حسين رشيد
هزات متباينة الشدّة والأثر تضرب البلاد بكل مفاصلها، منها مفتعل وآخر ذا سياق طبيعي في ظل منظومة سياسية غير مترابطة ولا متفاهمة تدير دفة السلطة، قد اتفقت على الخطوط العريضة دون المرور بالتفاصيل،
إذ إن المهم عند هذه المنظومة التي شكلت الحكومة الظهور بشكل أنيق أمام من وصفتهم بالخصوم والأعداء، وظل إعلام هذه المنظومة يروج للحكومة ويكيل الاتهامات هنا وهناك، و رويداً رويداً خفّ هذا الترويج، وتفرقت الأصوات بين كتل وتيارات المنظومة، وتوزعت الانتقادات تارة تكون من شخصيات سياسية، وأخرى من إعلاميين وكتاب ومدونين، وظل الأمر بين المد والجزر، حتى ساعة إعلان السيد محمد شياع السوداني دخوله الانتخابات البرلمانية المقبلة وقد يكون الدخول بقائمة مستقلة عن تلك المنظومة التي يبدو أنها في مفترق طرق، بل تقاطع مختنق بالازدحامات باختلاف وجهات النظر والآراء، وربما لن تنفع معها أي من مشاريع فك الاختناقات المرورية التي اطلقتها الحكومة، فالأمر بحاجة لمهندس ماهر ومخضرم لفك الاختناقات السياسية التي ستشتد في الأشهر المقبلة.
مرحلة ما بعد حكومة السوداني، ستختلف كثيراً عما سبقها، وستشكل مرحلة جديدة في الخارطة السياسية العراقية، وحكومة جديدة قد لاتشبه أي حكومة سابقة، وربما يكون العكس ففي عراق ما بعد 2003 ستكون مفتوحة على جميع الاحتمالات المتوقعة وغير المتوقعة، الداخلية والإقليمية والدولية، ومن ثمّ تختلف تجارب الحكومات لكنها لاتختلف كثيراً في النهايات وبدء مرحلة التحضير لانتحابات مقبلة ثم صراع الترويج واستغلال المناصب، لتأتي حمى إعلان النتائج، لتليها مرحلة الطعن ثم التسابق على جمع الأصوات وبناء التوافقات بين الكتل والتيارات وتفاصيل أخرى كثيرة قد يزدحم بها طريق تشكيل الحكومة المقبلة، حينها يكون الخيار إما مجسّر فوق الطرق والتقاطعات التقليدية، أو نفق يسمح بمرور الجميع باستثناء الشاحنات الكبيرة، وهذه المرة قد تتعمد إحدى الشاحنات وتدخل النفق وتغلقه وتشل حركة سير تشكيل الحكومة إذا ما فرض عليها عدم دخول النفق أو منعت من السير فوق المجسّر بقرار أو تعديل لقانون يمر من خلال المحكمة الاتحادية.
سيحاول السيد السوداني خلق عامل توازن في إدارة كل الملفات وسيعمل على إذابة أي جليد بين هذا الطرف وذاك، وسيعمل جاهداً على إدارة الأمور بنقطة المنتصف والوقوف في الوسط، والاحتماء خلف ما أطلق من مشاريع في بغداد جاءت على حساب إهمال وتوقف مشاريع المحافظات، فضلا عن التأكيد على جانب واحد متمثلا بمشاريع الطرق والجسور داخل العاصمة بغداد، قد يحسب ذلك للحكومة لكنه ليس أهم من ملفات أخرى كان المفترض التركيز عليها، وبوجه الخصوص ملف الدولار، التهريب، الصناعة المحلية، المخدرات، البطالة، العدالة الاجتماعية في توزيع الثروة الوطنية، والأهم ملف الفساد ومعالجة طرق الإفساد، وليس انتهاء بملف الدرجات الخاصة، والعمل بمبدأ الاستحقاق الوظيفي لكل درجة خاصة لا أن يكون وفق التحاصص بين قوى إدارة الدولة.
كل ما سيفعله السيد السوداني وانتظاره حصد ثمار مشاريع فك الاختناقات وإطلاق مشاريع أخرى، سيضيع في أحداث قد لايتوقعها تضعه في موقف محرج، أحداث قد تفتح باب أحداث أخرى، لن تكون بعيدة عن الأطراف التي سعت لتنصيبه، وعملت على دعمها، وتقديمها كنموذج مغاير لما بعد نيسان 2003 وقد تتصاعد وتيرة الأحداث، وترتكب أخطاء ما كان السيد السوداني يأمل أن ترتكب، وقد يسعى بعضهم إلى إحراج القوى الأمنية في أعمال تربك الشارع العراقي، الذي عليه أن يتحمل نتائج زيارة السيد رئيس الحكومة محمد شياع السوداني إلى واشطن، وما يترتب عليها من تفاهمات وطروحات وشروط واجبة التنفيذ أغلبها قد يكون في الجانب الاقتصادي الذي ما عاد يحتمل أي تضخم أو ارتفاع في تكاليف المعيشة في ظل صعود طبقة ثرية مترفة، وطبقات متفاوتة تصل نهاية سلمها إلى ما تحت خط الفقر.