اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > لنتحدث وطنياً بأسم الاحزاب والتيارات السياسية لا بالمكونات

لنتحدث وطنياً بأسم الاحزاب والتيارات السياسية لا بالمكونات

نشر في: 13 مايو, 2024: 10:19 م

عبد الحليم الرهيمي

دأبت غالبية الاحزاب والتيارات السياسية على الحديث وتقديم نفسها بأسم الانتماءات المذهبية والطائفية ‏والقومية او الأثنية التي تنتمي اليها وليس بأسم التسميات الرسمية لتلك الاحزاب والتيارات، وتبرر حديثها او ‏توصيفها لنفسها مرة بأسم المظلومية المذهبية كياناً ومنتمين مثل الاحزاب والكيانات الشيعية والسنية، ومرة ‏بأسم المظلومية القومية والاثنية لكياناتها والمنتمين اليها، مثل الاحزاب والجماعات الكردية والتركمانية ومرة ‏ثالثة باسم المظلومية الدينية كيانات ومنتمين كالطائفة الدينية المسيحية وتعبيراتها المذهبية. ‏

وبالطبع، أذا ما تجاوزنا نشأة واستمرار هذه الاحاديث والتوصيفات خلال العهود التي سبقت العهد الذي بدأ ‏عام 2003 الذي وصف بعام التحرير والتغيير الواعد باقامة نظام ديمقراطي، فأنها استمرت او تجددت في ‏هذا العهد بشكل اكثر سوءاً، بل يعتبرها الكثيرون انها تشكل احد الاسباب الرئيسية لحالة الخراب والدمار ‏الذي وصل اليها العراق جراء السياسات التي مورست على تلك الاسس. ‏

ولأن احداً لا يمكنه أنكار تلك (المظلوميات) بحدود تعبيراتها قبل سقوط نظام الحكم السابق او ما بعد 2003، ‏فأن ما لا يمكن انكاره او تجاوزه هو الاستخدام والتوظيف السياسي الاسوء والابشع الذي ترتب على تضخيم ‏ذلك والمبالغة في الحديث بأسم الكيانات المذهبية والاثنية والطائفية في العمل السياسي والصراعات السياسية ‏منذ ذلك التاريخ وحتى الان، لما ترتب ذلك من نتائج سلبية كبيرة على مسار العمل السياسي. ‏

وكان واضحاً جداً لدى خبراء السياسة وعلمي النفس والاجتماع، ان الاستخدام والتوظيف المتضخم للمذهبية ‏والاثنية والطائفية، منذ العهود السابقة لعام 2003، كانت بدرجة اقل كثيراً بعد هذا العام، أذْ اظهرت ان ‏اصرار التنظيمات والجماعات المذهبية والاثنية والطائفية – بمعظمها – أنها تتعمد ذلك لتحشيد المنتمين الى ‏كياناتها بكسب تأييدهم واصواتهم الانتخابية لاهداف حزبية وفئوية ومصالح شخصية اساساً، اذْ هي لا ترغب ‏او تعجز حتى من صياغة وطرح اهداف وبرامج سياسية واجتماعية واقتصادية ناضجة تحقق لها الحشد ‏والتأييد الجماهيري الذي تريد فضلاً عن الاصوات الانتخابية والواقع ان التمهيد لاستخدام وتوظيف المذهبية ‏والطائفية والاثنية في الحياة السياسية ما بعد 2003 هو مؤتمر المعارضة العراقية الذي اقيم في احد فنادق ‏لندن نهاية العام 2002 وقبل الاطاحة بنظام صدام بعدة اشهر قد شرع او أسس او مهد للعمل الطائفي ‏المذهبي الاثني، عندما توصل المؤتمر الى (توليفة) القيادة للمعارضة بحيث تضم معبرين عن مختلف ‏المذاهب والطوائف والاثنيات العراقية لأرضاء الجميع فتشكلت قيادة من 65 عضواً بعد جدل ونقاش لساعات ‏طويلة بدأت باقتراح قيادة من 25 عضواً (وهي التي اعتمد مثلها وبنفس المواصفات بتشكيل (مجلس الحكم) ‏والتي ضمت 13 عضواً من احزاب وجماعات سياسية عن ما يسمى المكون الشيعي و 5 اعضاء من ما ‏يسمى بـ (المكون الكردي) و 5 اعضاء ممن سمي بـ (المكون السني) مع عضو مسيحي واخر تركماني. ‏وبسبب اعتراض البعض على النسب رفع المؤتمر التعداد الى 35 عضواً ثم الى 45 ثم اعتمد العدد 65 ‏بالنسب التي اتفق عليها. ‏

هذا (الانجاز التاريخي!) الذي حققه مؤتمر المعارضة آنذاك وتم الاخذ به ما بعد 2003 شكل جرثومة ‏السياسة المذهبية والطائفية والاثنية التي مورست – وما تزال – في السياسة الرسمية العراقية والحزبية، وبما ‏اسفرت عن محاصصة (مقيته)! كما يقول الجميع وعن صراعات مذهبية وأثنية ودينية تطفو على السطح مرة ‏وتكمن وتتراجع في فترة اخرى. ‏

ولأن احد تعبيرات الممارسات المذهبية والطائفية والأثنية هو استمرار، او الاصرار، على الحديث بأسم هذه ‏الكيانات رغم تسمية احزابها وتياراتها وجماعاتها باسماء تحمل صفات سياسية، فان احدى سبل التخلص من ‏لغة المكونات هي استخدام الاسماء الرسمية لتلك الاحزاب والتيارات بالحديث مثلاً عن الخلافات السياسية تتم ‏بين تلك الاحزاب والتيارات والجماعات السياسية لا بين (المكونات) او بين الانتماءات المذهبية والاثنية ‏والطائفية، وان الصراع والخلاف مثلاً بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني او السلطة ‏الاتحادية وليس بين الاكراد والعرب، او الصراع بين (تقدم والسيادة) و (الاطار التنسيقي) وليس بين مكونات ‏تلك التنظيمات و (الاطار التنسيقي) الشيعي.. هذه اللغة او الحديث عن احزاب وجماعات وتيارات سياسية ‏وليس الحديث بأسم المكونات وهو ما يساعد على التخفيف تدريجياً من وطأة الآثار السلبية للحديث بأسم ‏المكونات السائد الان الذي يوغر صدور المنتمين لتلك المكونات عند بروز صراعات حادة بينها، بينما لا ‏مصلحة او (لا ناقة ولا جمل) بها – كما يقال – لابناء تلك المكونات!. ‏

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

وزير الداخلية في الفلوجة للإشراف على نقل المسؤولية الأمنية من الدفاع

أسعار الصرف في بغداد.. سجلت ارتفاعا

إغلاق صالتين للقمار والقبض على ثلاثة متهمين في بغداد

التخطيط تعلن قرب إطلاق العمل بخطة التنمية 2024-2028

طقس العراق صحو مع ارتفاع بدرجات الحرارة خلال الأيام المقبلة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram