اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > الترجمة ساحة للوعي الفكري في عصر العولمة

الترجمة ساحة للوعي الفكري في عصر العولمة

نشر في: 30 نوفمبر, 2010: 04:53 م

مثنى كاظم صادق كان مفهوم الترجمة في العقود الماضية هو معرفة لغة أخرى غير اللغة الأم ، بيد أن الترجمة ليست مجرد النقل من لغة إلى أخرى فحسب ، بل العلم باللغة المنقولة والناقلة على حد سواء تقريبا. ومن هنا برز في العراق أعلام من المترجمين المعتمد على دقة وأمانة ترجماتهم كالدكتور صفاء خلوصي وجبرا إبراهيم جبرا وعبد الواحد لؤلؤة وغيرهم من مترجمي اللغة الإنكليزية واللغات الأخرى ممن سار على خطاهم وتمثل بنهجهم .
ويمكن أن يضفي النص المترجم إبداعاً على إبداع لغته الأصلية (الأم ) المنقول منها تبعا لأسلوب المترجم وصياغته اللغوية ، فقد تشتهر نصوص مترجمة أكثر مما اشتهرت به عندما كانت مكتوبة بلغتها الأصلية ولاشك في أن للمترجم الدور الفاعل في هذا النجاح ، فكثير من المترجمين يعتمدون النقل المعنوي لا الحرفي كي يتلاءم النص مع المحيط الجديد ، الذي سيقرأه ؛ ولذلك قيل في المثل ( المترجم خائن ) وعلى الرغم من قسوة هذا المثل إلا أن فيه وجهة نظر ؛ ذلك لأن الترجمة هي إعادة بناء للنص الذي كتب بلغته الأصلية ، فقلما يتفق مترجمان في ترجمة نص ما وهنا يطرح سؤال مهم: هل الترجمة نوع من التحريف للنص يقف إزاءه المترجم عاجزاً؟ لا اعتقد ذلك ؛ لأنني أشبه الترجمة بالجسر الذي يربط بين ضفتين ، فإن كانت ثمة جودة أو عيب في هذا الجسر أو ذاك فلا دخل للضفتين في هذه الجودة أو العيب ؛ لإنهما ضفتان متكافئتان في المسافة ومنسوب المياه  ، إذ لا توجد ـــ بحسب اعتقادي ـــ  لغة أكثر أدبية وشاعرية من لغة أخرى على مستوى النص ، لكن يمكن أن تكون هذه اللغة أكثر عدداً بأدبائها من هذه اللغة، هذا من ناحية التفاضل في الكم ليس إلا . يرى البعض أن المترجم ليس سوى ناقل للكلام المنجز غير ملتفت إلى ما يقوم به المترجم من عملية ترتيب للنظام اللغوي الوليد عن النص القديم ، فالترجمة ليست نقل ألفاظ إلى أخرى فحسب ، بل تكمن مهارة الترجمة في صياغة النظام اللغوي لهذه الألفاظ  بحسب الأنساق النحوية والاشتقاقية والمصطلحية للغة المترجم إليها ، وهذا يرتبط كثيراً بالمهارة اللغوية ودقة الحدس لما هو مقصود في النص ضمن ساحة وعي المترجم ، الذي يرى هذا المعنى أو ذاك بحسب احتمالية النص، إن الترجمة انفتاح البشر على بعضهم البعض ، فنجد أن دول العالم المتحضر، ارتقت وتمدنت بسبب النهوض بالترجمة وإنشاء الجمعيات والمؤسسات لها ولا ننسى التجربة الناجحة في بداية العصر العباسي  في إنشاء بيت الحكمة وما قام به من ترجمة لكتب: الطب والعلوم والفنون ؛ لذا نحن نحتاج اليوم إلى عشرات من بيوت الحكمة ، إذا علمنا أن هنالك تسابقا محموما في الوقت الحاضر بالمعرفة وإنتاج المعلومات والحصول عليها عن طريق الترجمة ، سواء كانت هذه المعلومات رقمية أم غير رقمية ، وللترجمة الدور الأبرز في تحصيل هذه المعلومات وهي ( طازجة) كما يقولون ، وثمة دراسات قد أشارت إلى أن ما حصل من نهضة حضارية  في بلد كماليزيا سببه الترجمة ؛ لأنها ترجمت أضعاف ما تنتجه من كتب ودراسات وبحوث ، بل وصل الأمر ببعض الدول أنها ترجمت أكثر من 80 % مما تصدره من كتب ، في مقابل هذا تظل الترجمة عندنا مع الأسف تقوم على ممارسات فردية ، غرضها في الغالب الحصول على أجرة إضافية تساعد المترجم على تحسين حاله المادي ، وحتى هذه الترجمات الفردية لا يمكن أن تغني من جوع ، لأنها لا تأتي ضمن خطة منهجية للترجمة ، فإذا كانت الأسطورة تشير إلى أن الناس كانوا يتكلمون لغة واحدة ، وبلبل الرب لسانهم في بابل ، فيجب أن نكون من أول الدول السباقة في توحيد هذه اللغات وجعلها لغة واحدة نقرأها عن طريق الترجمة .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram