض
لها هؤلاء وتعرضت لها كنائسهم واديرتهم. وكان آخرها وربما ليست الاخيرة ما حصل في كنيسة النجاة التي راح ضحيتها اكثر من خمسين مسيحياً ومارافقها بعد ذلك من تهديدات تنظيم القاعدة لمسيحيي العراق بمغادرة وطنهم والاعمال الارهابية التي حدثت خلال الاسابيع الماضية. فهل يتعرض مسيحيو العراق للاعتداءات لانهم على دين يسوع المسيح؟ ام لكونهم أقلية؟ ام للسببين معاً؟ ويبدو ان ايام العراق ما بعد 2003 ترجح القول انهم يتعرضون لذلك لانهم عراقيون فحسب. فجماعات العنف في العراق وزّعت ظلمها على جميع الابرياء بالتساوي. ولعل الهجمات التي حدثت بعد يوم واحد من مجزرة كنيسة النجاة استهدفت العراقيين بكل طوائفهم. الا ان تعرض المسيحيين لهجمات متواصلة يثير الخوف والهلع في اوساطهم كما يثير الحيرة والحزن داخل العراق عموماً، لانهم الاكثـر هدوءاً وسلماً، فهم، طوال تاريخهم الذي يمتد الى اكثـر من ألفي سنة في بلاد ما بين النهرين، تعاملوا بواقعية عالية وهادنوا السلطات والناس العاديين، وتمكنوا من بلورة سمعة طيبة وعريضة في الاوساط العراقية.وهم اليوم بين سندان القوى المهيمنة ومطرقة العنف، على حد تعبير احد سكان مدينة الموصل التي تعرض سكانها المسيحيون لحملة اعتداءات واسعة ادت الى نزوح قرابة اكثر من 2000 عائلة من مناطق وجودها في القرى المحاذية لمدينة الموصل الى اقليم كردستان، الذي مثل لهم ملاذاً آمناً في السنوات الاخيرة.ويشار الى ان مسيحيي العراق يتوزعون على قوميات ومذاهب متعددة يمكن اجمالها بأربعة مكونات رئيسية هي: الكلدان، الاشوريون، السريان، الارمن. فالكلدان اتباع الكنيسة الكاثوليكية. والآشوريون اتباع كنيسة العراق القديمة (النسطورية) وينقسمون بدورهم الى ثلاثة مذاهب مسيحية. اما السريان، فينقسمون بين سريان كاثوليك وارثوذكس وهم اتباع الكنيسة الغربية في سوريا. واخيراً الارمن وهم في معظمهم من المهجرين ضحايا الاضطهاد العثماني في تركيا، فضلاً عن الاقباط والبروتستانت والطوائف الغربية الاخرى وبنسبة لا تتعدى واحداً في المئة من عدد مسيحيي العراق وهم بصورة عامة ترشحوا من مذاهب وطوائف اصلية في العراق، استناداً الى مصادر مسيحية.rnألم عند باب اللهومع وجود اكثر من 62 كنيسة وديراً في بغداد، تغري آثار الدمار الماثلة حتى الآن عند مدخل كنيسة مريم العذراء في شارع فلسطين ببغداد، بعد تعرضها لانفجار سيارة مفخخة في تموز الماضي في سلسلة انفجارات الكنائس الستة، بالذهاب اليها، فضلاً عن ان المشهد برمته ربما لخص تاريخ عذاب سكان وادي الرافدين القدماء منذ احتلال العراق. والى مشهد الاضرار المؤلم الذي لحق بالمكان، يلفت الانتباه رجل يقف قرب باب المطران شليمون وردوني راعي الكنيسة على امل الحصول على مساعدة للعودة الى مهجره في مدينة عين كاوة في محافظة اربيل بعد تهجيره من بيته في حي الدورة ببغداد. يبدو كأنه يضاعف مشهد الالم عند باب الله. وحين سألته لماذا رحلت الى الشمال، أجاب: "جماعات العنف خيروني بين أن أزوج احدى بناتي لاحدهم او ادفع الجزية! وفضلاً عن ذلك اختطفوا احد اخوتي وطلبوا 30 الف دولار لاطلاقه، فاعطيناهم المبلغ وقتلوه!".ولكن لأن ما يجمعه الله لا يفرقه الانسان، ولأن ابواب رحمة الله اوسع من ثقوب شر الشيطان، كان لوجود نساء مسلمات عند مغارة السيدة العذراء في الكنيسة يتوسلن السيدة ويقدمن لها النذور، مغزى ودليل يرمز الى تاريخ التعايش بين مختلف الاديان والطوائف العراقية وبذرة أمل في وادي الحزن والدموع.rnديوان الوقف المسيحي يرفض دعوات الهجرة فيما دعا ديوان الوقف المسيحي في العراق، ، إلى عدم تلبية دعوات التهجير، معتبرا تلك الدعوات بأنها "ورقة سياسية معروفة النوايا".وقال رئيس الوقف المسيحي والديانات الأخرى عبد الله الهرمزي في حديث لـ"السومرية نيوز"، إن "الدعاوى إلى تهجير المسيحيين ليست قانونية ولا حتى إنسانية، وإنما سياسية وهي معروفة النوايا، وأن اجتثاث أي إنسان من وطنه يعد ظلما لا يقره إي قانون مدني أو عالمي"، داعيا المسيحيين إلى "عدم تلبية مثل هذه الدعوات". وعبر الهرمزي عن "ترحيبه بالدعوات، التي جاءت مؤخرا من قبل إقليم كردستان ومحافظة النجف للمسيحيين"، مؤكدا "ضرورة إيجاد فرص عمل لهؤلاء اللاجئين والمضطهدين".وكانت حكومة إقليم كردستان العراق قد أعلنت، الأربعاء، عن تشكيل لجنة وزارية برئاسة وزير الداخلية وعضوية ممثلين عن الكنائس في الإقليم، بهدف تقديم التسهيلات لاستقبال النازحين المسيحيين القادمين من بغداد والموصل، كما أصدر مجلس محافظة النجف أيضا توصية لدوائر المحافظة تنص على السماح للمواطنين المسيحيين بالسكن في كافة مناطق المحافظة، والعمل في
مسيحيـو العـراق.. ارادة البقـاء على الرغم من الاخطار
نشر في: 25 نوفمبر, 2010: 06:37 م