عودة الوطنيين المنفيين
شهدت السنة الأولى لتأسيس الدولة العراقية ، ولاسيما في صيف 1922 توترا سياسيا شديدا ، ولم يزل عرش فيصل الأول لم ينه عامه الأول . برزت الأزمة بعد تسرب لائحة المعاهدة العراقية البريطانية في مايس 1922 . وقد وجدت الحركة الوطنية أن المعاهدة بعيدة عن آمال العراقيين وطموحهم في الاستقلال التام ، فنشطت الحركة الوطنية من فعالياتها لرفض المعاهدة من خلال الصحافة أو عقد الاجتماعات الكبيرة ، كالتي جرت قبيل اندلاع ثورة العشرين . غير أن الحكومة العراقية رضخت للمندوب السامي البريطاني السر برسي كوكس وأقرت المعاهدة في 35 حزيران 1922 .
كان الحزب الوطني برئاسة جعفر أبو التمن ، وقد برز قبل فترة وجيزة ، يقود الحركة الوطنية و كان ممثلا لها . ولم يأل جهدا في تحريض الأهالي ضد المعاهدة ، فاشتدت الأزمة ، وقدم عدد من الوزراء استقالاتهم بعد أن كثرت التظاهرات والمصادمات في مدن العراق الرئيسة . وفي الذكرى الأولى للتتويج في 23 آب 1922 تظاهر الآلاف أمام البلاط الملكي ، وصادف أن حضر برسي كوكس لتقديم التهنئة إلى الملك فيصل الأول ، فهتف المتظاهرون ضد بريطانيا ومندوبها السامي ، فاعتبر الأخير ذلك إهانة مبيتة ومقصودة ، واستغل مرض الملك فاتخذ إجراءات عنيفة فعطل عددا من الصحف واعتقل عددا من الوطنيين ، ولم يكتف بذلك بل نفى عددا منهم إلى جزيرة هنجام في الخليج العربي ، وعلى رأسهم أبو التمن . وفي مثل هذا اليوم من عام 1923 وبعد مرور أكثر من سنة ، أعلنت وسائل الإعلام أن الأمر صدر بإعادة الوطنيين المنفيين إلى الوطن .