بغداد/ تميم الحسن

تزعم "المقاومة العراقية الاسلامية" وهي مجموعة من الفصائل المسلحة العراقية، انها قصفت اسرائيل نحو 100 مرة منذ حرب غزة، العام الماضي، فيما يقول سياسي معروف ان تلك الهجمات "غير دقيقة" وجاءت للتغطية على نقل السلاح والمال الى دول اخرى.

ومنذ شباط الماضي، دخلت الفصائل في هدنة مع القوات الامريكية في العراق وسوريا، في وقت يجري فيه التركيز الان على فتح جبهة في الأردن والخليج، بحسب ما أعلنته الحكومة الاردنية، وتسريبات من مصادر مطلعة.

وتلعب الجماعات المسلحة العراقية، بحسب ما تعلن عنه في بيانات، الدور الأساسي في الحرب بين اسرائيل وحماس، لكن السلطات في العراق تحاول ان تأخذ موقفا حياديا، وتقدم تعهدات لواشنطن بانها لن تنجر الى المزيد.

وبدأت التقارير الغربية تربط بين ما أعلنت عنه الحكومة الاردنية قبل أيام، من احباط مخطط لتهريب اسلحة ايرانية الى الاردن وتصريحات سابقة لكتائب حزب الله.

وبحسب وكالة "رويترز" نقلاً عن مصدرين أردنيين، قالت إن "الأسلحة أرسلتها ميليشيات مدعومة من إيران في سوريا إلى خلية تابعة للإخوان المسلمين في الأردن مرتبطة بالجناح العسكري لحركة حماس المتطرفة".

وتمت مصادرة هذه الشحنة عندما ألقي القبض على أعضاء هذه الخلية في أواخر شهر آذار. وبحسب هذين المصدرين فإن المعتقلين هم أردنيون من أصول فلسطينية.

وأكد المصدران أن "الهدف من المؤامرة هو زعزعة استقرار الأردن، الدولة التي يمكن أن تصبح نقطة اشتعال إقليمية في أزمة غزة لأنها تستضيف قاعدة عسكرية أمريكية وتشترك في الحدود مع إسرائيل وكذلك سوريا والعراق، وكلاهما موطن لميليشيات مدعومة من إيران".

وكان المسؤول الأمني لكتائب حزب الله أبو علي العسكري قد قال، مطلع نيسان الماضي، في منشور على قناته في تطبيق "تليغرام"، إن "المقاومة الإسلامية في العراق أعدت عدتها لتجهيز المقاومة الإسلامية في الأردن بما يسد حاجة 12 ألف مقاتل من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقاذفات ضد الدروع والصواريخ التكتيكية وملايين الذخائر وأطنان من المتفجرات، لنكون يداً واحدة للدفاع عن إخوتنا الفلسطينيين".

وأضاف، "جاهزون للشروع في التجهيز ويكفي في ذلك من حركة حماس أو الجهاد الإسلامي، لنبدأ أولا بقطع الطريق البري الذي يصل إلى إسرائيل".

وكان هذا الكلام قد جاء بعد ساعات من استهداف القنصلية الايرانية في سوريا، ما أدى لمقتل العميد محمد رضا زاهدي أحد قادة فيلق القدس في الحرس الثوري ونائبه، ومعهما 5 عناصر آخرين.

ومنذ ذلك الحين تصاعدت الهجمات التي تعلن عنها ما يسمى بـ"المقاومة العراقية" داخل اسرائيل، حيث بلغت في أول 200 يوم من حرب غزة، 88 هجوما.

وبحسب منشور في حسابات تلك الفصائل على "تلغرام" فانه خلال فترة الـ200 يوم (من 7 تشرين الثاني 2023 الى 24 آذار 2024) نفذت ما يسمى بـ"المقاومة العراقية" 243 هجوما، منها 90 هجوما في العراق، و65 في سوريا. ومنذ ذلك التاريخ حتى يوم امس (اكثر من 20 يوما)، اعلنت الفصائل في بيانات عن تنفيذ 22 هجوما على اسرائيل فقط، استهدفت مواقع داخل تل أبيب (عاصمة إسرائيل)، ومطارات جوية، ومنشآت نفطية وغازية.

وبحسب تلك البيانات ان الهجمات تنفذ بشكل شبه يومي، وأحيانا اكثر من هجوم في اليوم الواحد. وتتم الهجمات عن طريق مسيرات ثنائية، او صواريخ نوع "ارقب" وهي صواريخ كروز متطورة.

وكان وزير الخارجية فؤاد حسين، قد شكك في وقت سباق بالبيانات التي تصدرها ما تُسمى "المقاومة في العراق" والتي تعلن فيها بين الحين والآخر شن هجمات تستهدف مناطق داخل اسرائيل.

وقال حسين في مقابلة مع اذاعة "صوت أمريكا" الشهر الماضي، "قرأت البيانات الصادرة، ولكن الجانب الآخر لم يقل إنها صحيحة، وأنا لا أعرف هل هذه البيانات للاستهلاك الداخلي أو أنها حقيقة؟".

مرحلة خطيرة..

الى ذلك يقول السياسي والنائب السابق مثال الالوسي ان "الاوضاع الان حرجة وخطرة".

الالوسي اكد في مقابلة مع (المدى) ان "الفصائل في العراق اصبحت بموقف قوة بعد استلام الاطار التنسيقي السلطة، وتملك غطاء رسميا وتمويلا حكوميا وتستفيد من المساحات السياسية التي توفرت لها".

وأضاف: "حكومة الاطار بعد زيارة واشنطن، الشهر الماضي، اصبحت في موقف صريح بانه لا حديث عن انسحاب امريكي، ولا مواجهة، وانما توافق عراقي - امريكي، تمهيدا لاتفاقات جديدة تريدها واشنطن، وهذا يفسر خفض الوتيرة في سوريا والعراق".

اما عن بيانات الفصائل في استهداف اسرائيل، يرى النائب السابق ان "جزءا منها صحيح لكن تأثيرها قليل جدا"، مبينا ان "الصواريخ والمسيرات لا تصل اهدافها وان وصلت فإنها غير مؤثرة".

ويعتقد الالوسي ان تلك "البيانات او الاعلانات هي جزء من الغطاء الذي تحتاجه الفصائل لتمرير مشاريع ثانية في المنطقة".

ويتحدث العضو السابق بلجنة العلاقات الخارجية في البرلمان عن ان خفض التصعيد الايراني في سوريا والعراق "يقابله تدريب طهران لخلايا في البحرين ومليشيات في الإمارات والسعودية بحسب ما تسرب من معلومات".

ويتابع ان "اهدافا اخرى تجري وراء خفض التصعيد، وبينات قصف اسرائيل، هي نقل الفصائل العراقية المال القادم من الموازنة وابواب الفساد الى لبنان، وكذلك السلاح للتحضير الى معركة قاسية في جنوبي لبنان".

بالمقابل يشير الالوسي الى ان وجود تعهدات عراقية على مستوى رفيع جدا الى الاطراف الامريكية، بان العراق سوف يكون "منضبطا ولن ينجر إلى مواجهة مع اسرائيل"، مبينا ان هذه التعهدات "هي التي أوقفت الاستهداف الاسرائيلي بضغط امريكي بينما اسرائيل كانت تريد الاستمرار بضرب اهداف في العراق". وكان عمار الحكيم، احد زعماء الاطار التنسيقي الشيعي، اعترف في وقت سابق، ان جماعات عراقية استخدمت اراضي البلاد في عمليات عسكرية.

وعلق في ملتقى حواري جرى في السليمانية الشهر الماضي، حول طريقة التعامل مع تلك الجماعات بانه يجب اتباع "سياسة الاحتواء وليس سياسة الكسر" لأن ثمنها سيكون باهظا على البلاد. الى ذلك قال سرمد البياتي، الباحث في الشأن الامني في اتصال مع (المدى) انه "لا توجد وسيلة للتأكد من بيانات الفصائل حول الهجمات داخل اسرائيل".

واضاف: "الفصائل تعلن عن هجمات شبه يومية والعدو (اسرائيل) لا يعلق على ذلك حتى الان.. ربما سيرد في وقت هو يعتقده مناسبا".

واشار البياتي الى انه حتى الان، وبدون وجود رد من الطرف الاخر، فإن "البيانات الصادرة من المقاومة (الفصائل) صحيحة، وليست لدينا نقطة اتصال مع العدو (اسرائيل) او وسائل رصد جوي تؤكد بان الضربات حققت اهدافها او لا".

وعن هدنة الفصائل، اكد البياتي انها "تشمل عدم استهداف القوات الامريكية في المنطقة ولا تشمل ضرب اسرائيل".