علي حسين
تحولت مواقع التواصل الاجتماعي في بلاد الرافدين والبلدان المجاورة لها ، إلى ساحة صراع بين مؤيدي قرار أمير الكويت بحل مجلس الأمة وتعطيله ، وأنصار الحفاظ على الديمقراطية ، ووجدنا من يصرخ :" إن صناديق الانتخابات هي وحدها التي تقرر مصير ملايين الناس" ،
ولم يلتفت صاحب هذه الصرخة إلى ما فعله بعض النواب الكويتيين الذين ينتمون إلى تيار الإسلام السياسي ، ومحاولاتهم لتضييق الحياة على الناس ، حتى قرأنا أن عدداً من النواب طالب باصدار قانون يحظر إجراء عمليات التجميل ، ووجدنا عدداً آخر من نواب مجلس الأمة الكويتي يصرخون من أجل منع دخول الكتب والمطبوعات من خارج البلاد حفاظاً على القيم.
وأنا أقرأ التعليقات المؤيدة لقرار أمير الكويت والتعليقات المنزعجة منه لفت انتباهي تعليق يلخص صاحبه المشكلة حيث كتب :" بشخطة قلم ارتحنا لمدة 4 سنوات من سماع أصوات بعض الدجالين والمشعوذين اللي دمروا الكويت من أجل مصالحهم الشخصية " وتمنيت لو نمتلك من لديه سلطة " شخطة القلم " هذه ليخلصنا من مجلس نوابنا الذي تحول من مؤسسة مهمتها تشريع القوانين التي تخدم العراقيين جميعا بلا استثناء إلى منصة تبث رياح التفرقة والطائفية بين العراقيين . في مقابل صاحب عبارة " شخطة قلم " ، كان هناك فريق يتباهى بالتجربة الديمقراطية في العراق حيث كتب مواطن عراقي يتمتع بخيرات ومحاسن مجلس النواب :" مبروك عليكم موت الديموقراطية " . الذين يتباهون بديمقراطيتنا ، لا يريدون أن يلتفتوا للحاضر قليلاً. في بلد مثل العراق يمتلك ثروات هائلة صنفته مجلة "فوربس" الأمريكية، بأنه واحد من أبرز الاقتصاديات العربية، بناتج محلي يصل إلى "191" مليار دولار عداً ونقداً، في الوقت الذي ينتظر فيه المواطن العراقي أن يحتفل باليوم الذي يتخلص فيه من المولدات والبطالة ومن شعارات عالية نصيف.
سيقول البعض يارجل، صدعت رؤوسنا بالكتب والتغني بمقولات روسو وفولتير، واليوم تقف مع انقلاب ضد الشرعية، أيها السادة على مدى عشرين عاماً عشنا في هذه البلاد مع مجالس نواب منتخبة ليس لديها شيء تقدمه للعراقيين، مهمتها إعلان الحرب على النساء وحقوقهن، وإعلاء شأن كل فاشل وانتهازي وسارق .
ظلت الناس تأمل بسياسيين يعلون مبدأ الحوار السلمي، شعارهم القانون أولاً وأخيراً، لكنهم وجدوا أمامهم عقلية سياسية تتعامل مع الجميع باعتبارهم أعداء للوطن وعملاء للخارج، كانت الناس تأمل بسياسيين يخرجون البلاد من عصر الفساد والقمع إلى عصر الحريات، فوجدوا أمامهم نواب يريدون إعادة البلاد إلى زمن القرون الوسطى وعهود الظلام.
التغيير ليس بانتخاب مجلس نواب ، بقدر ما هو تفكيك بنية سياسية ترى في كرسي البرلمان حقاً شرعياً ، وتعيد إنتاج الفاشل كل مرة بوجه جديد وبشعارات وخطب جديدة .