اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > الدبلوماسية الزراعية الصينية في الشرق الأوسط: تأثيرات سياسية أم تجارية؟

الدبلوماسية الزراعية الصينية في الشرق الأوسط: تأثيرات سياسية أم تجارية؟

نشر في: 19 مايو, 2024: 10:23 م

جان – مارك شوميه

ترجمة: عدوية الهلالي

يشكل اعتماد الصين على الغذاء أحد المخاوف إذ تستخدم الجمهورية الشعبية هذا القطاع كوسيلة للتأثير على الدول التي تسعى إلى التعاون؛ ويتم استهدافها وفقًا لإمكاناتها الزراعية ووضعها الاقتصادي. وإذا أظهرت فائضاً تجارياً مع الشرق الأوسط، فإنها تركز جهودها على التبادلات الفنية لأغراض سياسية.

ولا تقتصر مشكلة الغذاء في الصين على إطعام 18% من سكان العالم من خلال 8% من الأراضي المزروعة، فالصين دولة زراعية كبيرة وتحتل المرتبة الأولى في إنتاج القمح والأرز والبطاطس والفراولة والتفاح والأغنام ولحم البقر، والثانية في إنتاج الذرة والدواجن. لكن مطابقة نوعية وكميات إنتاج البلاد مع متطلبات المستهلكين المحليين تشكل مشكلة. وبالتالي فإن الصين هي المستورد الرئيسي للسلع الزراعية والغذائية في العالم، في حين أنها المصدر الرابع بعد الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والبرازيل. ومن المتوقع أن تقترب مبيعاتها من 100 مليار دولار في عام 2022، بزيادة تقارب 60% خلال عشر سنوات.

ويلقي هذا الاعتماد بظلاله على العلاقات الدولية الصينية ويمكن أن يشكل نقطة ضعف تجاه الهدف السياسي للقادة الصينيين المتمثل في جعل بلادهم القوة العالمية الأولى في عام 2049. وتسلط الجمهورية الشعبية الضوء على رغبتها في تحقيق الاكتفاء الذاتي أو التحكم في الإمدادات، حتى لا تعتمد على الخارج، خاصة أن جزءاً كبيراً من وارداتها يأتي من دول تواجهها بكين، مثل الولايات المتحدة أو أستراليا أو كندا. وتتلخص استراتيجية الصين للحد من هذه الروابط في تنويع مصادرها والاستثمار في المنتجات التي تحتاج إليها.

وتشتمل طرق الحرير الجديدة، التي تم إطلاقها في عام 2013، على مكون زراعي يساعد على تسريع استراتيجية الأمن الغذائي هذه. وبعيداً عن الجوانب التجارية البحتة، فقد استفادت الدبلوماسية الزراعية الصينية من هذه المبادرة لتحسين صورة البلاد في العالم. ومن خلال إنشاء المزارع التجريبية والاستثمارات والتعاون العلمي، تضع بكين دبلوماسية النفوذ موضع التنفيذ وتسعى بشكل خاص إلى حلفاء سياسيين جدد من خلال تعزيز التضامن مع البلدان النامية. ويهدف نشر التعاون الزراعي الصيني في المناطق ذات القيود الطبيعية القوية إلى تحقيق ثلاثة أهداف: السماح للمناطق المعنية بزيادة إنتاجها الزراعي من أجل الحد من مشترياتها من السوق العالمية، وتسهيل الواردات الصينية؛ وتحسين صورة الصين، التي غالباً ما يتم تقديمها على أنها "استعمار جديد" من خلال شراء الأراضي الدولية؛ وتعزيز العلاقات السياسية.

ومن الناحية الزراعية، تشترك الصين ودول الشرق الأوسط في العديد من أوجه التشابه. وفي مواجهة القيود الطبيعية فيما يتعلق بالإنتاج الزراعي، فإنهم مستوردون للمنتجات الغذائية الزراعية. وكما هو الحال مع الجمهورية الشعبية، استثمرت العديد من الأنظمة في المنطقة في الزراعة في الخارج لضمان أمنها الغذائي. ويمكننا أن نذكر المملكة العربية السعودية، وإيران التي طورت هذه الاستراتيجية في بلدان متنوعة مثل فنزويلا وكازاخستان وأوكرانيا وغانا وأذربيجان... بالإضافة إلى أن اهتماماتهم تتداخل أحيانًا في القضايا الزراعية، مثل الإنتاج في المناطق القاحلة، والري وتوفير المياه، ونقص الموارد العلفية، الخ.

وتتمحور العلاقات بين الصين والشرق الأوسط حول تجارة المواد الهيدروكربونية. وتعد المنطقة المورد الرئيسي للصين، وتأتي المملكة العربية السعودية في المقدمة. ونظراً لهذا الاعتماد، ترغب بكين في الحفاظ على علاقة مميزة مع القوى الإقليمية، مع الحفاظ على موقف حذر بشأن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. إن العلاقات التجارية الزراعية بين الصين والشرق الأوسط، كما هي الحال في أغلب مناطق العالم الأخرى، لا تقوم على العجز التجاري، بل على العكس من ذلك، تقوم على الفائض البنيوي. وهي تصدر منتجات غذائية زراعية إلى هذه المنطقة أكثر مما تستوردها.

وقد زادت المشتريات الصينية من دول المشرق في السنوات الأخيرة. ورغم أنها لم تتجاوز 500 ألف دولار حتى عام 2018، فقد وصلت إلى مليار دولار في عامي 2020 و2021. وقد زادت بسرعة أكبر من الواردات الزراعية والأغذية الزراعية الصينية، ولكنها لا تزال تمثل أقل من 1% من إجمالي قيمة المشتريات الصينية حول العالم. وترجع هذه الزيادة القوية بشكل أساسي إلى القفزة في الصادرات من الإمارات العربية المتحدة إلى الصين اعتبارًا من عام 2019.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

المتفرجون أعلاه

جينز وقبعة وخطاب تحريضي

تأميم ساحة التحرير

زوجة أحمد القبانجي

الخارج ضد "اصلاحات دارون"

العمودالثامن: جمهورية بالاسم فقط

 علي حسين ماذا سيقول نوابنا وذكرى قيام الجمهورية العراقية ستصادف بعد أيام؟.. هل سيقولون للناس إننا بصدد مغادرة عصر الجمهوريات وإقامة الكانتونات الطائفية؟ ، بالتأكيد سيخرج خطباء السياسة ليقولوا للناس إنهم متأثرون لما...
علي حسين

قناديل: لعبةُ ميكانو أم توصيف قومي؟

 لطفية الدليمي أحياناً كثيرة يفكّرُ المرء في مغادرة عوالم التواصل الاجتماعي، أو في الاقل تحجيم زيارته لها وجعلها تقتصر على أيام معدودات في الشهر؛ لكنّ إغراءً بوجود منشورات ثرية يدفعه لتأجيل مغادرته. لديّ...
لطفية الدليمي

قناطر: بين خطابين قاتلين

طالب عبد العزيز سيكون العربُ متقدمين على كثير من شعوب الأرض بمعرفتهم، وإحاطتهم بما هم عليه، وما سيكونوا فيه في خطبة حكيمهم وخطيبهم الأكبر قس بن ساعدة الإيادي(حوالي 600 ميلادية، 23 سنة قبل الهجرة)...
طالب عبد العزيز

كيف يمكن انقاذ العراق من أزمته البيئية-المناخية الخانقة؟

خالد سليمان نحن لا زلنا في بداية فصل الصيف، انما "قهر الشمس الهابط"* يجبر السكان في الكثير من البلدان العربية، العراق ودول الخليج تحديداً، على البقاء بين جدران بيوتهم طوال النهار. في مدن مثل...
خالد سليمان
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram