أوليفيه غايارترجمة: سلام العبوديقام الرئيس الأمريكي باراك أوباما بزيارة للهند، بداية تشرين الثاني الماضي ، أسوة بالزيارة التي قام بها رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، في تموز الفائت، وقبل أن يفتح الطريق لنظيريه الفرنسي نيكولا ساركوزي، والروسي ديمتري ميدفيديف المنتظر
زيارتهما الهند خلال كانون الأول العام الجاري. زيارة لثلاثة أيام اتخذت طابعاً غير مألوف إلى حد بعيد، ذلك أن ممثل الاقتصاد العالمي الأول يفصح بكل وضوحٍ عن البعد التجاري لأقامته على الأرض الهندية. ومع إن الهند يعد العنصر الاقتصادي الصاعد المتمتع بتنمية اقتصادية مزدهرة منذ عشر سنوات - مع شجبنا لوجود 300 مليون مواطن تحت عتبة الفقر – الا ان السؤال المهم هو : هل غدت في العام 2010 محطة إنطلاق لنمو اقتصاد العالم المتطور وعنصراً سياسياً لا يمكن تجنبه على المشهد العالمي؟ وعليه، هل أن الهند جديرة بذلك، أم أنها ليست جديرة؟ غداة موعد حزين مع السياسة الداخلية نتيجة انتخابات منتصف ولايته، برمج الرئيس باراك أوباما على أجندته القيام بجولة آسيوية ذات وقع قوي في مجال السياسة الدولية. وقد أمضى عشرة أيام (6-16 تشرين الثاني) ابتعد فيها بعض الشيء عن الاحتمالات الداخلية لغرض حضوره قمة الدول الصناعية الكبرى المنظمة في سيئول، ولكي يناقش مع أربعة من الشركاء الآسيويين المتميزين (الهند، اندونيسيا، كوريا الجنوبية، اليابان) أطر العمل المشترك، والتعاون مع أمريكا المتنفذة، والمتطلعة إضافة لذلك لأن تسترد مجدداً، بعد عقد من الابتعاد النسبي، مكاناً أكثر مركزية في "اللعبة الكبرى" الآسيوية. وقد يكون مفيداً عند هذا المستوى ملاحظة أن الرئيس أوباما مد رحلته إلى أربع توقفات موزعة بين اقتصادين صاعدين (الهند واندونيسيا)، وحليفين منذ أمد طويل من آسيا الشرقية (كوريا الجنوبية، اليابان) باقتصاد متطور، أربع توقفات لدى أنظمة ديمقراطية بما لا يقبل النقاش ومتوافقة مع أمريكا. دبلوماسية اقليمية منح الرئيس الأمريكي تقديره للهند، مؤمناً بها ومراهناً عليها. فباستقباله رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ في البيت الأبيض في تشرين الثاني 2009 (حيث كان مدعوه الأجنبي الأول الذي وفد في زيارة رسمية) كان أوباما لديه الفرصة لأن يظهر له كم أن إدارته متمسكة بتنمية، وبتعزيز الصلات مع نيودلهي. وإذا كان هذا اللقاء الافتتاحي قد اكتسى بسمات بروتوكولية ودبلوماسية، فإن زيارة رئيس الدولة الأمريكي لمومباي ودلهي تندرج في قرينة عملية أكثر، وبدقة أكثر هي ذات غاية اقتصادية وتجارية. فبالنسبة للرئيس الأمريكي "إن الأسلوب الذي نرى به الهند اليوم هو أن الولايات المتحدة تأخذ بنظر الاعتبار فرصة التصدير نحو واحد من الأسواق الأكثر نشاطاً في العالم (...)، إنها ستراتيجية التوظيف". وقد لا يمكن للمرء أن يكون أكثر وضوحاً، وأكثر تسديداً وأكثر صراحة. "كلي أمل في أن خلال هذه المناقشات مع رئيس الوزراء، ورئيس الوفد الهندي والأعضاء الآخرين، سنكون قادرين على تعزيز روابطنا التجارية، وترصين تعاوننا الثنائي". فالاقتصاد الأمريكي، الذي ما يزال يكابد من التأثير المباشر للأزمة المالية الدولية السابقة (انكماش اقتصادي في عام 2009، و9,6% من القوى العاملة في حالة بطالة) هو الآن في حالة بحث عن مساندات، عن آفاق، عن "دفعات إلى أمام". على الهند، التي اقتصادها الصاعد يدور من الآن فصاعداً بوتيرة مدعمة (ناتج داخلي إجمالي : + 6,5% في عام 2009؛ وتخمينات بمقدار + 8,5% في عام 2010) أن تساهم، بقدراتها الجديدة (المالية، والحسابية) في المشروع الضخم هذا لتقديم المعونة لأمريكا القوية. إنها ظاهرة لم يسبق لها مثيل، ومثيرة للتعجب. "ليس من عمل الهند انتزاع فرص العمل من الولايات المتحدة الأمريكية" هكذا يدافع الرئيس أوباما، آملا أن يدرأ عن نفسه مزيداً من صواعق ناخبيه الهائجين. "لا أضن أنكم سمعتموني أمتدح مساعي البحث عن المصلحة في موضع آخر أو منشأ خارجي طيلة زيارتي (...)؛ إن هذه الممارسات اشتملت بخلاف ذلك جهداً ضخماً تجسد في نهج: رابح- رابح (أنت رابح وأنا رابح) الذي يمكّن بصفة خاصة من خلق فرص عمل في كل واحدة من الدولتين". أما الهند، فمن الدبلوماسية الإقليمية إلى الاقتصاد الثنائي، واشنطن-دلهي، البطاقة الجديدة "رابح-رابح" من الرئيس الرابع والأربعين للولايات المتحدة الأمريكية. عندما تترافع واشنطن لصالح دلهي أرباح الأسهم الاقتصادية والتجارية من محطة الرسو الأمريكية هذه على الأرض الهندية (حيث كان وفد الولايات المتحدة يضم أكثر من 200 من رؤساء الشركات الكبرى...) كان يتوجب بالضرورة أن تكون مصحوبة بتلميع دبلوماسي بأكمل وجه. وقد كان القصد "الدفع بالمقابل" لثمن هذه الإجراءات التجارية الجيدة. ففي الساعات الأخيرة من إقامته في وطن المهاتما غاندي، وعند آخر ظهور علني له، أكد الرئيس أوباما قائلاً "أنتظر بفارغ الصبر رؤية مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة جرى إصلاحه وقد ضم الهند بصفة عضو دائم" قبل أن يستقل طائرة القوة الجوية وتحلق به نحو جنوب شرق آ
زعماء العالم يتوددون للهند فـي زمن تحديثها!

نشر في: 4 ديسمبر, 2010: 05:07 م