اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > قداسة الفكرة فـي الأغنية السبعينية

قداسة الفكرة فـي الأغنية السبعينية

نشر في: 4 ديسمبر, 2010: 04:52 م

خضير فليح الزيديليس من المغالاة إذا أدرجنا الأغنية السبعينية في العراق ضمن خانة المشاريع الفنية النهضوية غير المكتملة والتي لم يُكتب لها النضوج  المطلوب لبلوغ أهداف الريادة في النجاح، لذلك يعتبر من المبالغة والتفخيم الأجوف وصف ذهبية عصر الأغنية العراقية ابان تلك الحقبة من القرن المنصرم بألمعية الأغنية العراقية دون تفكيك ذلك المحتوى..
وإذا جاز لنا التعبير في وصفها بالمشروع الفني الأقرب لوضوح الهوية الغنائية الجيلية، فيمكن القول عنها الاستكانة على النمط ذاته الذي باتت عليه ورديفاتها من الأربعينية والخمسينية والستينية، إذ استكانت في شكل المرواحة دون الإفادة من الإرث الفني لما سبقها، دون الإفادة من خاصية التطور.. غير إننا لم نسمع في احد الأيام  الآراء النقدية الدقيقة لمسيرة الغناء العراقي وخصوصا ابان تلك الفترة.. النقدية الفنية التي يُراد لها الإطاحة بالسائدية من التوجهات العامة أو في الأقل تفكيك جاهزية الأفكار ضمن مشروع نقدوي حداثوي للمنجز الغنائي العراقي..إن الكثير من أغنيات السبعينيات هي نتاج مرحلة استقرار نسبي قد مرّ بها العراق، اذ اتيح لشعراء  الأغاني او الشعراء الشعبيين بصورة عامة، من التسابق على طرح منجزهم الشعري الى الملحنين، وهم في اغلبهم لا يمتلكون ناصية الثقافة العالمية، متوهمين إن ركب حصان الثقافة الماركسية المسموعة يضعهم على جادة الثقافة السائدة.. ليست لهم تجارب حياتية كبيرة أو مغامرات جنون الشعر.. تختمر أفكار القصائد في اغلبها على موائد الخمر الليلية.. ثم تندرج ابيات الشعر في سياقات متشابهة. اما القول ان الملحن السبعيني لا يمتلك الثقافة العامة أو الموسيقية المتخصصة، فهو قول صائب في معظمه .. يشتغل على دغدغة الأحاسيس في جمل موسيقية مكرورة ومأخوذة من التراث العربي الشرقي.. يدندن في مشاريع أغنيات جديدة – قديمة معتمدا على قصائد غنائية سهلة المعاني وتدور حول المساحة ذاتها التي اشتغل عليها معظم المنجز الكلامي للأغنية العراقية ( الهجران .. العذاب.. الحب المذل للشخصية.. جنون الليل .. المنافقين أو ما يسمى الشمّات ، وهكذا)  .. فما ذنب الجمهور في مواكبة احداث مفتعلة وذاتية وفي اغلبها لم تتخلص من الأنانية،  لمشروع أغنية سبعينية جلّ فنيتها الاعتماد على حركتين مختلفتين في الإيقاع..أما مطرب السبعينيات فهو كذلك يسير الركب نفسه ويعاني إضافة الى ذلك من أزمات أخرى كهجر الحبيب أو الزيجات الخائبة أو السلوكية المتذبذبة.. وقد تكون خياراته ضيقة أمام ملحن متسيّد الساحة وشاعر هائم في سحر ليل الخمرة.. فكانت الاغنية السبعينية نتاج البيئة الريفية وليست البغدادية المدنية لان شاعرها وملحنها ومطربها مغرمون بنمط الريف الجنوبي ومنتشون بغزو العاصمة المتمدنة بكل تراثهم الحكائي الريفي..ولان الشعب العراقي تربى بشكل قاسِ على الماضوية الارثية فأنه اليوم تراه يحنّ الى تلك الأغاني ويعتبرها النموذج الأمثل للمفردة اللغوية واللحنية.. وهي نتاج حانات الخمر شعرا ولحنا وتطويحا.. وعلى سبيل المثال إن الأغنية العراقية بشكل اعم كانت لها مسارات مغلوطة منذ النشأة الأولى.. أبان مرحلة الكويتي والغزالي وسليمة مراد والهوزوز ورضا على وغيرهم .. بداية أكثر مسطحة خالية من التأويل والمعنى والصورة وحتى نسغ الحكاية فهو البعيد عن روح الشعر..لو قمنا بترجمة الأغنية الغربية سنحصل على صور شعرية وحكاية مشوقة عن نمط الحياة العادي ..شخص جلس في الصباح يشرب القهوة ويتطلع الى جريدته ، فتلتقط عينه خبر انتحار فتاة، الحبيب مثلا ذهب الى منجم الفحم دون وداعها.. هناك حكاية وحدوتة دوّنت بشاعرية ورومانسية.. كذلك سنجد تغيير نمط الشعر في الأغنية الفيروزية وتأثير الاوبريت الايجابي على فكرة الأغنية الفيروزية.. لذلك نجد الخلود لأغانيها على مر السنين. بعكس اغاني الراحلة ام كلثوم نجد اللحن الجيد والكلام البسيط غير الشاعري وقوة في الاداء..إن التأمل وإعادة نمط إنتاج الفكرة ستجد إن الكثير من أغاني السبعينيات هي نمط من الأغاني البائسة شعرا ولحنا وغناء ، طبعا باستثناء بعض أشعار النواب وزامل سعيد ذوات الصور الشعرية الرصينة..لأننا ماضويون بامتياز فندافع عن غث وسمين كل تراث الأغنية السبعينية العراقية، ولو أتيح التمعن بتجرد العاطفة على الإرث الفني من ذلك الغناء سنجد إن الكثير من تلك الأغاني هي قوالب جاهزة لبؤس الإنسان وضحالة تفكيره .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram