TOP

جريدة المدى > منوعات وأخيرة > بيت المدى ومعهد غوتة يستعيدان كافكا بعد 100 عام من رحيله

بيت المدى ومعهد غوتة يستعيدان كافكا بعد 100 عام من رحيله

نشر في: 26 مايو, 2024: 11:25 م

 بسام عبد الرزاق

اقام بيت المدى في شارع المتنبي وبالتعاون مع معهد "غوتة" الألماني، الجمعة الماضية، جلسة خاصة عن الاديب الكبير فرانز كافكا، استضاف فيها الباحث والمفكر في الادب الالماني الدكتور عاطف بطرس للحديث عن الأديب العالمي فرانز كافكا بعد 100 عام على رحيله، ولما له من تأثيرات مختلفة في مجال الترجمة والنقد والإبداع.

في البدء، مهد للجلسة الباحث رفعت عبد الرزاق، متحدثا عن التنوع في الجلسات التي تبادر لها مؤسسة المدى، وبضمنها هذه الفعالية، مشيرا الى ان "موضوع كافكا من الموضوعات الاثيرة في الفكر العراقي والعربي والإنساني بشكل عام، وان اديبا كبيرا مثل طه حسين قد كتب عن كافكا، وفي العراق نتذكر كتاب الدكتورة بديعة امين (هل ينبغي احراق كافكا)، وغيرها من الكتب التي كان تلقيها كبيرا ومؤثرا".

الدكتور محمد شبيب، قدم الجلسة الحوارية بتعريف للضيف المتحدث، مبينا ان "الدكتور عاطف بطرس العطار حاصل على شهادة الماجستير في الادب الألماني والدكتوراه في الادب المقارن، وعمل أستاذا للأدب العربي الحديث في جامعة ماريبور للفترة من 2007 والى 2015، ومن 2015 الى 2023 عمل في معهد الدوحة للدراسات العليا، وحاليا يعكف على مجموعة من المشروعات البحثية التي تركز على الفكر والفلسفة الألمانية واصدائها في العالم العربي، ويخص بالذات فرانز كافكا، والتر بنيامين، إريك أورباخ".

بدوره قال الأستاذ المتخصص د.عاطف بطرس العطار انه "اشتغل على الفكر الألماني وبعض الكتّاب خصوصا في بداية القرن العشرين، مثل كافكا، والتر بنيامين، إريك أورباخ، وجميعهم من الكتاب اليهود الالمان الذين ساهموا في مشروع الحداثة الأوروبي، ربما لخصوصية وضعية اليهود في أوروبا في هذه المرحلة، فمن خلال دراستي وابحاثي اهتم بهذا المشروع الكبير".

وأضاف، ان "دراستي عن كافكا هي جزء من هذا المشروع ونشرت الكتاب عام 2009 وفي 2017 اعدت كتابة هذا الكتاب وودعت كافكا مع الكتاب العربي وبدأت العمل على مشاريع أخرى ومنها والتر بنيامين وترجمته الى العربية والتلقي العربي اليه كفيلسوف مهم جدا اثر كثيرا في الفكر ما بعد الحداثي وفي مدرسة فرانكفورت النقدية"، مبينا ان "كافكا اثار اهتمامي وانبهاري والافتتان العربي بكافكا ولست وحيدا في هذا، واردت ان افهم مسارات هذا التلقي العربي والاهتمام به، ومن خلال هذه المسارات المتعرجة حاولت ان افهم أشياء أخرى، وهي تكشف لنا الكثير من ملامح الفكر العربي وتطوراته على مدى العقود المختلفة في القرن العشرين".

وأوضح العطار، ان "بداية التلقي العربي لكافكا كانت سنة 1939 وهي بداية مبكرة مقارنة بالتلقي العالمي، كون كافكا قبل نهاية الحرب العالمية الثانية لم يكن معروفا الا عند بعض القراء المتخصصين، ولكن الانتشار الواسع بدأ في فرنسا بعد عام 1945 ثم انتقل الى الولايات المتحدة ومن بعدها الى المانيا، ومن سخرية القدر كونه كان يكتب باللغة الألمانية ولكن التلقي الألماني بدأ متأخرا".

وأشار الى انه "عندما نقول ان بداية التلقي العربي كانت في سنة 1939، وهذه البداية كانت تلقي فرانكوفوني وكان بعض الكتاب العرب مجموعة من السورياليين المعروفين ولدينا من العراق كان عبد القادر الجنابي لكنه جاء فيما بعد، وانا اتحدث عن الحركة الطليعية في مصر في ثلاثينيات واربعينيات القرن العشرين واستمرت حتى الخمسينيات، ومع صعود الحركات القومية هاجر معظمهم الى فرنسا وكان اهمهم جورج حنين وربما يكون معروفا قليلا للبعض لأنه كان يكتب فقط بالفرنسية، وهو اول من كتب عربيا عن كافكا وله حوالي 4 مقالات بدأها سنة 1939 وآخرها سنة 1962".

وتابع، ان "الأشهر هو التلقي عند طه حسين واتيت لكم بنسخة صدرت منذ أسبوع فقط للتأكيد على حضور كافكا عربيا وهي مقال في مجلة اخبار الادب بعنوان (طه حسين وكافكا رحلة بين النور والظلمة) وهو مقال فقير قليلا وانا كتبت فصلا كاملا في كتابي عن تلقي طه حسين لكافكا وكتاباته عنه"، موضحا انه مع "اي نوع من التلقي لابد ان ننظر بشكل عام الى النص الادبي، وانا افهم النصوص الأدبية ان لها قطبين، الذي يتعلق بجماليات انتاج النص ولحظة كتابته الأولى، والثاني يتعلق بالقراءات المختلفة، واذا نظرنا الى اعمال كافكا سنجد ان القطب الأول هو هذا الكاتب الذي ينتمي الى اقلية تتحدث الألمانية في براغ وهو ينتمي الى اقلية داخل الأقلية وهي الأقلية اليهودية الألمانية".

ونوه الى ان "كافكا يقول "انا لا اهتم بالأدب فانا مكون من الادب، والكتابة الأدبية كانت بالنسبة له شيء وجودي" حتى ان رسائله الى ملينا المشهورة والتي تتعدى الالف صفحة وكلها أنواع من العذاب والحب، وربما في الحقيقة انه كان يحب الكتابة أكثر من ميلينا نفسها، وكان يحب التعرف على فتاة ويتعذب بحبها فهذه التجربة تفرز كتابة أدبية وهذا ما يعطيه وجوده".

ولفت الى ان "كافكا اصيب في النهاية بمرض السل الحنجري وتوفي في 1924 في مصحة بالقرب من النمسا، ولم يكن معروفا وقتها، ومن القصص المشهورة انه طلب من صديقه المقرب ماكس برود ان يحرق كل اعماله، والحقيقة ان حرق الاعمال قد بدأ اثناء حياته حين كان يعيش في برلين في سنواته الأخيرة مع شريكته الأخيرة دورا دايموند وكان شتاء باردا فاخذ بعض المخطوطات وخصوصا الشعر والدراما وهو كان يعرف ان الشعر والدراما اللذين كتبهما لم يكونا بالمستوى وكان يتقن السرد والروايات، وقام بإحراق كل اعماله الشعرية والدرامية، ولكن قبل موته طلب من صديقه ان يحرق كل اعماله".

وأكمل العطار بالقول، إن "الدراسات الحديثة في سيرة كافكا تقول انه كان يعرف ان صديقه لن يفعل هذا وبالتالي هو نوع من الخدعة وفعلا صديقه انقذ اعماله مرتين، في المرة الأولى عندما لم ينفذ الوصية والثانية في سنة 1939 جاء اجتياح الجيش النازي لبراغ وطبعا كل اليهود في براغ حاولوا الهرب، فقام صديقه بجمع مخطوطات كافكا وهرب الى فلسطين، وهنا يمكن القول ان بداية رحلة كافكا الى فلسطين كانت بسبب هذا الحدث".

وأردف، ان "الأوراق بقيت في حوزة ماكس برود وهو صهيوني النزعة، وهذا يقود الى التساؤل الذي بدأ في العالم العربي بشكل مكثف، فهل كان كافكا صهيونيا؟.. كون لديه الكثير من دوائر الأصدقاء من الصهاينة؟، ولكن كافكا كان يفضل ان لا ينتمي الى أي شيء، حتى حين قالوا ان ادبه يعبر عن اليهودية، رد عليهم انه ماذا يجمعني مع اليهودية، فانا لا أستطيع ان احمل سترتي، وكان يميل الى عدم الانتماء وكان ينظر الى هذه الحركة (الصهيونية) بنوع من السخرية".

وأضاف، ان "الحكم على كافكا ليس له علاقة بكافكا نفسه، ولكن له علاقة بالقراء وتتولد صورة لهذا الكاتب وقراءات جديدة وما نسميه قدرة النص الادبي على توليد المعنى وإعادة انتاجه، أي ان النص الادبي عندما كتب ليس هناك معنى او تأويل واحد لهذا النص، فتم تجميده وعلينا الان ان نقول ان فلان قرأه بشكل صحيح او فلان قرأه بشكل خطأ، هذه النظرة في الدراسات الأدبية أصبحت نظرة ساذجة، ان العمل الادبي لا يحمل معناه منذ ولادته".

وأشار العطار، الى انه "لدينا في السياق العربي هذا التيار المسيس للنصوص الخاصة بكافكا، والمثير ان هذا التلقي المسيس بدأ تحديدا بعد توهج كافكا في الستينيات، بعد ترجمة الروايات الثلاث، وبدأ فورا الشاعر العراقي أنور الغساني بالسؤال، اذا كان هذا الكاتب صهيونيا فلماذا نترجمه ونحتفي به بهذا الشكل؟، فكان هذا التيار مرتبطا بالخوف من ان يدخل الينا حصان طروادة كما يقال ويكون شيئا ضارا يتضمن معاني صهيونية وبالتالي علينا ان نحذر منه، وفي الشق الثاني كانت هذه الفترة ترتبط بنوع من التماهي بين القراء العرب وهذا النوع من الادب بسبب الوضع السياسي".

وبين انه "في بعض مشروعاتي البحثية يعتريني نوع من الغضب، لاسيما في ادب السجون وحالات الاعتقال السياسي، وعندما نظرت للترجمات العربية الموجودة لوالتر بنيامين وهو فيلسوف مهم جدا في الفكر الألماني المعاصر، وجدت ان هناك كارثة حقيقية، كون ان الترجمات تتم عن الفرنسية والإنكليزية وليست مباشرة عن الألمانية، وفي نفس الوقت تستخدم نسخ محررة بشكل غير نقدي وتركها البحث منذ عشرات السنين، فوجدت الحالة العربية في هذا الحقل المعرفي مثيرة للغضب وتتسم بالتسرع الشديد والإهمال والسطحية، وبسبب هذا الغضب قررت ان افهم ما حدث عربيا وماذا فعلنا مع والتر بنيامين كما فعلت من قبل مع كافكا، ثم اذا كانت الترجمات بهذه الحالة فهل يمكن ان نقدم ترجمات جديدة، وفعلا هناك مشروع كبير لترجمة اعمال بنيامين من المصادر الاصلية والمحررة نقديا بالتعاون مع أرشيف بنيامين في برلين، وسيصدر هذا الكتاب قريبا".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

صدور المجلد العاشر من أضخم موسوعة أمثال عراقية وعربية

صدور المجلد العاشر من أضخم موسوعة أمثال عراقية وعربية

 ذي قار / المدى صدر حديثا عن دار الرفاه للطباعة والنشر المجلد العاشر من كتاب (سبعة آلاف مثل عراقي / جمهرة الأمثال في مدينة الناصرية) الذي وثق فيه الباحث حسين كريم العامل جانبا...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram