اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > المرجعية الدينية والشأن العام ومسؤولية الخط الثاني

المرجعية الدينية والشأن العام ومسؤولية الخط الثاني

نشر في: 19 مايو, 2024: 10:24 م

غالب حسن الشابندر

لا داع للدخول في تعريف هذه المفردات فإنها ذات حضور عام لدى فهم الناس، وإذا كان لابد من ذلك فالمرجعية هي المصدر الذي يرجع إليه الشيعة في تشخيص التكاليف الشرعيةِ، وكما يقولون إن أيَّ عمل بلا تقليد، أي بالرجوع إلى مرجع ديني غير مبريء للذمة بصرف النظر عن التفاصيل.

أمّا الخط الثاني فالمقصود به كما بينت في مقال سابق العلماء الذين لهم حضور علمي بارز متميِّز، لهم بحوثهم وطلابهم وورؤاهم في علوم لدين وفي مقدمتها الاصول والفقه، وغالبا ما يكونون معروفين في الوسط العلمي ومن أجل ان لا يتداخل الموضوع أشير إني إنّما اكتب في الموضوع ذاته، وفي البين أن النجف قد تكون مقبلة على ندرة أو إنعدام فرصة المرجعية ذات الأفق العالمي الشمولي تقريبا، كما هو الصدر والسيستاني والخوئي على سبيل المثال وليس الحصر.

إمّا الشأن العام فيتعلق بشؤون الامة والدولة والحكومة ذات الافق الواسع والحضور الموجِّه والفاعل والموقع العميق في صميم هذه (الوحدات)، ربما يتوقف عليها بشكل من الاشكال وصورة من الصور وحالة من الحالات مصير وطن وشعب ودين ومذهب، كما هو موضوع حرب أهلية لا سمح الله ولا قدّر، وحقوق الاغلبية من الناس، واستبداد السلطة التنفيذية بالحريات، والأمن الاجتماعي، وانحراف سيرة البرلمان بحدّة، وانتشار الفساد في اجهزة الدولة والحكومة والمؤسسات العاملة، وما شابه.

ومن المعلوم ان المرجعية المتمثلة بالسيد علي السيستاني تدخلت بالشان العام، نقدا وتعديلا واقتراحا، وأحيانا كما هو الفرض، ومن النماذج الحية هنا كتابة الدستور بيد عراقية، واعلان الجهاد الكفائي، والمطالبة بخروج قوات الاحتلال، وترشيد الانتخابات، وكان لبعض نماذج التدخل الدور الاكبر في تحقيق نتائج إيجابية على صعيد حفظ الوطن والشعب والدين، أقصد فتوى الجهاد الكفائي، وكثيرا ما كانت المرجعية السيستاني تؤشر إلى انها لا تتدخل بالجزئيات وإنما تترك ذلك للبرلمان والسلطة التنفيذية، وقبل ذلك إرادة الشعب العراقي الكريم.

والحقيقة إن هذه المرجعية الطيبة استحوذت على قلوب الملايين من العراقيين وغير العراقيين لا من جهة العلم بالدين فقط، ولا من جهة زهدها الذي اعترف به الجميع، ولا من جهة زعامتها الحوزوية، بل إضافة إلى ذلك هذا النهج القويم تجاه السلطة والبرلمان والدولة والحكومة، حيث اكتفت بالتدخل الضروري، ومن هنا الفارقة المائزة بين نهج السيد السيستاني وكل من النهجين المتعاكسين، ولاية الفقيه والاعتزال.

النقطة الجوهرية هنا، إن تدخل المرجعية بالشان العام ساهم في تكريس هيبة المرجعية، وساهم في تفعيل الحياة السياسية الايجابية، وساهم في توسعة مساحة الوعي الشعبي، وساهم في تدعيم القيم الروحية في مواجهة الظلم والعدوان، وساهم في تشجيع المستضعفين على المطالبة بحقوقهم، ومن الحق ان نقول إن خطبة الجمعة كانت بلسما وتوجيها وترشيدا للشان العام.

من هنا ياتي الحديث عن دور الخط العلمائي الثاني من جهة الاهتمام بالشان العام فيما رحل بقية الكبار من المراجع أطال الله اعمارهم...

هل سوف يمارسون هذا الدور؟

فيما طرح كلٌ منهم نفسه مرجعا وتدخلوا بالشان العام سوف يعرض الاجتماع الى كثير من التشتت والتمزّق، وفيما اعتزلوا الاهتمام بالشان العام سوف يحجّم ذلك من دورهم حتى على مستوى الالتزام بفتاويهم، وإذا ما كان الموقف متفاوتا من " مرجع " إلى آخر فالامر لا يخلو بطبيعة الحال من التضارب والتناقض وإن في قضية وأخرى، ولكن لو أن هذا الخط، فرسان هذا الخط أمضوا مرجعية أحدهم، ودعموه وعززوا موقعه، ففيما قرر التدخل بالشان العام ــ على الطريقة السيستانية ــ سوف تتعزَّز قيمة المرجعية في الاجتماع العراقي، وتعود فرصة التسديد الشعبي لمؤسسات الحكم والدولة، ويتنفس الناس الصعداء من جهة أن هناك قوة روحية عظيمة تقف معهم، وفيما تعرض الوطن او الشعب إلى الخراب والعدوان هناك القوة الروحية القادرة على مواجهة ذلك...

ولكن بطبيعة الحال هذا يتوقف فيما هذه الجماعة أو أغلبها تؤمن بالتدخل العام، ويبدو أن الامر كذلك، لأن الجميع يدرك ان هذا البلد إذا تُرك بيد هذه الطبقة الحاكمة دون رقيب وترشيد وتوجيه إنما يعني ضياع العراق...

وإذا ضاع العراق فلا دين ولا مذهب...

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

المتفرجون أعلاه

جينز وقبعة وخطاب تحريضي

تأميم ساحة التحرير

زوجة أحمد القبانجي

الخارج ضد "اصلاحات دارون"

العمودالثامن: جمهورية بالاسم فقط

 علي حسين ماذا سيقول نوابنا وذكرى قيام الجمهورية العراقية ستصادف بعد أيام؟.. هل سيقولون للناس إننا بصدد مغادرة عصر الجمهوريات وإقامة الكانتونات الطائفية؟ ، بالتأكيد سيخرج خطباء السياسة ليقولوا للناس إنهم متأثرون لما...
علي حسين

قناديل: لعبةُ ميكانو أم توصيف قومي؟

 لطفية الدليمي أحياناً كثيرة يفكّرُ المرء في مغادرة عوالم التواصل الاجتماعي، أو في الاقل تحجيم زيارته لها وجعلها تقتصر على أيام معدودات في الشهر؛ لكنّ إغراءً بوجود منشورات ثرية يدفعه لتأجيل مغادرته. لديّ...
لطفية الدليمي

قناطر: بين خطابين قاتلين

طالب عبد العزيز سيكون العربُ متقدمين على كثير من شعوب الأرض بمعرفتهم، وإحاطتهم بما هم عليه، وما سيكونوا فيه في خطبة حكيمهم وخطيبهم الأكبر قس بن ساعدة الإيادي(حوالي 600 ميلادية، 23 سنة قبل الهجرة)...
طالب عبد العزيز

كيف يمكن انقاذ العراق من أزمته البيئية-المناخية الخانقة؟

خالد سليمان نحن لا زلنا في بداية فصل الصيف، انما "قهر الشمس الهابط"* يجبر السكان في الكثير من البلدان العربية، العراق ودول الخليج تحديداً، على البقاء بين جدران بيوتهم طوال النهار. في مدن مثل...
خالد سليمان
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram