اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > عام > هند كامل: لم أختر طريقي في الفني.. فقد وُضعت فيه بما أمتلكه من مواهب

هند كامل: لم أختر طريقي في الفني.. فقد وُضعت فيه بما أمتلكه من مواهب

نشر في: 29 إبريل, 2024: 10:23 م

ترى أنها فكرت بكتابة سيرتها منذ الفترة التي بدأت فيها تدرك أهمية وقيمة الوثيقة

علاء المفرجي

- 1 -

الفنانة هند كامل ممثلة عراقية. اثبتت حضورها الفني، عبر مسيرة امتدت لأكثر من أربعين عاما، في المسرح والسينما والتلفزيون،

ولدت في بغداد وتنتمي الى عائلة فنية، كان لها ثقلها النوعي في الفن، فهي متزوجة من المخرج والأعلامي الكبير الراحل "فيصل الياسري" والدها أستاذ جامعي (كامل شندي) ومصور فوتوغرافي محترف، وهي ابنة الممثلة الرائدة فوزية الشندي وأخت الممثلة هديل كامل.

أظهرت اهتماما مبكرا بالفنون نتيجة لبيئة عائلتها، فوالدتها الممثلة المعروفة (فوزية الشندي) كانت تصحبها معها وهي طفلة صغيرة إلى بروفات المسرح أو أستوديوهات التلفزيون، وفي منزلهم كانت تحيط بها الكتب واللوحات الفنية، وكان جميع من في البيت يقرأ، فتعلمت منذ الصغر أن تكون لها مكتبتها الخاصة في غرفتها الصغيرة في الدور الثاني في منزلهم بحي الجامعة ببغداد. في الابتدائية والثانوية كانت مشاركة فعالة في الانشطة الثقافية والفنية المدرسية، فتلقي الشعر، وتغني، وتمثل، وأيضا ترسم وكانت تميل إلى رسم الكاريكاتير. عززت اهتمامها بالفنون بقاعدة علمية اكاديمية بالالتحاق بكلية الفنون الجميلة / جامعة بغداد، ونالت البكالوريوس 1983 في الدراسات المرئية السمعية كمخرجة. وتدرس حاليا على الماجستير.

التقتها (المدى) لتقف عند أهم المحطات الحياتية والفنية التي مرت بها:

النشأة والطفولة وتاثيرهما في ميلك الى الفن والتمثيل، هل كان للعائلة الفنية دور في دخولك عالم الفن بعمر غض ام أن الاحساس بالموهبة المخزونة لديك كان وراء ذلك؟

- كنت الحفيدة الاولى للعائلة والتي حظيت بها من اهتمام من الام والاب بغض النظر عن باقي الاقارب من اعمام وعمات واخوال وخالات والجدة والجد فكنت انا مركز اهتمام، وانا عندما كنت طفلة حسب ما نقل لي من تاريخ المسموع هو انني كنت موهوبة بتقليد افراد العائلة بطريقة كوميدية مثل المشي والحركات التي يؤديها افراد العائلة كنت طفلة (ملسونة) وفي اكثر الاوقات الجأ الى الكوميديا في هذا العمر الصغير جدا اي بعمر لا يتجاوز الخمس او الاربع سنوات وكنت احب كثيرا الغناء والرقص حيث كنت في وقتها اشاهد التلفزيون (الكلر باك) (الصورة المخططة بالألوان مع مقطوعة من الموسيقى الكلاسيكية قبل بداية بث برامج التلفزيون) مع اني لم اكن اعرف ان هذه موسيقى كلاسيكية، فتعرفت عليها من خلال والدي فكنت اؤدي حركات راقصة كطفلة وكانت عائلتي تراقبني.. فمنذ ذلك العمر الصغير كنت ارسم ولدي قوام رياضية فكنت العب انواع كثيرة من الرياضات كرمي الكرات والعاب نط الحبل وغيرها من الالعاب البسيطة، فهذه لم تعد موجودة في زماننا هذا لا في المدارس ولا في النشاطات الرياضية، فهذه النشاطات لم تاتني اعتباطا ولكن هذه كانت جينات اخذتها من العائلة واكيد كان هناك دعم وتشجيع وكان هناك تفهم من العائلة حيث اني نشأت في عائلة لديها احترام لهذه التفاصيل واحتفاء لمفهوم الموهبة وتفرد الطفل في قضية يختلف بها عن اقرانه، كل هذه الامور جعلتني انشأ مع اخواني في بيئة فيها كثير من التحضر والوعي والحب للحياة فانا من خلال كلامي الحالي احس باني اخذت عدوى من فرحة الحياة التي عشتها في طفولتي، فنوعية الحياة التي عشتها اعطتني احساس في قيمة ذاتي في وقت مبكر واعطتني احساسا بأني قادرة على التأثير بطريقة ما او بأخرى اكبر من تفكيري آن ذاك حيث باني الان انظر بعين واعية بان الشخص المقابل ينتبه لي واشعر بأني قادرة على التأثير على المقابل فأعطتني القوة والاعتدال والثقة بان اخطو بخطوات بكل الحياة مدعومة بهذا التشجيع العائلي وبهذا الايمان العائلي. عندما دخلت المدرسة كنت مستمعة وتميزت في المدرسة لغويا وعلميا. وكان المحيطين بي من المعلمات والمديرة يقولون باني استحق الاهتمام, فكنت في تلك السنة التي كنت فيها مستمعة اهتمت بي المديرة واعطتني وثيقة رسمية واعتبرتني طالبة ولست مستمعة فالاهتمام بالموهبة والذكاء منذ الطفولة دلالة على ان المجتمع العراقي مجتمع متحضر الى درجة من التطور والادراك والاهتمام بكل شيء فقد اصبحنا نفتقد هذا الشيء، فأنا واثقة من ان في زماننا هذا زمن التكنولوجيا والتطور على يقين بان هناك اطفال يفوقون ذكائنا سابقا يستحقون الاهتمام بمثل ما كنا نحظى من اهتمام في زماننا الماضي فقد كنت في وقتها مسؤولة في النشاط الفني والرقص

والدي كان هو الكل بالكل فوالدي الذي دعم والدتي واقنعها بدخولها معهد الفنون الجميلة حتى تكون طالبة فن في حينها كان قد جاء من امريكا بعقلية متحضرة لكنه ليس متحررا فهو رجل جدا محافظ لكنه يمتلك من التحضر الكبير كذلك دعم امي إذ ان دخولها الى الدراسة الاكاديمية فاكتسبنا من مكتبة والدتي العلمية والتاريخية التي كانت اساسا معتمدة على جدي عبد الكريم شندي الذي كان احد خطباء ومفوهي شباب الكاظمية آن ذاك، وكان تاجرا للخيوط، حيث كان يشار له بالبنان، وقد درس في بيته الدكتور حسين محفوظ الذي تتلمذ في بيت جدي عبد الكريم شندي، وحين وصلت عندما وصلت المرحلة المتوسطة كانت والدتي لا تزال طالبة وتعمل ضمن النشاط الفني، وكان الفنان فيما مضى يتخرج من الكلية الفنية ليتعين بشكل ملزم، ويذهب الى المدارس الابتدائية والمتوسطة والثانوية حيث انه كان يتماشى مع النشاط التدريسي، وكانت المدارس تضخ المواهب والعناصر من شباب ومراهقين وفتيات المتعلمين فنيا، من ادب وسلوك وثقافة فهذا وكان هذاهو حال البلد، وبالنتيجة نحن انعكاس لمجتمع، فأنا حصلت المركز الاولى على مدارس العراق من شماله الى جنوبه في مادة الخطابة والشعر والالقاء، وفي تلك المرحلة كانت اذاعة صوت الجماهير في حينها لها وزن عربي ومحلي وتأثير فكري وثقافي في المجتمع العراقي وحتى العربي، فدخلت الى العمل الاذاعي بعمر جدا مبكر، فقد بدأت بأدوار لا تتعدى الجملة او الجملتين، وبعد ما عرفوني بأني ابنة فوزية الشندي وهم زملاء والدتي، و مع هذا كانت الكفاءة مطلوبة وليس الواسطة كوني ابنة فوزية الشندي، فاكتشفوا ملكتي الفكرية والادائية، ففي وقتها كنت اذهب رغما عني مع امي الى معهد الفنون الجميلة، وكنت منسجمة مع الفنانين، والمسرح، والكواليس والتمارين والمكياج واللبس، فكان هذا المتنفس لدي، فوجودي في تلك البيئة هو شيء تلقائي، وكنت احس بنفسي منذ ولدت وانا موجودة في هذه الاجواء، وهكذا اختطيت طريقي فأنا لم اختره وانما وضِعتُ فيه، بما كنت امتلكه من مواهب فأمي هي التي وضعتني على بداية خطواتي في هذا الطريق.

هل هي صدفة ان تضعك الاقدار في التلفزيون والسينما تحت ادارة مخرجين مجددين في مجالهم مثل عماد عبد الهادي في التلفزيون من خلال رائحة القهوة والمجدد ايضا والطموح كارلو هارتيون في السينما من خلال فليم (حيث لا يقف القطار طويلا) حتى تبرزين مواهبك في الاداء تكون ممثلة ملتزمة على طول الخط في ادائها؟

- انا سوف اشتق جوابي من خلال سؤالك، نعم هي المصادفة الزمنية البحتة فأنا دائما اقول مع نفسي انا من المحظوظين، اذ وجدت نفسي في جيل كان يتسم بالعمالقة والاكفاء والمبدعين واصحاب الفكر والرؤية، فكان الناس يمتلكون الكثير وقدموا الكثير، فمن حسن هذا الحظ، اني كنت من ضمن المعادلة الزمنية الفارقة كذلك، ومن حسنه أيضا حظي اني من ضمن التركيبة العائلية البيئية المجتمعية، فأنا من الناس المؤمنين بالأقدار، واقول في نفسي دائما انني لا اعاند اقداري، انا اعمل على طموحي واحلامي واهدافي، فقدري كان قدر ذهبي باني وجدت نفسي ضمن هذه المعادلة الزمنية، فعماد عبد الهادي في حينه كان يعمل مصورا في تلفزيون العراق وهو فنان تشكيلي، وانا في حينها بدأت بالعمل التلفزيوني وعماد كان من المصورين البارعين، وشاءت الصدف ان يكتب الفنان يوسف العاني (رائحة القهوة) وان يكون هذا باكورة اعمال عماد عبدالهادي وأن اكون انا بطلة هذا العمل فكان هذا العمل ولا يزال علامة فارقة في تاريخ التلفزيون من جميع النواحي صورة وتفسيرا واداءً، حيث كان ينتمي للمدرسة الشاعرية واذكر من أهم مشاهد السهرة هو موت رازقية التي تموت وهي بانتظار زوجها السكير، الذي يفوق بعدها من سكرته ويندب حياته ان يبيع القهوة على روح رازقية التي ذهب اثناء لحظة اهمال مجانية، فهو صور نفسه ووضع الكاميرا على كتفه وتحدثنا على المشهد وقال لي بانه سوف نصور المشهد ونعيده الى ان نصل الى المشهد الذي يجب ان يكون مناسب وصورنا المشهد ولم يكن لدينا فيه اي تفصيل فصورنا المشهد انا وهو بكافة تفاصيله في تلك اللحظة اي كما كنا نريده ان يكون.

اما بالنسبة لكارلو هارتيون فهو في حينه كان من المخرجين الشباب القادمين من اوروبا ويحملون فكر وعين مدربة تختلف عن العين المحلية، اقصد اخراجيا وكان يمتلك من الجرأة الكثير، فقد عملت معه ثلاث اعمال مهمة هي (حيث يقف القطار طويلا) الذي كان فيلما سينمائيا من مؤسسة البرامج المشترك، ومع الاسف لم يأخذ حظه من المشاهدة، كان عمل الجميع، انا مع الاستاذ سامي عبد الحميد مثلناه وهو شخصيتين رجلا وامرأة وكانت القصة لإسماعيل فهد الكويتي من أصل عراقي.

والعمل الاخر مسلسل النبع من اخراج الاستاذ كارلو وهي سهرة تلفزيونية. وفيلم (حيث يقف القطار طويلا) كان من الاعمال المهمة. وكان الاستاذ كارلو قد قدم قبل ذلك فيلم (اللوحة) الذي لاقى اهتماما كبيرا من الجمهور والنقاد، أما بالنسبة لتجربتي معهم أنهم كانوا يتركون الممثل الموهوب  يؤدي الدور، وهذا الذي يجب ان يكون، ويجعلونه على جادة الصواب، او الى المنطقة التي هم يريدونها هم، ومن هؤلاء الاستاذ ابراهيم عبد الجليل وبسام الوردي وفيصل الياسري، رحمهم الله هؤلاء المخرجين الذين يطالبون الممثل بكل التفاصيل،

ما حكاية فيلم كارلو (حيث يقف القطار طويلا) في مسيرة السينما العراقية، وتقولين انه حظي بمشاهدة ممتازة وقتها، فما هو سبب مجهوليته في مسيرة السينما العراقية؟

- الفيلم كان من انتاج مؤسسة البرامج المشترك عندما كان العراق يعتبر دولة خليجية، فقد كان العراق عضوا مؤسسا في هذه المؤسسة وكانت هذه نتاجات تخص منطقة الخليج العربي كان هذا قبل غزو الكويت، هذا العمل كان جميل جدا ولكن كان فيه مشكلة في الصوت، وصادفت كذلك احداث الكويت، فتُرك العمل ولم تسعفني ذاكرتي بتفاصيله .

حسب معلوماتي انك من ضمن اثنين من الفنانات اللائي كتبن مذكراتهن او سيرتهن الذاتية او ربما اكثر، إضافة الى الفنانة السبعينية الممثلة روناك شوقي، فما الذي تشكله السيرة الذاتية للفنان وما الدافع لها حياتيا وفنيا؟

سؤال مهم... هذه السيرة الذاتية هو حلم يراود مخيلتي منذ الفترة التي بدأت فيها ادرك اهمية الوثيقة وقيمة الوثيقة. أنا ادركت مفهومها في بيت والدي رحمه الله، حيث كنا نحرص على توثيق أي تفصيلة تخص حياتنا، الحدث يوثق والصورة توثق والمحبة توثق والعاطفة توثق، مثلا المسافر عندما يبعث لنا صورة ونرى ما مكتوب في ظهر الصورة من تاريخ التقاطها والمشاعر والقرار في بعض الاحيان بل وحتى الكتاب عندما يُهدي يوثق بالتاريخ وبالتوقيع، وممهور بانطباعك وتقديرك الشخصي لمن تهديه، كذلك الالبومات التي تحوي تفاصيل كثيرة حياة العائلة من حيث الطفولة وما فيها من اشخاص، وهكذا تضاف لها المنجزات لوالدتي من منجزاتها على المسرح والازياء والديكور والمكياج.. كذلك والدي هو ايضا من التربويين الذين كتبوا كثير من الكتب المنهجية فيما يخص الزراعة. فهو مختص بالزهور وتخطيط الحدائق وكان لدينا مجلات كثيرة وكبيرة جدا من عالم الزراعة والزهور والتخطيط الخ.

أنا نشأت في بيئة غنية، فأينما أدير وجهي اسمع صوت يسرق اذني من ثقافة وفن ووعي، فادركت وقتها أهمية الوثيقة، اهميتها للتاريخ بعمر مبكر جدا، قد تعتقد باني ابالغ في كلامي فانا في فترة المتوسطة كنت اتابع الاعمال المسرحية لموليير وشكسبير وابسن واعمال روائية لكامو، وهناك اسماء لم تسعفني ذاكرتي لذكرها الان، فتولد لدي الفضول، فقد كان لديّ نهم للمعرفة وللتطور والتثقف، وكل هذه أسست لدي البذرة الحقيقة والتي نمت عبر السنين من الوعي والادراك بأهمية التاريخ لديَّ، فالإنسان يخلد نفسه من خلال تاريخه، فحضارتنا بقيت صامدة من خلال ما أرخه من خلال البنيان والارقام الطينية ومن خلال الكتاب والتوثيق، فهذا هو الخلود بتاريخه بأنه كنا هنا ذات يوم وهذا ما قدمناه أما بالنسبة لتقييم ما قدماه هل هو كبير ام صغير هذه ليست قضيتنا انما هي قضية من سيقيم المشوار او المنجز لكن قضيتنا ان نحفظ هذه الذاكرة للأجيال القادمة فالذي مر على العراق ولا يزال يمر به حتى الان، هو تشويه للذاكرة العراقية وتشويه للشخصية العراقية؛ فهذا يمزق قلبي حقيقة كالإرهاب الذي دمر بالمعاول الثور المجنح في المتحف، فنحن لا زلنا نحتفظ ونؤمن وقادرين بان نترك بصمتنا بأية طريقة كانت، يجب ان نقدم الحياة التي كنا نعيشها كل هذا يجب ان ينقل الى الاجيال القادمة، فقيمة ما امتلكه من مذكرات ليس الان بل لمن سيأتي لاحقا فمذكراتي كتبتها ليست بالطريقة التقلدية، فقد استعنت بدربتي فمهارتي التلفزيونية على مر السنين من سيناريو واخراج والتصور والتمثيل عملتها على ثلاث روايات، رواية فوتوغرافية والتي تتحدث عن سيرة الحياة بعدد صفحات 450 صفحة تقريبا ملونة ورواية صحفية اخذت منها أهم العناوين الصحفية فجعلت الحوار مع اهم الاسماء الصحفية التي تحدثت معي، وفصل جعلت فيه حوارات نقدية، احد هذه الفصول للأستاذ علي الياسري، وحاورتني الشاعرة ورود الموسوي من امرأة لامرأة من جيلين مختلفين، فهي شاعرة من جيل شاب وانا اكبرها سنا وهي متدينة ولكن لديها وعي وتحظر، أنا كنت متقصدة في خلق هذا التناقض او الاختلاف في الرؤى وايضا هي تعيش خارج الواقع العراقي، أعني تعيش خارج العراق. فحاولت أن أعمل معادلة لتكون مقبولة حواريا فكان حوارنا من امرأة لامرأة.

فهذا الكتاب أعتبره خطوة مهمة على الصعيد الشخصي باني قد حضرت جزءا منه، لكوني شاهدة على عصر مهم جدا فقد عشنا في عصور فيها جدليات كثيرة، فأنا شاهدة مهمة أنتمي لرؤية موضوعية، حاولت ان اضع في هذا الكتاب رموز العراق وأن أمر فيهم، فلا أستطيع ان احصي جميع منجزاتهم لان الكتاب ليس هذا هدفه وإنما هدفه استعراض حياتي في العصر الذي عشته وبرموز هذ العصر وعن كيفية المجتمع الذي عشنا فيه ومدى تأثيرنا. فأنا لدي القدرة ان اعمل اكثر من كتاب، فحياتي غنية استطيع ان اخذ منها الكثير من الفصول واستخرج منها عشرات الكتب، لكني دخلت على الموضوع وحاكيت فيه كتب كثيرة أطلعت عليها للسيرة الذاتية، فهناك كتاب أهداني إياه ولدي حينما كان في الدراسة المتوسطة، عندما كنا نعيش في عمان، حيث يذهب الطلاب الى لندن، كجزء من نشاطهم التعليمي لمشاهدة مسرح شكسبير وعندما عاد من لندن أحضر لي هذا الكتاب كهدية، فالكتاب يتحدث عن حياة ونستون تشرشل، فتصور عمره كان 12 عاما، ليجلب لي هدية وهو كتاب عن سيرة ذاتية، هذا هو الوعي موجود في الاجيال التي اذا كانت هناك بيئة صالحة للنشأة، فعندما فتحت هذا الكتاوب اعجبت به، كان مشوقاً لبساطة رواية الاحداث فيه، فأنا حاكيت أسلوب هذا الكتاب في كتابة السيرة الذاتية، حاكيت بكتاب تشرشل الذي كان عبارة عن صور فكتابي كان به كثير من التفاصيل.

فهذا الكتاب اثار شهيتي لأن أحاكيه، طبعا بعده بسبع سنوات بدأت اعمل عليه، و اخذ من وقتي اربع سنوات. وكان هناك كتاب اخر اصدرته جريدة الاهرام عن الملك فاروق عندما كنت اعيش في القاهرة وهو كتاب السيرة، وايضا مؤسسة الاهرام هي من عمل هذا الكتاب، وهو مطبوع عشرات المرات ايضا، وأعجبت بأسلوبه، ولكن أرى أن المحتوى الذي قدمته في كتابي كان اكثر اصالة لأنه أنا من وضعه اشتغل عليه بكل التفاصيل، يعني الكتابين الذين انا حاكيتهم كانت مؤلفة من آخرين عن هذه الشخصيات، حيث ان كتب من هذه النوع يجب ان تكون هناك مؤسسات معنية بإنتاجها وتحريرها .

في هذا الكتاب أعتمدتي على الصور هل هي للأخبار عما تحتفظين به من أرشيف مصور ام هي سيرة مصورة ورغبتك في ان تتحدث هي الصور عن الموضوع وعن التاريخ والانجاز وهذا يتجه نحو الوثيقة التي تكلمنا عنها سابقا والتي تكون هي الاهم فأنت تعمدت على ان يكون كتابك مليء بالصور بدلالاتها.

- هذه الصور هي جزء قليل من الارشيف الكبير الفوتوغرافي الذي احتفظ به ولكن الصعوبة في الامر هو ان تلخص مسيرة خمسين سنة وان تجزء الحياة الى مراحل مثلا من عمر سنة واحدة الى ست سنوات تستطيع ان تتحدث عنها بعشرين صفحة او اكثر هذا قرار الكاتب، اما ان تتحدث عنها فوتوغرافيا فانا اجدها في غاية الصعوبة ان تجمع عدد من الصور تختزل ما مجموعه ست سنوات او سبع سنوات او عشر سنوات لكي تتحدث عن البية او العائلة او تتحدث عن الصعر او الانجاز، فأنا عندما عملت هذا الكتاب بمتابعة مني فنيا من الغلاف الى الغلاف الى الغلاف صورة وكلمة وحركات.

مثلا عندما اختار صورة لي في المسبح مع قطتي وامتي قريبة مني، لدي خمسين صورة توثق نوع الحياة التي انا اعيشها لكني اخترت صورة فيها حديقة، صورة، مسبح، فيها ام طريقة لبسها فيها طفلة وطريقة جلوسها فيها جدة، وبيت خلفية الصورة فيها ستارة وانارة لكي اعطي وثيقة للعصر بالذوق والزي والسلوك والمستوى المعيشي، فكان هذا بالنسبة لي تحدي كبير فانا مؤمنة بأن الصورة اكثر امتاعا للقارئ خصوصا ونحن الان في عصر التكنولوجيا، فأنا اعتبر من القارئات النهمات، فالتكنولوجيا وفرت لدينا خيارات دون ان نصبر وتعودت التكثيف حيث ان يطول الموضوع اكثر من سبع اسطر واتحول الى فقرة اخرى لكي أقرأ، فالصورة فيها تكثيف، فيها فرجة ومتعة فيها اغناء للبصر وفيها اشباع للخيال كأنك تكون قريب وتلمس الشيء، وانا هدفي من تقديم الكتاب ان اؤكد على هويتي في مجال عملي، فانا مخرجة وممثلة وكاتبة سيناريو ونجمة وام وكاتبة وقارئة، اردت ان اعطي كل هوياتي في هذا الكتاب.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

بعد ثلاثة عقود .. عباس الكاظم يعود بمعرض «خطوات يقظة» في الدنمارك

مذكرات محمد شكري جميل .. حياة ارتهنت بالسينما

بيتر هاجدو والسرد الصيني

عدد مجلة "أوربا" الخاص عن الأندلس .. نسمة هواء نقي في محيط فاسد

رمل على الطريق

مقالات ذات صلة

الشعر.. هل سيجد له جمهورا بعد مائة عام؟
عام

الشعر.. هل سيجد له جمهورا بعد مائة عام؟

علاء المفرجي هل سيجد الشعر جمهورا له بعد مائة عام من الان؟؟… الشاعر الأميركي وليامز بيلي كولنز يقول: " نعم سيجد، لأن الشعر هو التاريخ الوحيد الذي نملكه عن القلب البشري" فالشعر يعيش بين...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram