علي حسين
تقول لك البيانات الحكومية وخطابات السياسيين وتغريدات أنصار الديمقراطية الرسمية في النهار ،إن الاحتجاجات والتظاهرات حق مشروع.. لكنها في المساء تصم أذنيها وعينيها عن الجرائم التي ترتكبها القوات الأمنية ضد المتظاهرين ، ولا تنس عزيزي القارئ أن بياناً رسمياً يصدر صباح اليوم التالي يندد بعمليات السحل والضرب ، ويبشرنا بإجراء تحقيق فوري لمعرفة من أطلق المسؤول..
ولهذا ياعزيزتي المتظاهرة في ذي قار لا تسأل لماذا أصرت القوات الأمنية على ضربك وسحل زملائك، لأنكم خرجتم تطالبون بالعدالة الاجتماعية.
صرفنا مئات المليارات على وهم اسمه الديمقراطية العراقية وتحسين أحوال المواطنين، وعندما يقرر شباب أن يخرجوا للمطالبة بحقوقهم ، سيجدون أمامهم من يستبيح دمائهم .
هل تصدقون مثلاً أنّ القضاء العراقي المشغول بكرسي الحلبوسي وشهادة مشعان الجبوري ، يمكنه أن يصدر حكماً بإدانة القوات الامنية ؟، "هيهات" ، ولهذا كان القضاء في كل مرة يخبرنا بأنه سيبحث في ملف قتل المتظاهرين ويطلب من الشعب أن يصبر، ففي العجلة الندامة ، والله يحب الصابرين.
والآن سأعيد السؤال الأزلي: لماذا بين الحين والآخر تصر القوات الأمنية على استخدام العنف المفرط مع المتظاهرين؟، هل تدرون أنه في كل قضايا قتل المتظاهرين وسحلهم .. لم يُحاسب المتسببون، لأن التقارير الرسمية، تنكر كل ما يقال عن هذا الموضوع وتقول إنها شكلت لجنة؟!
في عصر الفضائيات و"العالم قرية صغيرة" وثورة مواقع التواصل الاجتماعي، لا يعرف أحد في بلاد الرافدين من هي الجهات التي تقرر سحل المتظاهرين بكل حرية.
أياً كان من يقف خلف الاعتداء الذي تعرض له المتظاهرون في ذي قار ، فإن العقاب يجب أن يكون سريعاً وحاسما. سنسمع كلاماً كثيراً عن أيادي خفية وجهات معادية، بل ربما يذهب الخيال ببعض المسؤولين إلى اتهام جهات أجنبية بتدبير حادث القتل، كما حدث في احتجاجات تشرين حين أصر البعض على وجود "مجموعات مندسة في التظاهرات تحاول جر القوات الأمنية إلى المواجهة"، وينسى هؤلاء السادة أن ما جرى قبل أيام في ذي قار إنما هو استهداف لدولة المواطنة والمؤسسات التي صدعوا رؤوسنا بها.
أرادت القوات الأمنية أن تقول لكل متظاهر إنه في مرمى هراواتها، وإن بإمكانها النيل منه متى شاؤوا، أرادوا أن يستخفّوا بما تردده أجهزة الدولة عن حمايتها للمتظاهرين والضمانات التي قدمتها لهم، ولتثبت بالدليل القاطع أن هناك قوى لديها سلطة ونفوذ أكبر من سلطة القانون والدولة.
منذ انطلاق احتجاجات تشرين عام 2019 وجهات سياسية وحكومية ظلت تؤكد للعالم بأن الذي سرق البلاد وخربها وأشاع الطائفية والمحاصصة وباع المناصب إنما هم العراقيون المحتجون في ساحات الاحتجاج، وأن سحل المتظاهرين بات مقدماً على تحرير العراق من الفساد والانتهازية .