اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > عام > نظرات في الحداثة المعمارية .. وما بعدها

نظرات في الحداثة المعمارية .. وما بعدها

نشر في: 26 مايو, 2024: 11:17 م

علاء المفرجي

صدر للدكتور خالد السلطاني (1941)، مؤخراً (في عام 2023 ببيروت)، كتابا جديدا بعنوان «عمارات»؛ وهو من توزيع «المدى».

وهذا الكتاب هو الكتاب السادس عشر الذي ينشره المؤلف منذ ان نشر كتابه الاول في بغداد عام 1985 بعنوان «حديث في العمارة» الذي تولت طبعه ونشره «الموسوعة الصغيرة» تحت رقم 156. في كتاب «عمارات» (430 صفحة من القطع الكبير)، يقتصر الحديث (او بالاحرى ..النظر) على موضوعين اساسيين، مثلا في العموم «سردية» الكتاب العامة، وهما نظرة الى «عمارة الحداثة» واخرى الى « عمارة ما بعد الحداثة». ومن خلال هاتين النظرتين يتم التعاطي مع نماذج مصطفاة من الممارسة الحداثية وآخرى مستلة من مشهد عمارة ما بعد الحداثة.

في بدء مقدمته للكتاب يشير المؤلف الى جهده المستمر في تكريس مفاهيم العمارة بالخطاب الثقافي المحلي والاقليمي، ويذكر في مستهل تلك المقدمة ما يلي: «.. ظللت ما يقرب من نيف وعقدين من السنين أُكرر على مسامع طالباتي وطلابي في المدرسة المعمارية البغدادية الاولى بجامعة بغداد كلمة «الحداثة المعمارية»، هي التى شكلت لديّ موضوعا محبباً وممتعاً في درس «نظرية العمارة» الذي كنت القيه عليهم وادخلته، لاول مرة، بالسبعينات، في مفردات المنهاج الدراسي الخاص في تأهيل معمار المستقبل، بعد ان كانت مواضيعه المتنوعة تدرج، بخفة، في درس «تاريخ العمارة». ولطالما كررت تلك المفردة «الحداثة المعمارية» في الكثير من نشاطي البحثي وفي اعداد دراسات ومقالات نشرتها (.. ولا زلت انشرها) في الميديا المحلية والعربية، على مدى عقود كثيرة من السنين. هذا فضلا على ورود تلك المفردة اياها الدائم وحضورها المميز في العديد من كتبي التى الفتها حول الشأن المعماري. واذ ارى اليوم كثراً من طلبتي السابقين (وحتى بعض التدريسيين الذين كانوا بعيدين عن اهتمامات نظريات العمارة ومناهجها المختلفة، بالاضافة الى كثر من المثقفين المهتمين بالشأن المعماري) يولون اهتماماً ملحوظا بقضايا الحداثة المعمارية وطروحاتها، وقد اسهموا بنشاطهم الثقافي والكتابي في توسيع الاهتمام والمعرفة بها، كانعكاس طبيعي لنشاط ذلك النشر الواسع والدائم؛ فاني احس بنوع من الغبطة والسرور، واشعر بان جهدي المبذول والعناء في مسعاي الطويل والمستمر في نشر ذلك الاهتمام والتعريف به لدى اوساط مجتمعية مختلفة، لم يذهب سدىً! ويزداد فرحي عندما اسمع بان «اسمي» يردده بعض اصدقائي ومعارفي كأحد المعرَفين بالعمارة وشأنها، كما يصرح بذلك صديقي الشاعر «حميد قاسم» (هو الذي أكرمني في كتابة الـ <تمهيد> لكتابي هذا)، ما يضفي بهجة زائدة الى ذلك الفرح العارم، ويجعلني «استمر» في النشر والسعى الحثيث في ايصال المعلومة المعمارية الى متلقيها».

نطلع في النماذج الخاصة بعمارة الحداثة عن بعض الاحداث اللافتة في مسار هذا التيار المعماري الذي تشكل بصورة واضحة بعد الحرب العالمية الاولى، احداث يسردها المؤلف ضمن امثلة لابنية كان ظهورها نوعا من عملية تكريس مبادئ وقيم الحداثة. ومن ضمن تلك النماذج التى شكلت محتويات الفصل الاول من الكتاب (بالمناسبة الكتاب، كما اشير سابقاً، يحتوي على فصلين اساسين: الفصل الآخر: الثاني مكرس لنماذج عمارة ما بعد الحداثة)؛ نقرأ عمارة كنيسة العائلة المقدسة (1882)، وفيلا سافوي: الحداثة في جوهرها (1930)، وعمارة الجناح البرشلوني: التنطيق الميسوي للحداثة» و» معهد العالم العربي في باريس (1981). وغير ذلك من الاحداث المميزة التى شهدتها الممارسة التصميمية الحداثية. اما فيما يخص امثلة عمارة ما بعد الحداثة والذي تضمنها الفصل الثاني من الكتاب، فنقرأ: «متحف بلباو : إرث عمارة ما بعد الحداثة» ، و «زهاء حديد: الازاحة معماريا: توسعة متحف اودغوبغو بالدانمرك (2005)، وبرلمان مالطا في فاليتا : جدل التراث وعمارة ما بعد الحداثة (2015)، ، وادراج هدسون : ميدان ما بعد الحداثي الحضري، نيويورك (2019) وغير ذلك من المشاريع اللافتة التى وسمت مشهد ما بعد الحداثة.

يشير المؤلف بان كتابه يتيح «.. للقارئ الكريم، أمكانية انتقاء أسلوب للقراءة خاص به، ليس بالضرورة ان يكون بتسلسل زمني «كرونولوجي» Chronology (كما هو مقترح في الكتاب). بمعنى آخر، يمكن للقارئ ان ينتقي اية مفردة من مفردات مواضيع الكتاب لقراءتها، ويعود مرة اخرى ليختار موضوعا آخر يفضل الاطلاع عليه اولاً وحسب رغبته وذائقته، من دون ان يخل ذلك الاسلوب الانتقائي او يخرق منظومة الاسلوب التسلسلي المقترح في الكتاب.

كما يختم مقدمته الشاملة التى اوجز فيها معالم ومبادي عمارة الحداثة مع الاشارة الى ما اتصفت به عمارة ما بعد الحداثة، مستندا الى كتابات نقاد مهمين اشتغلوا ببراعة على هاتين الثيميتين في المنتج

المعماري الحديث والمعاصر، فيقول “.. وفي الاخير، اود الاشارة باني سعيت شخصيا وراء زيارة غالبية المشاريع المنشورة في الكتاب ميدانياً، وتفحصها وهي في مواقعها في مدن العالم المختلفة، كما حرصت على تصويرها من جوانب شتى، زيادة في تكريس “اميجها” المعماري في الذاكرة، هي التى لطالما حدثت طالباتي وطلابي عن مزايا تصاميم بعضها مرات ومرات عديدة. (وللتذكير ، فأن معظم الصور المنشورة في الكتاب هي نتاج تصوير الزيارات الخاصة الى تلك الابنية المتنوعة). انها لمتعة حقيقية ان تنظر و “تلمس” تلك الابنية “الاسطورية” التى رسخت بحضورها البهي تيار الحداثة ..وتيار ما بعدها، مثرية البيئة المبنية هناك حيث تقف بشموخ، دالة على قيمتها الحضارية ومدللة على اهمية معمارييها المبدعين. ويظل الهدف الاساسي جراء نشر هذا الكتاب، بنصوصه وصور مبانيه العديدة، زيادة التعريف بالعمارة والاهتمام بمنجزها الابداعي الحصيف، كما ينشد لاجراء قراءات في تنوع اساليب مقارباتها المختلفة!.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

بعد ثلاثة عقود .. عباس الكاظم يعود بمعرض «خطوات يقظة» في الدنمارك

مذكرات محمد شكري جميل .. حياة ارتهنت بالسينما

بيتر هاجدو والسرد الصيني

عدد مجلة "أوربا" الخاص عن الأندلس .. نسمة هواء نقي في محيط فاسد

رمل على الطريق

مقالات ذات صلة

الشعر.. هل سيجد له جمهورا بعد مائة عام؟
عام

الشعر.. هل سيجد له جمهورا بعد مائة عام؟

علاء المفرجي هل سيجد الشعر جمهورا له بعد مائة عام من الان؟؟… الشاعر الأميركي وليامز بيلي كولنز يقول: " نعم سيجد، لأن الشعر هو التاريخ الوحيد الذي نملكه عن القلب البشري" فالشعر يعيش بين...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram