TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > من أجل أفق واسع للحريات..مطلوب إجراءات فاعلة تترجم بنود الدستور إلى أرض الواقع

من أجل أفق واسع للحريات..مطلوب إجراءات فاعلة تترجم بنود الدستور إلى أرض الواقع

نشر في: 7 ديسمبر, 2010: 04:55 م

طارق الجبوريتعرض مفهوم الحرية الى كثير من التشويه على مر العصور منذ ان وجد الإنسان على الأرض وأدرك طبيعة الصراع الذي فرضته طبيعة الحياة من اجل تحقيق طموحاته بالعيش الآمن الكريم، بعيداً عن كل اشكال التسلط والعبودية.
ومنذ ان وافق الانسان وبحكم التحول الحضاري والحاجة الى بناء دولة ، على التخلي عن جزء من حقوقه لصالح سلطة ارتضى طواعية ان تنظم شؤون حياته ، كا ن الصراع على تنظيم العلاقة بينه وبين الدولة الشاغل الذي اخذ حيزاً غير قليل من اهتمام المفكرين . وعودة الى تفسير اسباب الصراعات والنزاعات التي كانت تجري آنذاك فإنها لا تخرج عن مفهوم الحرية بشكل ما ، بما فيها ما كانت تحصل على الكلأ او مصادر المياه او الغزو من اجل الحصول على الغنائم وغيرها ، فجميعها لا تخرج عن  مفهوم اختلال العلاقة بين مجموعة تشعر ، بفعل ما تمتلكه من عوامل القوة ، بأنها قادرة على استلاب حقوق الآخرين . ومن  هنا  كانت دعوات الانبياء والرسل والمصلحين تركز في جوهرها وتتمحور حول احترام الانسان والمنادة بالعدل والمساواة وتنظيم علاقات الناس ،  وكلها مفاهيم لاتخرج عن إطار الحرية  بمفهومها الحديث المتداول.وقد تطور هذا المفهوم مع تطور المجتمعات ، حتى صار شعاراً لكل الاحزاب والانظمة بمختلف توجهاتها الفكرية ، وعلى سبيل المثال لا الحصر عرفت انكلترا اول اعلان للحقوق الذي عد اقدم وثيقة دستورية اصدرها الملك الانكليزي جون عام (  1215)م بحسب ما تشير المصادر التاريخية و ( تنص على حقوق الافراد وحرياتهم التي تلتزم الدولة باحترامها ، لذلك عدها البعض نوعاً من القيد على نشاط الدولة ) وشاعت تسميتها بوثيقة العهد الاعظم ( ما جنا كارتا )  ، ثم صدرت بعدها وثيقة الحقوق الصادرة في انكلترا ايضاً عام1689    . وفي اعقاب الثورة الفرنسية في 1789 تم الاعلان عن حقوق الانسان والمواطن . وبشكل عام يمكن  عد تاريخ الاعلان العالمي عن حقوق الانسان  الصادر عن الامم المتحدة في العاشر من كانون الأول1948هو الإعلان عن بدء مرحلة جديدة رسخت مفهوم احترام الحريات وبلورتها وإشاعتها في العالم حتى لم تعد اعتى الانظمة الدكتاتورية المجاهرة بمعاداته، بل تاجر الكثير منها بشعاراته، ولم يكن بمستطاع احد ان يعلن صراحة وقوفه ضد حق الفرد بحرياته التي اخذت تسميات مختلفة مع شيوع ظاهرة التخصص، فشاعت تسميات الحريات السياسية والاجتماعية والاقتصادية لسهولة تناول كل جانب بحد ذاته ، غير أنها جميعاً تلتقي عند معنى واحد هو احترام الخصوصية و عدم تقييد  الحريات .وقد رافق هذا التطور ظهور تيارات نظرت الى الحرية من زاوية منطلقاتها الايدلوجية ، فكانت الديمقراطيات الليبرالية بنماذجها المتعددة البريطانية والفرنسية والاميريكية لاحقاً وغيرها ، ومع بروز وانتصار الثورة الاشتراكية في روسيا عام 1917 ظهرت الديمقراطيات  المقيدة والتي سميت ( الديمقراطية المركزية). وفي عام 1941اعلن الرئيس الاميركي رزفلت ما سمي بـ (الحريات الاربع التي يجب ان تسود العالم وهي حرية التعبير وحرية العبادة والتحرر من الحاجة والتحرر من الخوف  ) وجمعت ليطلق عليها ميثاق الاطلنطي ، كما ان بعض الاشتراكيين عدَّوا سيطرة الدولة وإدارتها وسائل الإنتاج بشكل خاص تقييداً للحرية فدعوا الى التحرر منها باتباع الادارة الذاتية . المهم في كل ذلك ان التاريخ الحديث شهد تسابقاً في الدعوة للحريات ومناصرتها ، ولم يخل دستور صدر من مضامين عن حقوق الافراد وحرياتهم ، ولانجانب الحقيقة اذا قلنا ان الدعوة للمنهج العلماني في ادارة الدولة ساعد على إشاعة مفهوم الحريات ، كونه يدعو لفصل الدين عن الدولة في أبسط معانيه ويركز على قيم المواطنة ، غير ان الاختلاف كان في مدى جدية التطبيق الفعلي لهذا الشعار الذي سحر كل الشعوب ، حيث تعرضت الحريات للكثير من الانتهاكات ، حتى في اكثر الدول ليبرالية التي، نادت باحترام حرية الفرد . في محيطنا العربي ومنه العراق من الصعب ان نجد نموذجاً واقعياً لنظام ترجم مفاهيم حقوق الانسان وحرياته عملياً ، فقد كانت حالة الطوارئ الغطاء الذي استخدمته الانظمة ( التقدمية ) للتنصل  من تطبيق هذا الشعار كما ادرجته في بيان ( الثورة ) الاول ، اما البقية فمعروف ان طبيعة تركيبتها لايمكن ان تسمح إلا بحدود معينة للحريات التي تنسجم وطبيعة منظومة القيم والافكار  التي يؤمن بها .وفي العراق وبسبب تجذر الحركات الفكرية التي انطلقت منه على مر التاريخ ، وما شهده تاريخه من مناظرات فكرية حتى إبان اقسى العهود وأشدها بطشاً ، فإن شعار الحرية كان له وقعه الخاص في نفوس ابنائه ودفعوا على طريق تحقيقه الكثير من التضحيات في التاريخ القديم والحديث على حد سواء ، ولم يكونوا يرتضون بأقل من نظام يتجنب الخوض في تفاصيل حرياتهم التي يعرفون حدود ممارستها ، لذا ربما ان اكثر ما مّيز شعبنا هو الإصرار على هذه الانتفاضات والدعوات الشعبية لمقارعة الانظمة الاستبدادية . 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram