اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العمود الثامن :دكتاتور..لكنه اب -2

العمود الثامن :دكتاتور..لكنه اب -2

نشر في: 5 ديسمبر, 2010: 05:54 م

علي حسين تقوم الدول الاستبدادية على قاعدة " القائد الاوحد" البطل الاسطوري الذي ينقذ البلاد  من محنتها بابسط شروط ومطاليب العدالة الاجتماعية، وترى الشخصية العربية في هذا البطل سبيلا للخلاص فتضفي عليه قوة خرافية، والفضل في هذا لمناهج التعليم التي صممها جهلاء يزيفون التاريخ بشعارات براقة، صاغ منها القومجية والانتهازيون الاشعار والأغاني لكتابة ملحمة " القائد الملهم ".
يكتب ايزنهاور في رده على رسالة وجهها طالب امريكي يساله عن معنى الزعامة بالقول: " عندما تتالف امريكا من زعيم واحد ومئة وأربعين مليون تابع فانها لاتعود امريكا، حربنا الاخيرة لم يربحها رجل واحد بل ربحها الملايين من الرجال والنساء، وفي السلم يقود زمام هذا البلد ايضا ملايين الرجال والنساء".   عندما احس القائد الوطني جعفر ابو التمن بان  الحكومة تريد تعطيل الدستور قاد جماعة من اعضاء مجلس النواب  ليعرض مطالب الشعب على الملك فيصل الاول مطلقا مقولته الشهيرة في شجاعة: "لقد خلقنا الله أحرارا ولم يخلقنا تراثا أو عقارا فوالله الذى لا إله إلا هو إننا لا نورث ولا نستعبد بعد اليوم". ظلت البلدان العربية  لعقود طويلة تغذي  لنوع جديد من الدكتاتورية اطلق عليه " الدكتاتورية الأبوية "  وهذا المدلول يمثل تماما العلاقة بين الأب و الأبناء في الأسرة أو العلاقة بين رئيس القبيلة و مرؤوسيه  و بسحبه على الدكتاتور  ويمكن تحديد صفات تميز هذا النوع من الدكتاتويات: 1- عدم المحاسبة عن نتائج أعماله، او عن  طريق مؤسسة قضاء مستقل أو سلطات مجتمع مدني.2- دائما ما يستند هذا النوع من الدكتاتوريات إلى مرجع أخلاقي أو ديني، و لكن بدون وجود سلطة محاسبة على الالتزام بهذه المراجع. 3- اقترابه من مرتبة التقديس الإلوهية أو كما ذكر الكواكبي " إنَّه ما من مستبدٍّ سياسيّ إلى الآن إلا ويتَّخذ له صفة قدسيّة يشارك بها الله، أو تعطيه مقامَ ذي علاقة مع الله بالعودة إلى موضوعة الدكتاتورية العادلة تجد أن مفهوم العدل المرتبط بشخص الدكتاتور انما هو نوع مزيف  فما هو العدل الذي سوف يتميز به الديكتاتور، وبماذا يختلف عن العدل الذي يتم بالخضوع لقوانين الدولة أو تشريعاتها، هذا التصور " العدلي " هو تأكيد للصفة المميزة للمستبد العربي كونه " سلطة أبوية أو سلطة إلهية. . يكتب مونتسكيو في كتابه الشهير روح القوانين  ان الديكتاتور هو:  الذي ينفرد بالرأي والحكم وفقا لأهوائه ورغباته دون مشاورة أو استرشاد من أحد، ولا يملك أية فضيلة يعتمد عليها في تأكيد مشروعيته  السياسية سوى ما يحاول أن يزرعه في أذهان وقلوب المجتمع من الخوف والمهانة، بحيث لا يكون في نفوسهم سوى الترهيب والتخويف، اعتقادا منه بأن ذلك يوفر الطمأنينة والسلام ".ناضل العراقيون على مدى عقود من اجل اسقاط نموذج الديكتاتور من حياتهم العامة ويستمر أملهم اليوم فى حياة سياسية  سليمة، وهم يدركون جيدا ان نغمة الدكتاتور العادل انما يراد بها  عودة للتسلط الذي إذا ترسخ وأفرخ في اي بلاد وطال به المقام  فإنه سينتج الفساد ويذل العباد ويخرب الإقتصاد على المدى الطويل تاركا اثاره  المدمرة عبر الأجيال!.. وهنا تكمن خطورة دعوات البعض لعودة نظام شبيه بنظام " بابا صدام ".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram