قحطان الفرج الله
إن نظام التعليم في العراق المعمول به منذ الخمسينيات من القرن الماضي، أصبح يثير العديد من الإشكاليات التي تعيق مسيرة تحديث التعليم في البلد، فصار من الضروري إعادة النظر فيه أو تغييره. إن التعليم بالنظام (الحلزوني) الذي يعتمد على بداية واحدة ونهاية واحدة ويصعب فيه تغيير القنوات التعليمية، إلا في نوافذ وممرات محدودة جدًا، يثير إشكالية حقيقية على مدى السنوات المتعاقبة فهو نظام جامد وعديم المرونة، تخلت عنه دول كثيرة بعد القفزات العلمية الهائلة والثورة التكنولوجية في العلم والتعليم في العقود الماضية.
هذا النظام يهدد مصير الطلبة كلما اقتربت الامتحانات النهائية للمرحلة الإعدادية ويثير الرعب والخوف في نفوسهم وفي نفوس عوائلهم التي تنفق نصف دخلها على التعليم. يُبتسر جهدهم بدرجات عام واحد!!! وهذا يؤثر بطريقة مباشرة على مصير الطلاب وتطورهم العلمي، ويقضي على الكثير من المواهب والطموحات بهيمنة عامل (الإجبار) وغياب (الرغبة) في التوزيع العشوائي من خلال ما يسمى بـــــ(الانسيابية).
إن المشاكل الرئيسية للنظام الحالي وأحد أهم الانتقادات الرئيسية لنظام التعليم الحلزوني في العراق هو أنه يعتمد بشكل كبير على الامتحانات النهائية في السنة الأخيرة للطلاب في المرحلة الإعدادية، ويغفل معدلات السنوات المنتهية الأخرى بحيث يكون الاجتياز (الناجح) هو الشرط الوحيد للانتقال من مرحلة إلى المرحلة التالية دون العناية بمعدل السنة المنتهية (السادس الابتدائي/ الثالث المتوسط) – إلا في حدود ضيقة - في شروط القبول في بعض المدارس.
هذا النظام يُعد تجاهلاً كبيرًا للجهد الجاد والتفوق الذي يقدمه الطالب على مدار السنوات السابقة في المرحلة الابتدائية والمتوسطة، وما يتحصل عليه من درجات تفوق عالية لن تنفعه إلا في اجتياز المرحلة فقط!!! ويغفل هذا المنهج احتساب المعدل التراكمي للطالب خلال مسيرته التعليمية بشكل عام، وهذا مسار غير عادل وغير منصف.
صار من الضروري، أن يتم حساب المعدل التراكمي للطلاب بطريقة تعتمد على النسب المئوية للامتحانات الوزارية المركزية - على أقل تقدير - التي حددتها سياسة التعليم. بحيث يتم احتساب 30% من معدل السادس الابتدائي و30% من معدل الثالث المتوسط و40% من معدل السادس الإعدادي. وهكذا ستُعطى قيمة للدرجات المتحصلة سابقًا وفاعلية حقيقية للامتحانات الوزارية المركزية في تحديد مصير الطلاب.
بتطبيق هذا المنهج، نحقق عدالة أكبر في احتساب جهد الطالب على مدى مسيرته في التعليم الأولي، ومرونة عالية في عملية القبول المركزي للطلاب في الجامعات والمعاهد العليا. ستؤدي هذه الطريقة إلى إعادة شيء من الاعتبار للجهود التعليمية المستمرة للطلاب على مدى سنوات دراستهم وتقدير أدائهم بشكل شامل.
الخلاصة: باختصار، التعليم الحلزوني في العراق يتضمن نقاط ضعف تحتاج إلى مراجعة. ينبغي أن يتم تحسينها من أجل تعزيز العدالة والفاعلية في عملية القبول المركزي. وفي سبيل ذلك، يمكن اتباع الطرق التالية:
تقييم شامل: ينبغي أن يتم تقييم الطلاب على مدار سنوات دراستهم بشكل شامل، بدلاً من الاعتماد فقط على امتحانات السنة الأخيرة.
احتساب المعدل التراكمي للطلاب بناءً على أدائهم في جميع المراحل الدراسية، بما في ذلك المرحلة الابتدائية والمتوسطة، من خلال احتساب النسبة المئوية للمعدلات في الصفوف المنتهية، وتوجيه الطلاب وتقديم الدعم اللازم لهم لاختيار المسار التعليمي المناسب وفقًا لاهتماماتهم وقدراتهم.