ترجمة: عمار كاظم محمد مازال الماضي يدفع نفسه مرة أخرى الى العناوين البارزة في برلين من حين لآخر مثل قنبلة لم تنفجر في مكان ما ، وهي الان تظهر على شكل فن، ففي شهر كانون الثاني الماضي كان العمال يحفرون نفقا جديدا قرب قاعة المدينة كشفت الحفريات عن وجود تمثال نصفي لأمراة كان صدئاً وقذرا ومن الصعب تمييزه لكن الباحثين اكتشفوا ان هذا التمثال النصفي كان لفنان الماني منسي يدعى ادوين شارف يعود الى عام 1920
وقد بدا هذا الاكتشاف غريبا في وقت الى ان تم العثور على المزيد من التماثيل النحتية في آب الماضي بالقرب من المكان نفسه حيث وجد تمثال " الفتاة الواقفة " ل"أوتو بوم " وتمثال الراقص ل" مارغ مول" و بقايا رأس ل اوتو فرويندلخ كما انقذ المنقبون اجزاء أخرى حيث وجد تماثيل لرؤس مختلفة وتمثال للفنانة ايمي رودر يدعى " امرأة حبلى " كما تم اكتشاف مجموعة أخرى في شهر تشرين الاول الماضي . لقد اثبتت التماثيل الاحدى عشر المكتشفة انها نجت من حملة هتلر ضد ما كان يدعوه النازيون "الفن المنحط " حيث اختفت تلك الاعمال من المتاحف الالمانية في الثلاثينيات وتم اخفاؤها تحت الأرض قرب القاعة الرئيسية في المدينة وقد نظم معرض بسيط من هذه المكتشفات في متحف نيوس في برلين . ومثل الاعمال النحتية ازدهر هذا المتحف بعد كل هذه السنوات من الخراب الذي أعقب الحرب حيث أصبحت عملية اعادة اعمار البناية شهادة للتاريخ الألماني يحمل شهوده بدليل الضرر الذي اصابه حيث لا الزمن ولا الاجيال التي مرت يمكن ان يمحيا ذلك العنف الذي شهده نتيجة للحرب . تلك الاعمال كانت شبه تكعيبية او تعبيرية ليس حجمها اعلى من قدم واحد كانت منظفة لكنها مازالت تحمل خدوشا تدل على التناظر الانساني الواضح . الشاعر والناجي من المحرقة بول كلين يأتي هنا في سياق مختلف حيث استعارة القناني التي يتم رميها في المحيط " على شاطئ القلب " وهاهي تغتسل اخيرا على اليابسة فهذه التماثيل كالموتى تعود الينا ولكن كأشباح متالقة. في بلاد ظلت لعقود مجتهدة بشكل كبير في كشف جرائجمها وتأطيرها ضمن سياق التاريخ فان من الطبيعي ان يكون هذا المعرض قد وضع جنبا الى جنب مع الافاريز الاشورية التي تشير الى نظام استبدادي قديم .هل قرر الاثاريون حتى الان استعادة الاعمال التي وجدت في الموقع الذي يقع عبر الشارع تحت قاعة المدينة ؟ لقد كانت البناية تعود الى امرأة يهودية تدعى اديث شتاينتز وكان هناك عدة محامين يهود يستأجرونها عام 1939 لكن أسماءهم محيت من السجل بحلول عام 1942 حينما غدا البيت ملكا للرايخ ومن بين الشاغلين لهذا البيت يعتقد الباحثون الألمان المرشح الاكثر احتمالا لحيازة تلك الاعمال الفنية هو ارهارد اوردريخ محامي الضرائب ووكيل خاص ، ان ارهارد غير معروف على نحو واسع لكنه اشتهر بتهريب العوائل اليهودية من اضطهاد الرايخ الثالث وقد كتب ولفجانج ابندروث وهو معارض ويساري نازي كتاب توصية به عندما تعرضت حياته الى الخطر آنذاك .النظرية الحالية حول تلك التحف تقول حينما قامت غارات التحالف بقصف البناية سقطت محتويات مكتب اوردريخ الى الارض ثم انهارت البناية تماما حيث أتاحت عمليات البحث الحصول على رماد من الموقع يحتوي على بقايا صور وتماثيل من الخشب لكن كيف انتقلت ملكية تلك الأعمال الفنية الى اوردريخ؟! ذلك ما يبدو غير واضح لحد الان . عبر الشارع من متحف نيوس يوجد معرض معاصر يظهر الأعمال التي كان يأمل النازيون في استئصالها لكن بدلا من ذلك اعطى مدينة برلين هويتها الحالية كعاصمة للهدوء وهي المدينة التي تجتذب جماهير الشباب هنا الى الابد في دولة غدت قلقة وغير متأكدة وحذرة انكسرت على العموم لكنها متفائلة بشان المستقبل من خلال الاختلاف حيث لا تستطيع المانيا الهروب من ماضيها. rn عن: هيرالد تربيون
الفن الناجي من حرب هتلر
نشر في: 4 ديسمبر, 2010: 04:50 م