من هو الماجن والخليع في القرن ٢١؟ أليس تسلط المتخلفين والجهلة علينا، هو امر مخالف للاداب العامة في هذه اللحظة من العصر؟ دعونا نفكر مع بعض فيما شهده البرلمان صباح الاثنين.
حكومتنا والسلطان الذي يرأسها دون كلل او ملل منذ سبعة اعوام، تعمل بلا توقف على "تصحيح" اوضاع الشعب، وتبدأ بالمكاسب التي تحققت اثر زوال صدام حسين. السلطان يحاول استعادة جزء اساسي من صدام حسين عبر مدخلين: الاول احتقار التعدد السياسي والثقافي والبحث عن حكم مطلق، والثاني صناعة اوهام لتلهية الشعب بدخان المعارك او ترويعه "برعب" المواقع الالكترونية الفاسقة والبورنوغرافيا.
البرلمان يسأل السلطان مليون مرة كل اسبوع: لماذا تنفق المال دون اذن، ولماذا تحرك الجيوش دون تشاور، ولماذا نجهل كل شيء عن صفقة الاسلحة، ولماذا ولماذا؟ والسلطان يجيب النواب بارسال قوانين تتحدث عن اهتمامه بعفة الشعب وخلاعة مواقع الانترنت. انتبهوا، انه ليس مجرد حوار طرشان، بل شيء مقزز تكون فيه السياسة التي يمارسها السلطان، مشهدا لفعل جنسي بدائي ومليء بالقسوة والسادية، ضحيته نحن.
اقرأ الان اقتباسا نشره صديق في فيسبوك، عن المسرحي السوري الراحل سعد الله ونوس ينتهي بجملة صادمة "بعد حرب الخليج (١٩٩١) وصلنا الى مرحلة عري كاملة". ويصعب على مثلي ان يضيف شيئا لجملة هذا المسرحي الكبير، لكنها توحي لي بأن لحظة "العري الكامل" التي بلغناها قبل نحو ٢٢ عاما اعقبتها لحظة اغتصابات متكررة لجسد شعوبنا يقوم بها ساسة متخلفون وقساة ومغرورون.
حكومتنا وسلطانها لم تكتف بالاستيلاء على الهيئات المستقلة وطرد القاضي رحيم والمحافظ سنان، وتهديد اطراف سحب الثقة بالدبابات.. وتهديد علاقاتنا الدولية.. بل ان سلطاننا يريد ان يبدأ بالتحكم بالانترنت والاتصالات الهاتفية ايضا.
سلطاننا لا تعجبه قوانين اوربا او اليابان التي تنظم الاتصالات والمعلوماتية، بل تعجبه طريقة الوهابية في الرياض، والتشدد في طهران. ولو لم تنسحب القائمة العراقية والكردستاني من البرلمان صباح الاثنين، لبدأت اول عملية تحكم بالانترنت في العراق منذ سقوط صدام حسين الذي كان يخشى الحرية ويتفنن في عصب عيون الشعب.
الحكومة كانت حزينة طيلة عشرة اعوام لان الشعب امتلك خط انترنت حر بلا قيود، بينما سلاطين ايران والسعودية وسوريا والصين، يتحكمون بحجم حرية تصفح النت لديهم. حكومتنا تشتري قناصات روسية بضعف الثمن، وتنفق عشرين بالمائة من دولاراتنا على عمولات الفساد وقناصات لا تعمل بشكل جيد. وقبل ان تكشف لنا الفضيحة تحاول مشاغلتنا بالقول ان "على الشباب ان يتعففوا جنسيا"!
موظف حكومي رفيع اعترف امس بأن هناك مليوني عراقي يعانون من نقص التغذية اي انهم جياع، وبصرة البحر والنفط هي الاكثر جوعا، تليها بغداد ثم نينوى. والحكومة تقول للجياع ان عليهم "حفظ فروجهم" وعدم الاعتراض على صفقة السلاح الفاسدة التي يمكنها اطعام شعب الاردن سنة كاملة.
لنحاول العودة الى نقطة احاول استلهامها من المسرحي السوري. ان الساسة المتخلفين ليسوا مجرد خداعين وظالمين. انهم مكبوتون يتلذذون باجبارنا على ممارسة "الجنس" معهم بشكل سادي جدا. سياساتهم قامت بتعريتنا تدريجيا، ثم راحت تغتصبنا وتخضعنا على طريقة الفعل الجنسي العدائي، والضحية المغتصبة بدأت تجوع اكثر، وتصبح جاهلة اكثر، والسلطان على اختلاف وجوهه وشخوصه في منطقتنا، بدأ يطور تفاصيل حكاية الاغتصاب هذا، فحلب المحروقة بالصواريخ اغتصاب دموي مهول. والبصرة التي تنتج النفط وتشرب ماء البحر بلا تنقية، مع بغداد والموصل اللتين تضمان اكبر تجمع للجياع حسب تقرير الحكومة، اغتصاب باللحم والشحم.. وعلى هذا يمكنكم قياس ما يشتهيه محمد مرسي لمصر.
التغيير والالتحاق بالامم الحديثة لن يتم بخلع حسني مبارك ولا صدام حسين. بل يتطلب اعادة تعريف وفهم اولوياتنا الاخلاقية، لذلك فانسان العصر الحديث لا يفهم الفسق والخلاعة والاداب العامة، كسلوك جنسي يتعلق بما بين الفخذين. انسان العصر الحديث قام بتغيير اولويات جدنا النياندرتال، وقال بشجاعة ان الذنب لا يعني الفسق بالمفهوم الجنسي الكلاسيكي او التوراتي، بل الذنب الكبير ذلك الذي يفعله اعوان الحاكم الذين يسرقون صفقات الاسلحة ومواد البطاقة التموينية وينامون بسعادة رغم امتلاكنا مدنا تشرب ماء البحر، ومليوني جائع. لقد سألتكم قبل ايام: هل بقي لدينا "عقل" نخاف ان يغسله الغربيون؟ ثم هل ابقيتم لشعوبنا شرفا نتباهى به امام الامم؟ وأسأل اليوم: هل الشرف سوى الاعتراف بكرامة بني البشر؟
قرون من الالم لابد ان تجعلنا ندرك ان الاستبداد ليس سوى انتزاع لشرف الانسان واغتصاب مريع لجسده وروحه. تسلط حاكم مجنون ومتخلف هو فعل خليع بذيء يستحق ان تبثه اردأ المواقع الاباحية. ودكتاتوريات الشرق الاوسط هي فيلم فاسق اباحي علينا منعه، اما تسلط المتخلفين والجهلة علينا، فهو امر مخالف للاداب العامة في القرن ٢١.
"مواقع خليعة" في لحظة عري سياسي
[post-views]
نشر في: 4 ديسمبر, 2012: 08:00 م
جميع التعليقات 3
ميثاق
الامثال تضرب ولا تقاس اعجبتي كثيرا لافة رفعا المحتجون على الازمة الاقتصادية في اسبانيا تقول ( في المرة القادمة سوف ننتخب العاهرات لان في السابقة انتخبنا ابنائهن فلم يفعلوا لنا شي )شكرا استاذ سرمد على كشف ك على نقاب عورة المتسلط بامر الله
saad
لااظن باننا سنتعرض لحزن اكثر ايلامأ من هذاوقد حققنا الرقم القياسي في اوجاعنا... الكل يصرخ حتى الفاسدون يصرخون مع الشعب سنقضي على الفساد والارهاب ولانعلم من هم الفاسدون الشعب الذي انتخب هؤلاء ام الحكومه التي تأكل حق الشعب هو ثمن نضالهم ضد نظام صدام حسين او
د.عباس العيثاوي
استاذ سرمد اسمح لي ان انحني واقدم لك تحيتي واعجابي بما كتبت احسنت التشبيه لكنه مفهوم ولايحتاج الى تفسير ...السؤال الذي لاجواب له هل سيبقى السلطان ماضيافي طريقته التي اشرت لهافي للاغتصاب ويبقى الاخرين برلمانا وشعبا ومتخلفين متسلطين راضين بما يجري او يتفرجو