 المدى – تبارك عبد المجيد

تشارك النساء في العراق بفعالية في سوق العمل إلى جانب الرجال، سواء في القطاعين العام والخاص. حيث تظل النساء مصممات على تحقيق أهدافهن وتفوقهن، رغم غياب العدالة في القوانين ووجود تحيز ذكوري لا يزال سائدا.

حل العراق في المرتبة الأخيرة عالميًا بنسبة مشاركة النساء في قوى العمل، وفقًا لتقرير حديث حول نسبة مشاركة النساء في قوى العمل لعام 2024، من بين 13 مليون امرأة قادرة على العمل في العراق، تعمل فقط 7% منهن.

تستيقظ هدلة منذ الفجر لتحلب الأبقار وتحضر الفطور، ثم تهتم بالأغنام طوال النهار، وفي فترة ما بعد الظهر تعود لحرث الأرض وزراعتها بكل اجتهاد، تكرر تلك العملية منذ ٣٦ عاماً.

تقول هدلة، الفلاحة في عقدها الرابع، إنها بدأت العمل في الفلاحة منذ سن السادسة، بعد اكمال تعليمها الابتدائي وهي الوحيدة في عائلتها التي حظيت بهذه الفرصة، وذلك بسبب نقص المدارس في الأرياف العراقية وتأثير العادات والتقاليد التي منعت الفتيات من الحصول على التعليم.

تؤكد الفلاحة لـ(المدى)، أنها لم تتلقَ أي دعم حكومي ملموس للفلاحات خلال السنوات السابقة، إلا بعض المبادرات الضعيفة، وتشير إلى تدهور وضع النساء في الأرياف بشكل مضاعف خلال السنوات الأخيرة، بسبب أزمة الجفاف القاسية التي ضربت البلاد.

تضيف الفلاحة أنهن منسيات في يوم العمال العالمي، فلا "حكومة تدعمنا ولا قوانين تنصفنا".

من جانبها، تحدثت رئيسة شعبة تطوير الفتاة والمرأة الريفية في مديرية زراعة ديالى، حنان الانصاري، لـ(المدى) عن التحديات التي تواجه النساء في الريف العراقي، بما في ذلك المشاكل الاجتماعية الناجمة عن الحروب السابقة، مثل زيادة عدد النساء الأرامل والمطلقات اللواتي أصبحن المعيلات الرئيسيات لعائلاتهن.

وتؤكد الانصاري على استمرارية التحديات التي تواجه النساء في المجتمع، حيث لا يزال التحيز لصالح الذكورية سائدًا، بالإضافة إلى التجارة غير المنصفة التي تؤثر سلبًا على المنتج المحلي الزراعي، والذي تساهم بإنتاجه الفلاحة العراقية.

وأعربت عن أسفها لغياب دعم وزارة الزراعة للنساء الريفيات، معبرة عن تفاؤلها بالمساعدات التي تقدمها بعض المنظمات المحلية والدولية المهتمة بشؤون المرأة والريف. وأشارت إلى إطلاق ورشة عمل بالشراكة مع بعض المنظمات ستقدم قروضًا بسيطة للنساء الريفيات لبدء مشاريعهن بعد الحصول على الموافقة اللازمة من الوزارة.

وفي ذات السياق، تقول علياء حسين ماهود، عضو مكتب تنفيذي ومسؤولة مكتب المرأة العاملة في اتحاد نقابات عمال العراق، إن " النساء العاملات ما زلن يواجهن تحديات كبيرة بسبب الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والصحية الراهنة في العراق"، وأشارت إلى أن هذه التحديات "أدت إلى ارتفاع نسبة الفقر والبطالة، وتدهور الاقتصاد العراقي في جميع القطاعات الإنتاجية، بالإضافة إلى سوء السياسات الاقتصادية وتضخم العملات نتيجة استمرار انخفاض سعر صرف الدينار العراقي مقابل الدولار".

وتوضح لـ(المدى) أن "جميع هذه العوائق أثرت سلبًا على دور النساء العاملات في المجتمع، مما يعرقل فرص تحقيق التنمية المستدامة ودور المرأة كشريك حقيقي في التنمية والبناء، من خلال تعزيز المساواة في الفرص الاقتصادية وتذليل العقبات التشريعية والقانونية والاجتماعية".

وتلفت ماهود الى احصائية وزارة التخطيط العراقية لعام 2018، التي ذكرت ان المرأة تشكل حوالي 49% من المجتمع، أي أنها تمثل نصف السكان تقريبًا، ومع ذلك ترى ماهود أن النساء لا يزالن يتعرضن لمختلف انواع لانتهاكات واعتداءات ، مما يشكل تحديًا كبيرًا لحقوقها المشروعة في حياة حرة كريمة.

ودعت، إلى حماية المرأة العراقية، وخاصة المرأة العاملة، من جميع أشكال العنف والتمييز بناءً على النوع الاجتماعي، مطالبة برفع مستوى تمثيلها الاجتماعي والسياسي لتحقيق العدالة الاجتماعية وتمكينها من أداء دورها في بناء المجتمع.

وأكدت على أهمية تطبيق الاتفاقيات والتفاهمات الدولية التي تدعو إلى ضمان المساواة بين الرجل والمرأة، وشددت على ضرورة تصديق العراق على اتفاقية 190 لعام 2019، وضمان حق المرأة في العمل والأجور بالتساوي مع الرجل، وضمان شمولها بقوانين التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال، وتمكينها من العمل في جميع القطاعات دون تمييز. تذكر مرح اياد، ناشطة نسوية، أن "النساء في العراق بدأن يشاركن في جميع أنواع الأعمال ويظهرن كفاءة في مجالاتهن، إلا أن طبيعة المجتمع الذكوري أدى إلى تحول دورهن من شريكات وزميلات في المهنة إلى منافسات للرجل".

تعبر أياد لـ(المدى) عن سعادتها بزيادة الوعي لدى النساء تجاه قضاياهن، حيث بدأن يدركن حقوقهن ويطالبن بها، ورغم بطء النمو، إلا أن هذا التقدم يبشر بمستقبل واعد للنساء. ومع ذلك، فإنها تعبر عن استيائها من عدم العدالة في التعامل مع النساء في القوانين، مؤكدة أن هناك جهودًا تسعى إلى تقييد حرية المرأة من خلال تشريع قوانين قد تحد من حقوقهن.

وأشارت، إلى وجود تحديات أخرى كبيرة تواجه النساء العاملات، مثل "حدوث التحرش داخل بيئة العمل، والاستغلال والمساومة، بالإضافة إلى المنافسة غير عادلة"، وأشارت إلى أن بعض النساء يتركن العمل، لكن البعض الآخر يضطررن، رغم علمهن بانتهاك حقوقهن، لأجل إعالة أسرهن في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية".

أياد تكمل بالقول: "يوم العمال العالمي لا ينبغي أن يكون مخصصاً للموظفين الحكوميين فقط، بل يجب أن يكون مناسبة للاحتفال بجميع العمال، بما في ذلك أصحاب الحرف اليدوية والفلاحين وغيرهم من العمال في المهن المهمشة والمنسية". ختاماً طالبت بـ "منع التمييز داخل بيئة العمل، وإنصاف المرأة في القوانين والتشريعات، وعدم اعتبارها منافسة للرجل في سوق العمل".

يهنئ المتحدث باسم وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، نجم العقابي عبر (المدى)، الطبقة العاملة في العراق، بمناسبة يومهم العالمي، وقال إن "هذه الطبقة واجهت العديد من المعاناة والتضحيات والتحديات في السابق".

وأكد العقابي، أن "الحكومة شرّعت عددا منّ القوانين التي تصب في مصلحة الطبقة العاملة، مثل قانون الضمان الاجتماعي الذي يتضمن عددا كبيراً من الامتيازات". وأشار، إلى أن "الوزارة انصفت من خلال قوانينها المرأة العاملة، تحديداً عند فترات الحمل والولادة، وتخفيض نسبة العجز من ٣٥ الى ٣٠ في المئة".

وأضاف يوجود "ضمان اختياري في القطاعات غير المنظمة، مثل مهنة ربه المنزل والعاملين بأعمال حرة".