TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: أحلام صلاح السعدني

العمود الثامن: أحلام صلاح السعدني

نشر في: 20 إبريل, 2024: 11:42 م

 علي حسين

وأنا أقرأ خبر رحيل صلاح السعدني تذكرت المرة الأولى التي شاهدته فيها شاب نحيف يمثل بالإشارة من دون صوت وسط كبار نجوم التمثيل حمدي غيث ، عبد الغني قمر ، شفيق نور الدين ، سميحة أيوب ليؤدي دور أبو المكارم في أجزاء من خماسية الساقية التي كتبها عبد المنعم الصاوي وأخرجها نور الدمرداش ،

 

بعدها سيظهر لنا صلاح السعدني بثوب جديد في مسلسل "لا تطفئ الشمس" المأخوذ من رواية إحسان عبد القدوس ، يؤدي شخصية ممدوح الشاب المنطلق الذي يمثل جيل الستينيات بشخصيته وأفكاره الخاصة ، مشاريعه التي لا تنتهي وأحلامه التي تنطفئ فجأة ، تتوالى الأدوار في الأرض مع يوسف شاهين ، وخان الخليلي رائعة نجيب محفوظ ، وفجأة يختفي صلاح السعدني بسبب مشاغبات شقيقه الصحفي الشهير محمود السعدني والذي سيكتب في كتابه " المضحكون": لقد ورث صلاح السعدني عداء كل السينمائيين بسببي ، وأسدلوا عليه ستاراً من الإهمال والنسيان انتقاماً مني ، ثم حالة الصياعة والضياعة التي يعيش فيها باختياره" حالة الضياعة دفعت صلاح السعدني لأن يتجه إلى المسرح ليمثل في رائعة نعمان عاشور " الجيل الطالع" ، ويؤدي البطولة في مسرحية ميخائيل رومان " الدخان " التي أثارت ضجيجاً بين نقاد المسرح في السبعينيات ، ويتألق مع سعد الله ونوس في الملك هو الملك.

لم يكن صلاح السعدني يحلم في أن يصبح النجم الأول، فقد كانت النجومية تعني وسامة مفرطة ، لكن صاحبنا الذي جاء إلى التمثيل من كلية الزراعة ، حلم ذات يوم أن يصبح مثل محمود المليجي ، ممثل الأدوار الصعبة ، كانت ملامحه أقرب إلى وجوه الناس البسطاء ، لكنه استطاع أن يذهل المشاهد بتلقائيته التي كانت تُخفي وراءها طاقة تمثيلية هائلة، فقد قرر أن ينسينا نحن المتفرجين أننا نجلس أمام التلفزيون، نتابع تقلبات العمدة سليمان غانم في ليالي الحلمية وصراعه الذي لا ينتهي مع سليم البدري ، لياخذنا الى عالمه ، يتحدث فننصت إليه، يُحرك يده فتذهب الأنظار باتجاهه، يضحك فتنطلق الضحكات مجلجلة . وكان كلما حاول ابطال المسلسل منافسته ، ازداد تفرداً وتألقاً.

يتعرف أن الكتب والسياسة كانت بوابته إلى الفن: " السياسة الآن دخلت في كل شيء، زمان كانت تمارس داخل القصور فقط، الآن الزمن اختلف والسياسة أصبحت في رغيف العيش وعلى المقهى وفى مباراة كرة القدم، والفن ما هو إلا انعكاس للواقع ".

يغيب صلاح السعدني وتطوى معه صفحة من زمن جميل مضى ، كان قد حذرنا من تسربه بغفلة منا: "

وينفِلِت من بين إيدينا الزمان

كأنه سَحبة قوس في أوتار كمان

وتنفرط الأيام عقود كهرمان

يتفرفط النور والحنان والأمان.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. عدي باش

    منذ 2 سنوات

    الرحمة و الذكر الطيب للفنان المبدع (حسن أرابيسك)

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram