ميعاد الطائيبدأ كوعد وفكرة من بعض الحكومات وتحول اليوم إلى هدف وغاية مشتركة يسعى جميع البشر لتحقيقها. إنه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي جاء في 10 كانون الأول 1948 ونحتفل بالذكرى الثانية والستين لانبثاقه، حيث أعلن في ذلك التاريخ موافقة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على القبول بهذا الإعلان الذي تضمن 30 حقا للإنسان
يجب الدفاع عنها ومحاولة حصوله عليها في ظل الانتهاكات الكثيرة والمتزايدة التي يتعرض لها هذا الإنسان في بقاع الأرض المختلفة .ولقد شهد تاريخ الإنسانية محاولات عديدة من هذا النوع، إلا إن هذا الإعلان كان منعطفا مهما في جعل هذه الحقوق غاية تسعى لها الشعوب وحقا مشروعا لها يدافع عنه الكثير من الأفراد و المنظمات الإنسانية التي تأسست بعد هذا الإعلان . ومن خلال محاولاتنا لاستقراء الواقع العام للسلم العالمي نجد إن انتهاكات حقوق الإنسان دائما ما تكون سببا في اندلاع الانتفاضات والحروب لأنها تفضي إلى الرفض والثورة والمقاومة، حيث يرتبط السلام بحقوق الإنسان لان الاعتراف بحقوق الفرد والإيمان بحقه الإنساني في العيش بحرية والحفاظ على كرامته هي أساس السلام والعدل والحرية في الأرض .ولا بد من أن نشير هنا إلى إن الجميع بات يدرك إن تجاهل هذه الحقوق واحتقارها يؤديان دائما إلى إضطرابات همجية واختلافات عرقية وطائفية لطالما آذت الضمير الإنساني وساهمت في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية ويتجلى ذلك واضحا في الدول التي تخترق تلك الحقوق وتقيد حرية الفرد، ما اضطر المنظمات الدولية للعمل على حماية الإنسان من هذه الخروقات التي تهدد كرامته وحريته وعقيدته، فأصدرت القوانين ومنها هذا الإعلان حيث اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة وأصدرته، ويعد هذا الحدث التاريخي نقطة تحول في تاريخ البشرية، وطلبت الجمعية العامة من البلدان الأعضاء كافة أن تدعو لنص الإعلان و”أن تعمل على نشره وتوزيعه وقراءته وشرحه، ولاسيما في المدارس والمعاهد التعليمية الأخرى . ولقد جاء الإعلان في 30 مادة مهمة وجاء في أهم مواده ما يأتي: ((يولد جميع الناس أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق، وقد وهبوا عقلاً وضميراً، وعليهم أن يعامل بعضهم بعضاً بروح الإخاء. وان لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان، دون أي تمييز، كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر، دون أية تفرقة بين الرجال والنساء. وفضلا عما تقدم فلن يكون هناك أي تمييز أساسه الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي للبلد أو البقعة التي ينتمي إليها الفرد سواء كان هذا البلد أو تلك البقعة مستقلا أو تحت الوصاية أو غير متمتع بالحكم الذاتي أو كانت سيادته خاضعة لأي قيد من القيود)).نريد أن نقول هنا إننا في العراق شهدنا عبر العقود الماضية الكثير من الخروقات لحقوق الإنسان تمثلت في انتهاك الحريات المختلفة ولا نبالغ إذا قلنا إن النظام الشمولي في العراق لم يترك أي حق للمواطن إلا وانتهكه مع غياب أي جهة تأخذ على عاتقها الدفاع عن هذه الحقوق في ظل التسلط والتهميش وسياسة تكميم الأفواه التي كان يتبعها ذلك النظام .واليوم نعيش في ظل التجربة الديمقراطية الجديدة التي نتطلع من خلالها إلى تحقيق نموذج ديمقراطي يوفر بيئة مناسبة للإنسان الذي يحصل على حقوقه بعيدا عن الانتهاكات السابقة، وهذا ما يقع على عاتق المؤسسة التشريعية ومنظمات المجتمع المدني التي تراقب المشهد العام، وتحاول الدفاع عن الحقوق والحريات في دور جديد لهذه المنظمات لم يشهده تاريخ العراق سابقا.
حقوق الإنسان والسلم العالمي
نشر في: 7 ديسمبر, 2010: 04:51 م