غالب حسن الشابندر
" 3"
فيما إذا خرجت المرجعية من العراق / النجف !
إذا خرجت المرجعية الدينية من النجف الى ايران سوف تكون النجف على هامش الوجود الشيعي، وسوف يعاني الشيعة والتشيع في العراق مصائر غير محمودة، ستتحول الساحة الشيعية في العراق في مثل هذه الحالة الى مزيد من التشظي والارتباك،
وتتوسع المساحة العازلة بين شيعة العراق وشيعة ايران، وتتصاعد النزعات القومية وتدخل في صميم الاختيارات المرجعية، سيكون العراق وشيعته ميدان فوضى عارمة فيما خرجت المرجعية من النجف.
المشكلة إن النجف تخلو من مراجع على مستوى الآباء الاولين، وهذا يعني فيما تم أختيار مرجع عراقي من الخط الثاني،حتى لو كان باتفاق رموز الخط ــ وإن اجمالاــ سوف لا تتسع مرجعيته لشيعة العالم ،كما هي مرجعية الآباء الاولين، وهذه الثغرة ربما تكون في صالح مرجعية ايرانية، اي من ايران، في إيران لان هناك من المراجع ما هو قريب المستوى والمنزلة والشهرة من (الاباء الاولين) ، وإن بندرة كذلك .
المعطيات لا تشجع على انبثاق مرجعية عراقية مستوعبة لشيعة العالم، مما يساهم في تقليص دور النجف العلمي والسياسي والاجتماعي حتى في العراق، اللهم الّا إذا حصل ما لم يخطر بالبال، ولست مؤمنا بنظرية (اللطف الالهي) في مثل هذه الحالات.
فما العمل إذن ؟
وبناء على هذا التوقع السيء جدا ،ينبغي على رموز الخط الثاني في العراق تدارك هذا الامر، وصرف جهود في غاية الدقة والسعة لاستيعاب شيعة العراق بشكل مركَّز ومصيري، وفيما كانت مثل هذه الجهود وقد تحقق المطلوب منها، سوف تستعيض النجف عن انحسارها عالميا بموقعها المركزي والمتمكِّن داخل العراق، بل إن ذلك قمين بأن يحافظ على بعض امتداداتها في الكويت والبحرين والسعودية، فإن بناء قاعدة شعبية عريضة واسعة للمرجعية في العراق ينعكس عفويا وانسيابيا على موقعها ومنزلتها في اقطار أخرى، خاصة العربية منها .
مسؤولية العلماء ـ الخط الثاني
إن مسؤولية الخط الثاني كبيرة، محيرة، تتطلب اولا وقبل كل شيء ادراك حجم هذه المسؤولية، وتتطلب إدراك مصير أمة ومذهب وجماهير ودين وكرامة، وتستوجب في الدرجة الاولى تغليب المصلحة العامة على حق الاعلمية والافضلية، وما قيمة (حق) الاعلمية والافضلية إذا ارتبكت الناس في تشيعها وامنها؟ وما هي قيمة تقليد بضع مئات أو آلاف، او ملايين تجاه انهيار كيان بكامله؟
إن منطق (حق) الاعلمية حيث هو ذاته محل نظر لدى بعض العلماء لا يساوي شيءا تجاه مصير بلدان وشعوب وافكار، وهل حق الاعلمية اليوم يفوق في قيمته الموضوعية والاخلاقية والاجتماعية حق امير المؤمنين عليه السلام بالخلافة.
لست واعظا، واكره الوعظ من طرف واحد، لان الوعظ الشيعي الحقيقي هو حوار بين واعظ ومتعظ وليس إلقاء فوقيا، ولا هو حرفة أو مهنة.
أنا أتحدث هنا كـ (راصد) وليس كـ (واعظ)، وانطلق من مرتكزات واقعية، لست مجتهدا ولا عالم دين.
ولكن السؤال المطروح هنا هو :
ما المقصود بـ (علماء الخط الثاني) ؟
علماء الخط الثاني يكاد ان يكونوا معروفين لدى الوسط العلمي النجفي بشكل عام ، وهم عادة يًشار إليهم بالبنان ، مجتهدون ، يمارسون التدريس على مستوى عال ، لهم بحوثهم المعروفة ، ولهم طلُّابهم ،المتيزون وكتّاب تقاريرهم ، تتلمذوا على أياد لمجتهدبن ومراجع كبار ، مثل الشهيد الصدر، والسيد السيستاني ، والسبزواري الكبير ، ولهم رؤاهم المستقلة في اصول الفقه وعلم الرواية والدراية والرجال والفقه ، اسماؤهم مطروحة تقريبا للتصدي .
الحل لدى هذه الثلة المؤمنة الطيبة من العلماء الأبرار .... جميعا وليس فردا بعينه ...
وإلّا المرجعية بثقلها العالمي المعروف في خبر كان ...