TOP

جريدة المدى > منوعات وأخيرة > في بيت المدى.. الكلمات والدموع ومشاعر الحب والشعر يحتفون بالراحل عوني كرومي

في بيت المدى.. الكلمات والدموع ومشاعر الحب والشعر يحتفون بالراحل عوني كرومي

نشر في: 12 مايو, 2024: 11:04 م

بسام عبد الرزاق

اقام بيت المدى في شارع المتنبي، الجمعة الماضية، جلسة استذكار واحتفاء بالمخرج المسرحي الكبير عوني كرومي، تلألأت فيها كلمات الأحبة ومشاعرهم، فضلا عن شكرهم للتكريس الذي دأبت عليه مؤسسة المدى، وهي تحتفي برموز الثقافة العراقية، وتعيد الاحتفاء بهم دوما.

ميسر الجلسة د.سعد عزيز صاحب، قال في مستهل تقديم الاستذكار، ان "الراحل عوني كرومي اخرج للمسرح أكثر من 70 عملا مسرحيا رائقا وناجحا، وجذب اليه العالم وجذب اليه طبقات المجتمع المختلفة، وينطلق هو من الطبقة العمالية وكانت شواغله الحفر في الطبقة العمالية منذ بداياته، وهذا يرجع الى كون والده عامل مطبعة في الموصل".

وأضاف، ان "من المسرحيات التي اشتغلها الراحل "غاليلو" "القائل نعم والقائل لا"، "فوق رصيف الرب"، "الغائب"، "كشخة ونفخة"، "ترنيمة الكرسي الهزاز"، و"المسيح يصلب من جديد"، وكان آخر عروضه مسرحية "السيد والعبد".

ولفت الى ان "كرومي حصل على لقب وسيط الثقافات من مركز "برخت" في برلين، وأصدر عنه الناقد الراحل الكبير علي جواد الطاهر كتابا بعنوان "عوني كرومي والمسرح الشعبي"، وكانت اطروحته للدكتوراه "النص السومري القديم" اشتغل عليه الراحل ونقب فيه واخرج الأصوات الدرامية من هذا النص العظيم".

د.عواطف نعيم، في أولى المداخلات، اشارت الى ان "هذه الجلسة التي اقامتها المدى هي ليست الأولى، اذ سبق وان احتفت المدى بعوني كرومي سابقا".

وأضافت، انه "أتكلم عن عوني كرومي الانسان الذي أحب، والذي علمنا حين كنا ندرس العلم على يديه، ان العمل في المسرح كما هو العمل في الوطن عبارة عن محبة، وعليك ان تحب من يعمل معك، وعندما تمنحه المحبة تمنحه الحافز والقدرة على الابداع، ولعل هذا ما كان يميزه عن غيره من الأساتذة الذين علمونا، ودكتور عقيل مهدي هو واحد من الأساتذة الذين تشرفت بأنهم علموني وكان يزرع المحبة بيننا، كذلك فاضل خليل كان يغرس المحبة بيننا".

وأكملت، ان "عوني كرومي كان محبا للعلم بشكل خطير، وكان يطلب منا ونحن في الدراسات الأولية في فن الإخراج المسرحي ان نقرأ في الأسبوع عشرة كتب ونلخصها ثم نأتي بها اليه، وكنا 9 طلبة فقط ممن يدرسون الإخراج على يديه، وتصورنا بالبداية ان عوني كرومي لم يقرأ هذه العشرة ملخصات وانه سيكتفي بأخذها ثم يقول اقرأها لاحقا، ولكن كان كرومي يقرأ كل الملخصات ثم يأتي ليناقشنا واحدا واحدا بالتفصيل الدقيق لكي يعرف كم تعلمنا من قراءة هذا الكتاب وذاك الكتاب وما هي الأفكار التي استنتجناها من هذه القراءات". وبينت، انه "كنا فعلا نقرأ كي نستطيع ان نرضي هذا الانسان الكبير ونتباهى ان عوني كرومي ربت على كتف واحد منا او اجلسه بقربه".

د.عقيل مهدي، بدوره ذكر ان "الراحل عوني كرومي يقول "إني افتخر ان دسكاتور هو معلمي، وهو الذي نقل برخت من حال الى حال".. وتعلم منه كرومي الكثير ومن ضمن الأمور التي تعلمها كيف تربط الاممي بالمحلي ولهذا حين قدمنا عمل "الانسان الطيب" جاء بالموسيقار رائد جورج للعزف على البيانو وبألحان ذات طابع عراقي فولكلوري وكذلك حواراتنا الشعبية وكان العمل فيه نمط من احترام خصوصية المرأة وجمالها، ولكن العمل الملحمي كما يقول الكثير من المنظرين الكبار في المسرح، انه لا يمكن النظر للمرآة من زاوية واحدة كونها تترصد أشياء لا نراها".

من جانبه، أشار د.جواد الاسدي، الى انها "لفتة عظيمة من مؤسسة المدى للاحتفاء بمخرج استثنائي كبير هو عوني كرومي، الذي ترك اثرا كبيرا في الحياة المسرحية العراقية والعربية".

وبين ان "أكثر ما لفتني في واحدة من الالتفاتات المهمة التي جعلتني أفكر جديا بوجود رجل مسرحي حقيقي استطاع ان يجمع بين فكرة الانسان وعلاقته بالمسرح، وكيف انسن الحياة المسرحية وتحول من رجل مسرح الى ما يشبه القديس، وعوني كان يشبه القديس في سلوكه الانساني وعلاقاته الاجتماعية مع المسرحيين العراقيين والعرب والأجانب، وكان يدافع عن البروفا وكانها المطلق النهائي في حياته اليومية، ولا توجد لديه مسرة خارج البروفة". وتابع، انه "ابن جيل قديسي وابن الأساتذة القديسين وعلى رأسهم جعفر السعدي وإبراهيم جلال وجاسم العبودي وبدري حسون فريد وسامي عبد الحميد، هؤلاء الذين اعطونا ثمرة حياتهم وخرّجوا اجيالا من المسرحيين العراقيين".

د.محمد أبو خضير، قال إنه "اجد ان عوني كرومي كان اسيرا للأطروحة البرختية، لاسيما في مرحلة الرومانسية البرختية، وكان همه الكبير ان يتحول مبشرا للبرختية في الساحة المسرحية العراقية، وكأنه اقام فاصلا بينه وبين الاطروحات وربما عدم قناعته بما طرحه إبراهيم جلال".

وأوضح، ان "هذه الابوة تكاد تضمحل وتنحل الى مرحلة أخرى، ونسميها مرحلة تبيئة البرختية أي اننا نأتي بفكرة ما لدى الاخر ومن ثم نأتي الى انحلالها داخل خامة او متن الثقافة العراقية، فذهابه الى الاشتباك في النصوص الشعبية هو نوع من التبيئة، وبذلك بدأت ذاتية عوني كرومي تظهر الى السطح"، لافتا الى ان "كرومي ربما، في علامة "ترنيمة الكرسي الهزاز" هذه العملية بدأ عوني كرومي بخلق خطاب شيزوفرينيا العرض، والا كيف الجمع بين عملية التكسير او التغريب وبين الاندماج والانهمام الذاتي والطاقة السايكولوجية للممثلتين، وهنالك اندماج هائل داخل الممثل وداخل الجمهور، ولكن عوني في لحظة انتفاض على الاطروحة دخل في عملية تبيئة المكونات الذاتية لديه".

وذكر ان "عوني في لحظة النقد، كانت النقدية العراقية مستأنسة بأطروحته، ومازال الراسب الشجني والاحساس الكبير لـ"ترنيمة الكرسي الهزاز" في دواخلنا وهذه واحدة ربما من هفوات النقد".

الفنان المسرحي، رائد محسن، قال ان "اول عمل في حياتي كان مسرحية "الغائب" وكانت عن طريق الصدفة، حين قدمت الى الكلية، وكان الراحل عوني كرومي في لجنة القبول، وكانت المصادفة ان لديه عرضا في الفرقة القومية لمسرحية "الغائب" في افتتاح المسرح الوطني، وبعد قبولي قال لي يمكن ان تعمل معنا في الفرقة".

ونوه الى ان "المصادفة تغير الحياة، وهذه المصادفة غيرت حياتي وجعلتني امشي في طريق مختلف لو لم يكن لعوني هذا الدور، وبالامس كنت مشاهدا لفنانين عراقيين كبار واذا باليوم الذي بعده أكون زميلهم في عرض مسرحي، وهي أسماء كبيرة جدا، وكانت بطلات العرض ازادوهي صاموئيل وسليمة خضير بالإضافة إلىعزيز خيون، وكان اول عرض لبهجت الجبوري وسمر محمد وانا، وكانت في العام 1982".

وذكر، ان "عوني كرومي رسم لي خارطة طريق، وما هو دور المثقف والفنان وكيف يمكن ان يغير المجتمعات ومسرحه كان مسرح تثوير وتوعية للناس بما يحدث، واحدى التجارب "الانسان الطيب" كانت تجربة ضخمة، ويضعني فيها وسط عمالقة المسرح العراقي، مع يوسف العاني وجعفر السعدي وخليل شوقي، وبعد أسبوع ابلغته اني اريد ان اترك العمل، فقال لي ان هذه الفرصة اعرف انك ستستطيع اليها سبيلا، ونجح العمل واستمر بالعرض لمدة ستة اشهر".

د.حسين علي هارف، قدم شكره لمؤسسة المدى لإصرارها على مشروع الوفاء واستذكار اعلام الثقافة العراقية، وتمنى ان يوثق المشروع في مجموعة إصدارات.

وأضاف، ان "كرومي هو من رصّن لديّ فكرة منهج برخت عن الوعي، عندما شاهدت مسرحية "الانسان الطيب"، فكرة ان منهج برخت هو أكثر صلاحية لشعوب الشرق الأوسط ومنها الشعب العراقي، لما ينطوي عليه من هدف تنويري تحريضي بالمعنى المستتر والملغز لا الراديكالي الصارخ العنيف، وفعلا ان "الانسان الطيب" التجربة الأكثر نضجا واحترافية في تقديم برخت عربيا". وتابع، ان "كرومي عرفنا كيف يكون عليه عرض برخت، وهذا الجمع بين الأجيال الذي كرره في أكثر من عمل، وتأثيرات عوني كرومي الى جانب الفنية، ركزت على جانب الأستاذ المعلم وكان الامر لا يشمل جميع الأساتذة، وكان كرومي شغوفا بالطلبة والتفاعل معهم على خشبة المسرح".

الفنان حكمت داود، قال إن "هناك اطلالات مهمة في حياة عوني كرومي، وحين نريد ان نفهم هذا التوجه البرختي، يجب ان نعود الى مرجعيته الفكرية، اذ كان تقدميا في الروح والممارسة وفي كل المعايير، حتى في انتخابات الطلبة عام 1968 وطلبت منه الترشيح، قال انا معكم في الرؤية والمشروع ولا أكون في التنظيم كي لا أفقد حريتي الإبداعية".

ولفت الى ان "كرومي عندما تشكلت جماعة المسرحيين الشباب كان من المؤسسين الأوائل، وهذه النواة كانت مهمتها الانتقال بالمسرح من الفضاء الى المعامل والمزارع والمصانع والمحافظات، ووضعت ورقة عمل للنهوض بواقع العمل المسرحي والخروج من قوقعة الفرق المسرحية التي تكبل الطاقات الشبابية الإبداعية".

من جهته قال الفنان بشار طعمه، إن "اول مرة اشاهد الراحل عوني كرومي كانت عام 1975 في مسرحية "مبادرات عاملة" وكانت اطروحته وجاء معه أستاذ من المانيا وعرضت في المسرح القومي، وهو أيضا ممثل إضافة الى كونه مخرجا".

الفنان عزيز خيون، قال إن اول عمل جمعه مع عوني كرومي كان "المسيح يصلب من جديد" واخر عمل معه في المانيا "ليلة السكاكين الطويلة".

وقرأ قصيدة رثى فيها الراحل كرومي، قال فيها:

في ذلك النهار

المكفهر الأدرد الثقيل

نهار صفحت في العالم المائل بهزار ابتسامتك الساخرة

معيدا كان القدر

آه من ذاك النهار

النهار القتيل

الذي ارتدى فيه الكون ملاءة النواح واطواق الضجر

هاتفني من حضر

ان موجا عاليا من المظلات السود كمم الفضاء وابتلع ضحكته المجلجلة

ان حشدا من محبيك طويلا

من اكسرت الغربة والاحزان خطوتهم وماراثون السفر

صوب برلين ثقالا فزعوا

تسابقهم امنية

ان الذي خطف الصباح من ارواحهم وفي أجسادهم

زرق الشلل

طش في وجوههم الكدر محض خبر..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

صدور المجلد العاشر من أضخم موسوعة أمثال عراقية وعربية

صدور المجلد العاشر من أضخم موسوعة أمثال عراقية وعربية

 ذي قار / المدى صدر حديثا عن دار الرفاه للطباعة والنشر المجلد العاشر من كتاب (سبعة آلاف مثل عراقي / جمهرة الأمثال في مدينة الناصرية) الذي وثق فيه الباحث حسين كريم العامل جانبا...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram