TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: تعالوا نَمحي بغداد من الخارطة!!

العمود الثامن: تعالوا نَمحي بغداد من الخارطة!!

نشر في: 8 مايو, 2024: 11:00 م

 علي حسين

أتابع هذه الأيام صولات بعض المحللين السياسيين التي تدعو إلى محو بغداد من الخارطة ، لأنها تسبب لهم صداعاً في الرأس ، وخفقاناً في الذاكرة ، فبعد أن طالب السيد جمعة العطواني بطرد أبو جعفر المنصور من بغداد ، خرج علينا محلل سياسي آخر وهذه المرة من " الوزن الثقيل " ليقول وهو يبتسم ، لا نكتفي بتمثال المنصور وإنما نطالب بإلغاء شارع الرشيد ..

وماذا بعد ياسيدي الكريم الذي طالبت الشعب العراقي أن يأكل العظام من أجل أن تستمر مسيرة الديمقراطية العراقية إلى الأمام؟ ، هل من مزيد ؟ لقد نسيت ساحة الواثق والمستنصرية ، وها نحن نذكرك ؟ ولهذا عزيزي القارئ ستجدني أضمّ صوتي إلى صوت الدكتور مؤيد آل صويت الذي كتب في صفحته على موقع "فيسبوك " ساخراً ومتألماً :" أخوان حتى نرسم خارطة طريق وميكون الموضوع عبثي وبلا تخطيط؛ وره ما تفلشون تمثال أبو جعفر المنصور وتخلوه أطلال ؛ مرّوا على شارع الرشيد فلشوه؛ وأكو شغله ناسيها حبيت اذكركم بيها ؛ تره المستنصر بالله خليفة عباسي مو من الصواب معلم بنص بغداد يسمى باسمه؛ فبطريقكم مروا على جامعة المستنصرية وفلشوها حتى ميبقى أثر لبني العباس بوسط بغداد وتصبح نقية جداً؛ ومن بعد ما تسوون الجامعة كردة وترتاحون؛ بلكي تاخذولكم فرة بالحميدية وسبع قصور والدسيم والمعامل ؛ خاف أكو إرث عباسي هناك محد منتبهله؛ لأن هاي مناطق نقية ولازم تبقى نقية من كل ما يدنسها!!" .. تخيل جنابك أين وصل العبث بهذا الشعب ، أن تشاهد أرتالاً من القوات الأمنية تحمي تمثال وسط بغداد من جماعات مسلحة ، دون أن يصدر المدعي العام أمراً بإلقاء القبض على الذين يحرضون على الفتنة الطائفية ، فالقضاء العراقي مشغول البال بكرسي الحلبوسي وبإصدار فرمانات تمنع الاقتراب من قلاع الدولة الحصينة .

للأسف يريدوننا أن ننشغل بحكايات التاريخ ، لكي تكون بديلاً للمستقبل ، فما نفع التنمية والبناء وهناك شارع في بغداد اسمه شارع الرشيد؟ ، وما فائدة بناء المجمعات السكنية والمدارس الحديثة والمستشفيات وهناك حي في بغداد اسمه المنصور؟ .. هم يريدون قتل المستقبل ، يا عزيزي، يستهدفون اغتيال أي أمل في أن تمتلك هذه البلاد قرارها ، وأن تتعافى من سنوات الحرمان والتخلف.

قبل وفاته بأشهر دون المعماري الكبير محمد مكية وصيته التي جاء فيها: " بغداد أيها الأحباء جوهرة من جواهر العصر، ربما تمرض، وربما تتعب وتئن – لكنها لا تشيخ فزمن المدن العظيمة مغاير لتفسيرنا للزمن. أوصيكم ببغداد أصغوا إلى صوتها كثيراً اعتنوا بها لتعتني بكم" " .

للاسف لا يريد أحد أن يستمع إلى وصية محمد مكية ، فالبعض يريد لهذه المدينة أن تُصبح تابعه ، بعد أن كانت سيدة المدن.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. فؤاد الصفار

    منذ 2 سنوات

    اكثر من عشرين سنة لم تستطع احزاب الطائفية بناء دولة مؤسسات ، فلم يبقى لهم الا اللجوء الى هذه الخزعبلات لاخفاء فشلهم اما هولاء المحللين فهذا زمنهم ،، زمن الانحطاط والرثاثة

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram