TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: ما هي نصيحة رئيسنا؟

العمود الثامن: ما هي نصيحة رئيسنا؟

نشر في: 20 مايو, 2024: 11:54 م

 علي حسين

في مجتمعٍ تم تجريده من الحق في محاسبة السياسي والمسؤول ، وحرمانه الاقتراب من قلاعهم الحصينة ، يغيب التواصل بين الناس والسلطة ، ويجد المسؤول الكبير أن اللقاء بالمواطنين والتحدث إليهم نوع من انواع الفضل الذي عليهم أن لاينكروه باعتباره إنجازاً تاريخياً .

في ظل هذه الأوضاع التي يبني فيها المسؤولون سدوداً بينهم وبين الشعب ، يصبح من العجائب أن يعرف المواطن ما هي اهتمامات رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء أو من يجلس على كرسي رئيس البرلمان ، فهذه أمور لا يجوز طرح الأسئلة عنها .

بالأمس وأنا أطالع بعض المواقع الإخبارية لفت نظري خبر مثير يقول إن الرئيس المكسيكي مانويل لوبيز يقدم نصيحة للشباب بقراءة أعمال فيودور دوستويفسكي وليف تولستوي وكتاب مكيافيلي "الأمير"، وكتب الرئيس في تغريدة له على موقع X: "بالنسبة للشباب، ومع كل الاحترام لـ (تيك توك)، وشبكات التواصل الاجتماعي، لكن لا شيء أفضل من قراءة كتاب جديد" .

دائماً ما أسأل نفسي : ما قائمة الكتب المفضلة عند بعض سياسيينا، مَن قرأ منهم فؤاد التكرلي أو السيابأو وضع هوامشه الشخصية على كتب علي الوردي او جواد علي ؟ سيقول البعض ساخراً يارجل إنهم يعشقون مكيافيلي من خلال السماع وطبقوا مبادئه في السياسة من دون أن يقرأوا كتابه "الأمير".

يقال عن الرئيس الفرنسي الراحل ميتران، بأنه كان دائم الاستعارة لكبار كتّاب فرنسا وهو يدير اجتماعات الحكومة وحين سأله أحد الصحفيين يوماً: لماذا يردد مقولات قديمة، في زمن وصل فيه الإنسان إلى سطح القمر؟ قال وهو ينظر إليه متعجباً :"يفقد الإنسان اتصاله بالمستقبل إذا لم يكن محاطاً برجال مثل روسو ولم ينصت إلى فولتير"، بينما فقد معظم ساستنا اتصالهم بالواقع لأنهم مهمومون بالامتيازات والصفقات السياسية والأهم بالانصات إلى أهل الثقة والابتعاد عن أهل المعرفة والكفاءة.

لا يعترف المسؤول والسياسي العراقي بالخطأ ويعتقد أن الخطأ والصواب لا علاقة لهما بالفشل.. حين تحول العراق، من أغنى دولة عربية إلى بلد يخضع لقوانين العشائر ومصطلحات " الكوامة " ومفردة " من يا عمام ؟" .

من المهم، بل من الواجب هنا أن يتساءل الناس عن مقدار المسافة بين المسؤول والثقافة في ظل هذا التوغل المخيف للشعارات الطائفية وتمكين القبيلة على حساب مؤسسات الدولة ..من حق الناس أن تسأل، وتناقش لماذا يريد لنا البعض أن نعيش في ظل أجواء الماضي ويحاولون الابتعاد بالبلاد عن المستقبل؟

أتمنّى أن يقرأ معظم مسؤولينا وساستنا مذكرات السنغافوري لي كوان " من العالم الثالث إلى العالم الأول "، ليعرفوا أن هناك قادة يختارون بناء المستقبل، فيما نحن نصر على العيش في الماضي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. kadhim mostafa

    منذ 2 سنوات

    حتى وان استطاعوا فك رموز الحروف وقروأ لا يفقهون فهم لا لغة لهم الا العربيه الغير فصحى والمحليه

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

العمود الثامن: صنع في العراق

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

 علي حسين عاش العلامة المرحوم محسن مهدي ينقب ويبحث في كتب التراث ويراجع النسخ المحفوظة في مكتبات العالم من حكايات ألف ليلة وليلة، ليقدم لنا نسخته المحققة من الليالي، يقول لنا فيها إنّ...
علي حسين

باليت المدى: شحذ المنجل

 ستار كاووش مازال الوقت مبكراً للخروج من متحف الفنانة كاتي كولفيتز، التي جعلتني كمن يتنفس ذات الهواء الذي يحيط بشخوص لوحاتها، وكأني أعيش بينهم وأتتبع خطواتهم التي تأخذني من الظلمة إلى النور، ثم...
ستار كاووش

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

محمد الربيعي يضع العراقيون امالا كبيرة على التشكيلة الوزارية الجديدة، المرتقب اعلانها قريبا، لتبني اصلاحات جذرية في مؤسسات الدولة، وعلى راسها التعليم العالي. فهذا القطاع الذي كان يوما ما منارة للعلم والمعرفة في المنطقة،...
د. محمد الربيعي

التكامل الاقتصادي الإقليمي كبنية مستدامة للواردات غير النفطية

ثامر الهيمص المرض الهولندي تزامنت شدته علينا بالإضافة لاحادية اقتصاديا كدولة ريعية من خلال تصدير النفط الخام مع ملف المياه وعدم الاستقرار الإقليمي. حيث الاخير عامل حاسم في شل عملية الاستثمار إجمالا حتى الاستثمار...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram