د. فالح الحمـراني
رصدت صحيفة "نيزافيسمايا غازيتا" (الصحيفة المستقلة) إن الحكومة المركزية اليمنية تعمل على تعيين ممثل دبلوماسي لها في دمشق. كما صرح بذلك وزير الخارجية شائع محسن الزنداني.
وأفاد بأن الرئيس السوري بشار الأسد غير وجهات نظره ورفض الاعتراف بوضع الفصيل اليمني المنافس، أي الحوثيين، رغم أن حركة أنصار الله التابعة لهم لها بعثة في دمشق منذ عام 2016. وحسب الصحيفة المستقلة فان هذا التطور "سوف يشكل استعداد الأسد لإعادة النظر في نهجه في التعامل مع الحوثيين تحدياً لإيران، التي تعتبر أنصار الله وسوريا جزءاً من "محور المقاومة" الذي تتزعمه".
ونقلت عن الزنداني في لقاء تلفزيوني: إن الحكومة المركزية تبذل جهودا لفتح مكتب تمثيلي رسمي لها في دمشق. ولم يحسم الجانب اليمني بعد مستوى التواجد في العاصمة السورية. وأضافت: لكن الزنداني أكد أن الفصيل المنافس، أنصار الله، لم يحصل على أي اعتراف دبلوماسي من حكومة الأسد.
وأعادت الأذهان إلى أن المسؤول الحوثي غادرة دمشق العام الماضي. وقد تم ذلك بناء على طلب السلطات السورية. وللجماعة اليمنية، "التي تحظى بدعم عسكري ومالي من طهران" حسب الصحيفة الروسية، وجود في دمشق منذ عام 2016، "وهو ما كان من المفترض أن يتناسب مع مفهوم "محور المقاومة" – وهو هيكل غير رسمي يتألف من الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية المتحالفة مع إيران".
وكانت اليمن نفسها في البداية من بين الدول في العالم العربي التي أعلنت قطع العلاقات الدبلوماسية مع الحكومة السورية بعد اندلاع الحرب الأهلية في عام 2011. وفي وقت لاحق، عندما أصبحت الجمهورية، نفسها ضحية لنزاع داخلي طويل الأمد، ساءت العلاقات أكثر: بسبب أن الجانب السوري سارع إلى دعم خطط الحوثيين في إقامة نظامهم الخاص. والكلام للصحيفة.
ومضت في القول: وعلاوة على ذلك، كانت الحكومة المركزية في اليمن من بين اللاعبين العرب الذين، حتى وقت قريب، لم يكونوا يريدون عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية. وتم طرد دمشق من هذ المنظمة الإقليمية بسبب القمع العنيف لاحتجاجات الشوارع والحرب مع المعارضة المسلحة. لقد تم اتخاذ قرار إعادة تأهيل الحكومة السورية في العام الماضي فقط، تحت ضغط اللاعبين العرب.
وعلى وفق تقديرها فإن استعادة العلاقات الكاملة مع الحكومة المركزية في اليمن قد تتناسب مع عملية تطبيع الاتصالات بين سوريا والمملكة العربية السعودية. وقد دعمت الرياض صنعاء بقوة في مواجهة الحوثيين والمجلس الانتقالي الجنوبي، وهو منصة انفصالية تسعى إلى فصل المناطق الجنوبية عن اليمن وتحظى بدعم واسع من الإمارات العربية المتحدة.
وأشارت إلى أن وزير الخارجية السوري فيصل المقداد أجرى مؤخراً، عشية انعقاد قمة مجلس الجامعة العربية، محادثات في البحرين مع نظيره السعودي فيصل بن فرحان. ولم يقتصر الحديث على الأحداث في قطاع غزة فحسب، بل على تطور العلاقات الثنائية بين دمشق والرياض.
وقالت: إن تعزيز الاتصالات بين سوريا والدول العربية، لا يمكن إلا أن يثير أعصاب بما وصفته "أكبر راعي لها، أي إيران". أضافت: "وطهران غير مرتاحة بالفعل لأن دمشق تحاول النأي بنفسها عن النزاع في قطاع غزة". وكما أوردت بعض المصادر، فهناك مؤشرا على أن القيادة السورية مستعدة لمقايضة حيادها الافتراضي من النزاع في غزة بتطبيع الولايات المتحدة، الحليف الرئيسي لإسرائيل، العلاقات مع دمشق. وبحسب تلك المصادرة، بدأت طهران على هذه الخلفية، في وضع خطط لتحسين قنوات المساعدة لحليفتها وإجلاء أعضاء الحرس الثوري الإسلامي من سوريا. وقد تنظر طهران إلى الاستعداد لاستضافة دمشق ممثلين دبلوماسيين للحكومة اليمنية على أنه إشارة سلبية أخرى.
ونقلت عن الخبير في مجلس الشؤون الدولية الروسي كيريل سيمينوف، : أن ممثلي الحوثيين طُردوا من السفارة في دمشق في أكتوبر 2023. وسبق ذلك حوار بين سوريا واليمن على مستوى وزراء الخارجية. وأشار سيمينوف إلى أنه "عندما حدد السوريون مسار التطبيع مع السعودية والإمارات، بدأوا في استعادة العلاقات مع الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا". ويأتي فتح بعثة حكومية مركزية في إطار إعادة العلاقات مع الدول العربية. والأمر الآخر هو أن التقارب بين سوريا ودول الخليج العربية يشكل تحدياً لـ "محور المقاومة". ويشترط اللاعبون العرب التطبيع مع دمشق بضرورة تقليص نفوذ إيران في سوريا. وخلص الخبير إلى أنه "في هذه الحالة يقدم الأسد بعض التضحيات من خلال التطبيع". كما يقول الخبير الروسي.
في هذا السياق لاحظ تقرير لمعهد الشرق الأوسط في موسكو إن إيران تواصل الخطاب الذي يفيد بأنها تبذل الجهود اللازمة لنزع فتيل التوترات في الاتجاه السعودي، على أمل احتواء جميع المشاكل والصعوبات التي يواجها الحوار الثنائي. وصدرت تصريحات أكثر من مرة في الآونة الأخيرة مفادها أن هناك تطورا إيجابيا مخططا في هذا الاتجاه. وكما تكتب وسائل الإعلام، فإن حكومة الرئيس رئيسي، وضعت العلاقات مع دول الجوار في منطقة الشرق الأوسط على رأس أولوياتها، وافترضت تلك الوسائل أن طهران وجدت نفسها مضطرة للتطبيع مع الرياض خشية من انضمام الرياض إلى الدول التي قامت بالتطبيع مع إسرائيل وتشكيل جبهة مضادة لها، رغم ان الرياض، كما قالت وكالات الأنباء، رهنت مثل هذا التطبيع الافتراضي من قضايا أخرى بإحقاق حقوق الشعب الفلسطيني وإقامة دولته المستقلة، وفقا لمبادرة السلام العربية لعام 2000.