بغداد/ المدىاصدر بيت الشعر العراقي بيانا اسف فيه على نهج قمع الحريات العامة من قبل سياسيين عراقيين، ودعا الى التظاهر تنديدا بذلك، يوم الجمعة المقبل امام مجلس محافظة بغداد، وفي الآتي نص البيان:"كانت اللحظة التي أُسقط فيها نظام صدّام، لحظة حقيقية لإطلاق الأحلام والتطلّعات الكبيرة بالخلاص من كلّ أشكال القسر والقمع الذي أوجدته الديكتاتوريّة منذ أربعين عاماً وأكثر،
وكانت قوات الاحتلال، التي سيكون جلاؤها قريباً، هي صاحبة الفعل الحقيقي في ذلك كما يعرف العالم أجمع.ومع هذه العناوين الكبيرة التي أخذ يروّج لها السياسيّون العراقيّون الجدد، من قبيل"الشفافيّة"و"احترام الدستور"و"الديمقراطيّة والانتخابات"، كان مثقفو العراق ينظرون بريبة على مدار الأعوام الماضية لبعض سلوكيات ممثلي الكثير من الأحزاب الدينيّة الناشطة في العراق، والتي منها مثلاً: محاولات قسم منهم في منع وتحريم النُصب والتماثيل في العراق، أو الاعتداء الصارخ على حريّات الإعلاميّين بين حين وآخر، من ضربٍ وشتمٍ وحتـّى ركل بالأقدام لأناس أحرار يدافعون عن قيم العراق الجديد.وربّما كانت الأشهر الماضية كفيلة بإيضاح ضيق الأفق الذي يتحرك على أساسه الكثير من رجالات مجالس المحافظات في العراق، مرّة بمنع الفعاليّات الغنائيّة والموسيقيّة في بابل، وثانية بتخصيص محرم لكلّ"عضوة"مجلس محافظة كما في واسط، وثالثة بإجبار سيرك عالميّ على مغادرة البصرة بحجة واهية، دون أن ننسى إنّ محافظات أخرى منعت أصحاب محال الملابس من عرض الملابس النسائيّة في واجهاتها، للسبب ذاته:"انّ ذلك حرام".وليس أخيراً أن يجري وبطريقة غير حضاريّة، إغلاق المنتديات الاجتماعيّة، ومنها النادي الاجتماعيّ لإتحاد الأدباء والكتـّاب في العراق، في محاولة واضحة للإجهاز على كلّ مظاهر الحياة المدنيّة في بغداد، باعتبار انّها ماتزال تحتفظ بشيء منها.الغريب في كلّ ذلك اليوم، وبعد تنظيم مؤسّسة المدى للثقافة والإعلام والفنون لاعتصام ضدّ انتهاك الحريّات المدنيّة، ونحن نعرف إن"حقّ الاعتصام مكفول دستوريّاً"، خرج السيّد رئيس مجلس محافظة بغداد كامل الزيدي، ليتجاوز على المعتصمين، فضلا عن منظّمي الاعتصام، لدرجة أنّه قال لإحدى وكالات الأنباء:"بإمكاننا أن نزلزل الأرض تحت أقدام هذه المؤسّسات"و"إنّ مجلس المحافظة يدرس حاليا كيفية العمل على"غلق مؤسّسة المدى"التي أصبحت مضرة في بغداد".ومن ثمّ عاد ليدعو بطريقة مبطنة لتحريض المتطرفين والظلاميّين على اتحاد الأدباء وهو يقول بحقّه:"أقام الدنيا ولم يقعدها من اجل غلق البار، لكنّه لم يفعل الشيء نفسه حين حرم اتحاد الأدباء العرب الأدباء العراقيّين من العضويّة لسنوات طويلة".وهنا وأمام تصريحات السيد الزيدي المغالطة، نقول لعله نسي إنّنا نعيش حقبة جديدة يكون فيها العراق جزءاً من العالم يتواصل معه ويتبادل معه اجتماعيّاً وثقافيّاً، كما في السياسة وشؤونها.نحن نرى أن لامجال للسيّد الزيدي أو غيره من مسؤولي العراق تهديد الآخرين والتضييق على حريّاتهم، فكيف إذا به يهدّد مؤسّسات مرموقة ومحترمة يقف وراءها آلاف المثقـّفين والأدباء والفنّانين والصحافيّين العراقيّين، كما انّه لا يدرك إنّ معركته المصطنعة خاسرة بلاشك، لأنّها مع هكذا مؤسّسات وأفراد عـُرفت عنهم وطنيتهم وانتماؤهم الحقيقي إلى العراق، ولم يُعهد عنهم إنّهم فكروا ذات يوم باستثارة مشاعر الناس عبر الضرب على وتر الانتماءات الطائفيّة، كما فعل الكثير من ساستنا اليوم، ليصلوا إلى مراكز ومواقع، بينت الأيام إنّها أكبر منهم ولا يستحقونها، على الأقل في عاصمة لم تستطع سلطتها المحليّة أن توجّه برفع كلّ النفايات المتجمعة فيها.ليس لنا إلا أن ندعو السيّد الزيدي أن يعتذر وأمام وسائل الإعلام العراقيّة عن تجاوزه غير المقبول على مثقّفي العراق من خلال تصريحه بحق مؤسّستي المدى واتحاد الأدباء، كما ندعو أيضاً مثقفي العراق ومن جميع المحافظات إلى التظاهر يوم الجمعة المقبل وفي الساعة 12 ظهراً أمام مبنى مجلس بغداد، حيث مكتب السيّد رئيس مجلس محافظة بغداد، استنكاراً لما جرى ويجري في أيامنا هذه.ومن غير أن يفوتنا أخيراً التأكيد على إطلاق المزيد من الكتابات والآراء الحرّة لإدانة هذه الخروقات الخطيرة، والتي على وسائل الإعلام العراقيّة الوطنيّة أن تنخرط في حملة لاتتوقف إلا بردع هذه المحاولات وإيقافها.
بيت الشعر العراقي يتضامن مع المدى..السيّد الزيدي..معركتك خاسرة مع مثقّفي العراق
نشر في: 7 ديسمبر, 2010: 06:46 م