 ذي قار / حسين العامل

ابدت جهات حكومية ومنظمات مجتمعية قلقها من مخاطر تراجع مناسيب المياه في مناطق الاهوار، محذرين من موجة جفاف ونزوح سكاني وتدهور بيئي قادم يهدد الثروتين السمكية والحيوانية خلال موسم الصيف.
وقال عضو الحملة الوطنية لإنقاذ الاهوار العراقية الدكتور بديع لبنان الخيون لـ(المدى) ان "الموقف المائي في مناطق الاهوار اخذ بالتراجع منذ نحو شهر وهو ما ينذر بالخطر على السكان المحليين"، مبينا ان "مناسيب المياه في مناطق الاهوار منخفضة منذ الشتاء وقد جاء معظمها عبر السيول والامطار وارتفاع كميات المياه في السدود والخزانات".
ورجح ان "تشهد الاهوار انخفاضا اكبر في مناسيب المياه خلال الاشهر القادمة من فصل الصيف بفعل عوامل تبخر المياه التي تتسبب بفقدان 40 بالمئة من مياه الاهوار".
ويرى الخيون ان "السبب الرئيسي في حصول الازمات المائية يعود الى الخطة المعتمدة في ادارة ملف الاهوار"، داعيا وزارة الموارد المائية الى "ايلاء الاهوار العراقية الاولوية القصوى وان تعتمد معالجات شاملة لأزمة المياه وان لا تكون المعالجات في منطقة على حساب منطقة اخرى".
واشار الى ان "ما يفاقم مشكلة شح المياه في مناطق الاهوار هو انها تقع في ذنائب الانهر في جنوبي العراق وهو ما يجعلها ضحية لازمة وشح المياه في ظل التجاوزات على الحصص المائية والخطط الزراعية غير المدروسة في توزيع الكميات المائية".
وشدد عضو الحملة الوطنية لإنقاذ الاهوار العراقية على اهمية تخصيص حصة مائية ثابتة لمناطق الاهوار بما يسهم في انعاشها وديمومتها وحماية ثروتها السمكية والحيوانية من الهلاك وانقاذ سكانها من النزوح والهجرة.
وبدورها اصدرت 6 منظمات بيئية ومجتمعية مهتمة بالأهوار بيانا تحذر فيه من تراجع مناسيب المياه في اهوار العراق وجاء في البيان الذي تسلمت (المدى) نسخة منه انه "مع بداية ساخنة لفصل الصيف بدأت مؤشرات تراجع منسوب المياه في اهوار جنوبي العراق"، واضاف "وذلك بسبب عملية التبخر وانخفاض إطلاقات المياه وخاصة من حوض الفرات ومؤخر النواظم الذيلية في كرمة بني سعيد والمؤثرة بشكل مباشر على كل من الاهوار الوسطى وهور الحمار الغربي".
وتساءل الموقعون على البيان عن "متطلبات تسجيل الاهوار على لائحة التراث العالمي وخطة إدارتها من جهة وتوفير حصة مياه محددة لها بموجب (ستراتيجية الأراضي والمياه في العراق) والمسماة سورلي وسيناريوهات إدارة الجفاف الواردة فيها من جهة أخرى".
ويجد الموقعون على البيان وهم كل من منتدى سوق الشيوخ البيئي والمجتمعي والحملة الوطنية لإنقاذ الاهوار العراقية ومنظمة طبيعة العراق ومنظمة دووبز لحماية البيئة ومنظمة المناخ الاخضر العراقية ومؤسسة جلجاموس للاثار والاهوار ان "اهوار العراق وما تحمله من ارث حضاري وتنوع طبيعي واحيائي يتطلب من الجهات المعنية الانتباه لمناشدة سكانها وتلبية احتياجاتهم المائية وشغفهم بجذورهم وهوياتهم"، مبينين ان "الاهوار تشكل اهم الموائل ذات المردود الاقتصادي الكبير إذ يعتمد السكان عليه بنسبة عالية، وهي تعد من أجمل الهويات البصرية والطبيعية للسائحين".
وناشد الموقعون على البيان "الحكومة العراقية بضرورة تخصيص حصص مائية لتعويض النقص الحاصل في منسوب الاهوار الوسطى وهور الحمار الغربي بما فيها اهوار ام الودع والجبايش"، مطالبين "بانشاء ناظم الصدر للقناة الرابطة بين عمود المصب العام وهور الكرماشية ومعالجة المياه من التلوث بموجب دراسة الأثر البيئي المقدمة إلى هيئة المستشارين في الأمانة العامة لمجلس الوزراء من قبل منظمة طبيعة العراق عام 2009 بناءً على تكليفها".
وتابعت المنظمات الست في بيانها "كما نؤكد على أهمية تحديث خطة الإدارة وتطبيقها وإشراك ممثلي المجتمعات المحلية ومنظمات المجتمع المدني ذات العلاقة، بناءً على ما جاء في التوصية الرابعة من قبل اليونسكو في اجتماعها الاربعين في اسطنبول في تموز 2016"، داعين أصحاب القرار إلى اتخاذ إجراءات عاجلة في زيادة اطلاقات المياه العذبة الاهوار قبل فوات الأوان سيما أن تأثيرات جفاف 2021- 2024 ما زالت قائمة ولم تشف الاهوار منها بعد".
واسترسلوا "ومن الأمور التي لا يمكن إغفالها هو ايجاد دراسة ناجعة لتغذية اهوار ام الودع - التي تعتمد على مياه النهر الثالث الذي جاء لحل أزمة الشحة في هذه المناطق - لإمكانية تزويدها بمياه عبر نهر الفرات"، محذرين من اعتماد الحلول الوقتية كونها غير مجدية ولا يمكن الاستمرار عليها لأن الأهوار هي جزء مهم من مساحة الوطن الكبير وهي ليست الطبيعة حسب وإنّما ‏هي عبارة عن تجمعات بشرية هائلة، على حد قول الموقعون على البيان.
واضاف الموقعون على البيان ان "ما يحتم على الحكومة الاهتمام بهؤلاء الناس الذين أصبحوا يعانون أكثر من أي وقت مضى بسبب تناوب موجات الجفاف في السنوات الأخيرة، وهذا ما يجعلنا جميعاً أمام مسؤولية تاريخية وطنية وإنسانية تستدعي منا وضع الحلول الصحيحة الكاملة من دون الرجوع إلى الوراء والاستماع من هنا وهناك إلى انصاف الحلول أو كما يقال ترقيع ‏الأزمات".
وكانت مديرية زراعة ذي قار، كشفت في (اواخر ايار المنصرم) عن انخفاض مناسيب المياه الداخلة للأهوار الى نسب مقلقة اثر على الواقع البيئي والاحيائي في المحمية الطبيعية.
وذكر بيان للمديرية تابعته (المدى) ان "كشفا ميدانيا من قبل قسم الاستثمارات الزراعية وشعبة زراعة الجبايش وصلت الى المحمية الطبيعية وكانت مستويات المياه 0-30 سم الأمر الذي أثر سلبا على الوضع الاحيائي والبيئي في المنطقة من خلال فقدان النباتات المائية المفيدة في تغذية الأسماك كالقصب والبردي والكعيبة والشمبلان والسجل وانتشار نبات الاثل البري في المنطقة".
وأضاف دائرة الزراعة في بيانها، انه "تمت ملاحظة عدم وجود الطيور المائية وانعدام وجود الأسماك بسبب الشحة المائية"، داعية الى "توفير حصة مائية كبيرة لغرض احياء المنطقة وتنشيط القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني".
وتشكل الأهوار خمس مساحة محافظة ذي قار وهي تتوزع على عشر وحدات إدارية من أصل 20 تضمها المحافظة، إذ تقدر مساحة أهوار الناصرية قبل تجفيفها مطلع تسعينيات القرن الماضي، بمليون و48 ألف دونم، في حين تبلغ المساحة التي أعيد غمرها بالمياه بعد عام 2003 نحو 50 بالمئة من مجمل المساحة الكلية لأهوار الناصرية، إلا أن هذه المساحة المغمورة سرعان ما تتقلص بصورة كبيرة بعد كل أزمة مياه تمر بها البلاد.