اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > المرجعية الدينية... ماذا عن المستقبل؟

المرجعية الدينية... ماذا عن المستقبل؟

نشر في: 11 مايو, 2024: 09:35 م

غالب حسن الشابندر

" 2 "

تكلَّمت في الحلقة الاولى عن معالم الخطر الذي يحف المرجعية الدينية الاسلامية الجعفرية، وتساءلت في الاثناء عمّا يخبيء المستقبل لهذه المرجعية، وفي هذه الحلقة أعالج بعض الانتقادات التي وجهتها بعض الاوساط من داخل الوسط المرجعي لتدخل المرجعية بالذات بالشأن السياسي العام.

ماذا لو أن الآباء الأولين لم يفتوا بمقاومة الاحتلال الاجنبي للعراق، وماذا لو ان الآباء الاولين لم يفتوا بمحاربة داعش، وماذا لو أن الآباء الأولين لم يفتوا بوجوب كتابة الدستور بايد عراقية، وماذا لو أن الآباء الأولين لم يفتوا بوجوب ارجاع الآثار المسروقة الى المتحف الوطني،وماذا لو أن الآباء الاولين لم يفتوا او يوجهوا بالتسامح والتفاهم بين مكونات الشعب العراقي في زمن التعنت والعمى الطائفيين، وماذا لو أن السيد السيستاني لم يشجع على الانتخابات، وماذا لو لم تكن هناك خطبة جمعة....؟

وإذا اردت ان اختصر القضية، اقول: ماذا لو ان الآباء الأولين لم يملأوا الفراغ المخيف الذي تركه سقوط صدام حسين؟!

وبعبارة اشد صراحة...

ماذا لو ان الآباء الاولين لم يتدخلوا بالسياسة؟

سمعنا: ان بعض مرشحي المرجعية بعد غياب الآباء الاولين المحتمل يستنكرون على الآباء الاولين تدخلهم بالشان العام، ويستنكرون عليهم البت في بعض خلافات القوى السياسية في العراق، بل ويستنكرون عليهم نداءتهم ونصائحهم لشيعة البحرين ولبنان وافغانستان على صعيد مواقف الشيعة من الانتخابات والعلاقات بالسلطة والأغيار، والحجة: إن هذا ليس من شؤون المرجعية...

سمعنا: ان بعضهم يقول يجب العودة الى نهج السيد الخوئي رحمه الله، وهناك تحريك من خارج الحدود بهذا الاتجاه الخطير، وأقول: ان هذا التفكير بلحاظ الواقع الذي يعيشه شيعة العالم، وشيعة العراق على وجه الخصوص إقصاء للمرجع والمرجعية، لا بقاء لمشروع المرجعية في هذا الزمن الملتهب بدون المساس بالواقع المتفجر.

وسمعنا: ان المرجع ينبغي أن يتدخل في كل صغيرة وكبيرة من شؤون السياسة، الحكومة، الدولة، الاحزاب، بل يشترط في ترشيح نفسه بان يكون مبسوط اليد، وكأنما يُمضي ولاية الفقيه المطلقة، وهو نهج رغم المفارقات الشرعية في صدده، وذلك في تقريرات الفقهاء أنفسهم، بما فيهم (الخط الثاني) يُدخلنا في حرب شيعية / شيعية، ليس داخل العراق وحسب بل وخارج العراق ايضا، ولا اعتقد ان سبب ذلك غائب على ذوي الحجى من رواد هذا الميدان...

لنكن أكثر وضوحا...

ماذا لو ان الاباء المؤسسين اليوم لم يؤسسوا المياتم والمستشفيات وبعض المدارس، ومصانع التاهيل والرعاية؟

هل يمكن الاستهانة مثلا بمؤسسة العين على صعيد دورها في رعاية أيتام آل محمد؟

لا مرجعية اليوم يمكنها ان تغفل عن التماس اليوم بالشأن السياسي، بل بالشأن الاجتماعي بمفهومه العريض.

الشيعي اليوم ارتبط بالمرجع من حيث يشعر أو لا يشعر اجتاعيا وليس روحيا وحسب، الشيعي اليوم خاصة العراقي والايراني ينتظر من المرجع موقفا سياسيا واجتماعيا أكثر مما ينتظر الجواب على الموقف من الشك بين الاربع والثلاث في ركع الصلاة...

الشيعي اليوم، الملتزم وغير الملتزم وجد نفسه بالضرورة والقضاء بأنه مرتبط بمرجع، وهذا الارتباط يتخطى الرسالة العملية، الى القيادة الفعلية بخطوط عريضة، وهناك اسباب قاهرة تمخضت عنها هذه النتيجة الانقلابية الخطيرة، وما زالت هذه الاسباب قائمة، ومنها: ـ

أولا: فشل الانظمة السياسية (الشيعية) في تأمين مصير الانسان الشيعي في خضم هذا الهيجان العالمي الخطير، خاصة وإن من ابرز مفردات هذا الهيجان التجاذب الديني والطائفي في العالم الاسلامي.

ثانيا: عودة العلاقة بين الدين والسياسة حتى في اوربا، ودخول الدين في صلب الصراعات الدينية والمذهبية.

ثالثا: تهاوي المثل الاعلى على صعيد القيادات السياسية المدنية منها والدينية ممن شارك في الحكم بشكل خاص أو العملية السياسية بشكل عام.

رابعا: الطبيعة الدينية التقليدية بالنسبة للمسلم الشيعي، وتغليب الولاء الديني التقليلدي على باقي الولاءات التي قد تشمل حتى الولاء للوطن، وهي ظاهرة تحمل الكثيرمن المفارقات والتي الى حد هذه اللحظة لم تتم معالجتها.

خامسا: لأن الآباء الاولين قاموا بما حمى الوطن، وجنَّب الامة ويلات حرب اهلية كانت على الابواب.

لهذه الاسباب وغيرها لم تعد العلاقة بين المسلم الشيعي ومرجعه مقتصرة فقط على الرسالة العملية، أي الجواب على الاسئلة الشرعية المعهودة، بل العلاقة من خلال التماس الفعلي القوي بـ (الشأن) العام، حتى ولو رفض المرجع ذلك لسبب موضوعي او غير موضوعي.

اجازف بالقول: إن مستقبل المرجعية الدينية الشيعية وجودا وفاعلية يتوقف على اقتحامها الشان العام، وليس الاكتفاء فقط بالجواب على اسئلة فقهية عهدناها منذ قال وبلى.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

وزير الداخلية في الفلوجة للإشراف على نقل المسؤولية الأمنية من الدفاع

أسعار الصرف في بغداد.. سجلت ارتفاعا

إغلاق صالتين للقمار والقبض على ثلاثة متهمين في بغداد

التخطيط تعلن قرب إطلاق العمل بخطة التنمية 2024-2028

طقس العراق صحو مع ارتفاع بدرجات الحرارة خلال الأيام المقبلة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram