حسين عبدالرازقفي تحد سافر للقانون وأحكام المحكمة الدستورية العليا لجأت حكومة الحزب الوطني للاستشكال في تنفيذ أحكام محكمة القضاء الإداري والمحكمة الإدارية العليا بإعادة قيد عدد من المرشحين لمجلس الشعب تم استبعادهم بالمخالفة للقانون، وللاستشكال في تنفيذ حكم المحكمة الإدارية العليا بإلغاء الانتخابات في 24 دائرة، منها دوائر الإسكندرية جميعا لعدم قيد المرشحين المستبعدين الذين حصلوا على أحكام من القضاء الإداري بقيدهم ضمن المرشحين لانتخابات مجلس الشعب التي تمت جولتها الأولى الأحد الماضي.
والإشكال في التنفيذ منصوص عليه في المادة "524" من الباب السابع من قانون الإجراءات الجنائية، والتي تقول (كالإشكال من المحكوم عليه في التنفيذ يرفع إلى محكمة الجنايات إذا كان الحكم صادرا منها وإلى محكمة الجنح المستأنفة، فيما عدا ذلك، وينعقد الاختصاص في الحالين للمحكمة التي تختص محليا بنظر الدعوى المستشكل في تنفيذ الحكم الصادر فيها). ويترتب على تقديم الاستشكال وقف تنفيذ الحكم مؤقتاً لحين النظر في الموضوع وإصدار الحكم.ويعلم رجال القانون سواء كانوا قضاة أو أعضاء في النيابة العامة أو محامين أو حتى طلاب في كليات الحقوق، أن هذا النص يتعلق بأحكام القضاء المدني العادي ولا علاقة له بأحكام القضاء الإداري (قضاء مجلس الدولة) المختص بالنزاع بين الأفراد والسلطة التنفيذية، فالقضاء الإداري لا يعرف الاستشكال في التنفيذ، وأحكامه يطعن عليها أمام القضاء الإداري وحده.ومع ذلك فقد دأبت الحكومة إلى الاستشكال أمام القضاء العادي في أحكام القضاء الإداري بهدف وقف التنفيذ، رغم علمها بأن هذا الإجراء باطل قانوناً وأن القضاء العادي سيصدر حكمه برفض الاستشكال عند نظر الموضوع لعدم اختصاصه، وهو ما حدث عشرات المرات إن لم يكن مئات المرات، ولكن الهدف من هذا الإجراء الباطل قانونا هو وقف التنفيذ لحين قيام الحكومة بتنفيذ القرار المطلوب، وحين يصدر الحكم برفض الاستشكال في التنفيذ يكون القرار قد أصبح واقعا وفات أوان تصحيحه.وإذا كان الأمر يحتمل الجدل في الماضي، فقد حسمت أحكام القضاء هذا الجدل بصورة نهائية وواضحة، عندما عرض على المحكمة الدستورية العليا تناقض الأحكام في موضوع الاستشكال في تنفيذ أحكام القضاء الإداري أمام القضاء المدني، وأصدرت حكمها عام 2001 ، وأرست المحكمة الدستورية العليا مبدأ واضحا بتأكيدها عدم الاعتداد بالاستشكالات التي تقيمها الحكومة أمام القضاء المدني غير المختص ومحاكم الأمور المستعجلة لوقف تنفيذ أحكام محكمة القضاء الإداري أو المحكمة الإدارية العليا، وأن هذه الاستشكالات عديمة الأثر القانوني لإقامتها أمام قضاء غير مختص (وهي والعدم سواء).وفي حكم للمحكمة الإدارية العليا برئاسة المستشار محمد عبد الغني رئيس مجلس الدولة، الخاص بإلغاء وجود الحرس الجامعي داخل الجامعات، أفردت المحكمة في حيثياتها صفحة كاملة لانتقاد وإدانة الحكومة (لتعمدها إقامة إشكالات لوقف تنفيذ أحكام القضاء الإداري في محاكم مدنية غير مختصة، حيث صدر حكم من محكمة القاهرة للأمور المستعجلة بعابدين بوقف حكم أول بإلغاء الحرس الجامعي.. وهذا الحكم معدوم ولا يترتب عليه أي أثر قانوني، ولا يشفع للجهة الحكومية الممتنعة عن تنفيذ الحكم إقامة إشكال أمام محكمة غير مختصة وفقاً لما استقرت عليه أحكام المحكمة الدستورية العليا.. إن محاكم مجلس الدولة وحدها هي المختصة بوقف الأحكام الصادرة منها، ولا يوجد عذر للجهل بهذا المبدأ سواء من هيئة قضايا الدولة (محامي الحكومة) باعتبارها هيئة قضائية تسهم في سير العدالة، وكذلك المحاكم غير المختصة بنظر هذه الإشكالات وتصدر فيها أحكام، حتى لا يكون الانعدام مصيراً لأحكامها المخالفة للدستور والقانون.وأكدت المحكمة الإدارية العليا يوم الخميس الماضي برئاسة المستشار مجدي العجاتي نائب رئيس مجلس الدولة نفس المعنى عندما أصدرت حكمها بتنفيذ جميع الأحكام الصادرة من المحكمة خلال الأسبوع السابق بإلزام اللجنة العليا للانتخابات بقبول أوراق بعض المرشحين لانتخابات مجلس الشعب والتي لم يتم تنفيذها واستشكلت عليها الجهات الإدارية أمام محاكم غير مختصة.وللأسف لم تلتفت الحكومة ولجنتها الإدارية المسماة (اللجنة العليا للانتخابات) إلى أحكام القضاء ومبادئ الدستور والقانون، وأصرت على موقفها الذي يوصم مجلس الشعب القادم - وقبل أن يوجد - بالتزوير والبطلان.
مجلس شعب.. باطل
نشر في: 30 نوفمبر, 2010: 04:55 م