TOP

جريدة المدى > تقارير المدى > نقطة ضوء :العراق دولة دينية؟

نقطة ضوء :العراق دولة دينية؟

نشر في: 8 ديسمبر, 2010: 07:19 م

 حازم مبيضين يفرض سؤال"هل يتحول العراق إلى دولة دينية"نفسه، بعد بروفة مجلس محافظة بغداد، حين دهمت الشرطة بأمر منه بعض النوادي الاجتماعية، ومن أبرزها نادي اتحاد الادباء، بذريعة بائسة ومهينة لمن يعتنقها، وهي أن النادي يقدم الخمر لمن يطلبه من أعضاء الاتحاد، والمؤسف أن يترافق ذلك مع حملة إيمانية"إقرأ قمعية"جديدة يشنها مجلس المحافظة، على غرار حملة عبد الله
المؤمن صدام حين أعيته الحيل واشتد به الحال، ولم يكن لحملته البائسة تلك أن تمنعه من تناول البيرة المثلجة، عند أطراف بركة السباحة، مع ضيفه الروسي جيرينوفسكي، الذي أفشى السر لعدم اطلاعه على مفردات الحملة الايمانية، التي يتردد صداها اليوم في أروقة مجلس محافظة بغداد، الذي ينصب نفسه حارساً للفضيلة، ومدافعاً عنها، ووارثاً لسلطات أمراء المؤمنين، دون أن يفتش عن جواب لسؤال: هل يمكن تحويل إلعراق الى دولة دينية؟.في الاخبار الممضة أيضاً، أن مسؤولاً ما في وزارة التربية والتعليم، قرر منع تدريس المسرح والموسيقى في معهد الفنون الجميلة ببغداد، وقرر أيضاً رفع التماثيل من مدخل المعهد، باعتبار ذلك حراماً، وخوفاً من عودة العراقيين إلى الجاهلية ليعبدوا تلك التماثيل، والمؤكد أن هذا مجرد رأي فردي عند بعض الأحزاب الدينية وهو نابع من عقلية لا تنسجم مع روح الإبداع ولا الحريات، وهو قرار يتسم بالتزمت والانغلاق، وإذا كان الطلبة يخشون أن يطول الحظر"الإخراج والتصوير والرسم والنحت"بداعي التحريم الشرعي، فان المؤكد أن فكرة حظر الحريات التي تتجول في العراق اليوم على وقع تهديدات رئيس مجلس محافظة بغداد، لن يكتب لها النجاح ولا الدوام في بلد يسوده مناخ رافض لكل هذه الإجراءات المتزمتة، والبغيضة والبعيدة عن روح العراقيين، التواقة إلى الحرية التي دفعوا غالياً للوصول إليها والتمتع بها.نحن اليوم أمام حالة تتفاقم وليس هناك من يردعها، ولا ندري متى سيتم تحريم لعبة كرة القدم بدعوى أن اللاعبين يكشفون عوراتهم، ومتى يتم تحريم استيراد الاجبان من الغرب خشية استعمال منفحة الخنزير في تصنيعها، ومتى سيحرم استعمال الانترنت لوجود بعض المواقع الاباحية، ومتى ستمنع رياضة الطالبات بدعوى أنها قد تثيرهن جنسياً، ومتى سيكون مفروضاً على العراقيين إطالة اللحى وحف الشوارب، ومتى سيمنع المواطن من اصطحاب أطفاله إلى مدينة الملاهي، ومتى ستمنع المرأة من قيادة السيارة، ومتى ستتحول معاهد العراق العلمية الى مجرد مكاتب لتعليم القرآن وإتقان سرد السير الدينية والقرايات، ومتى ستغلق الكنائس ويفرض على مسيحيي العراق دفع الجزية وحمل صلبان كبيرة للتعريف بديانتهم، ومتى سيمنعون من السير في شوارع المسلمين، ومتى ستحكم القاعدة العراق باسم مختلف؟.كنا نسمع أن البعض يحارب عراق ما بعد صدام، لأنه سيكون مثالاً للحرية والديمقراطية، لكن في العراق اليوم من يسعى إلى دولة تسير على نهج طلبان حين تحكمت بأفغانستان فحولتها إلى جحيم، وأن هناك من لايزال مؤمناً بصواب قرارات خير الله طلفاح، ويعمل على تطبيقها بحذافيرها، وأن هناك مسؤولين يتصرفون وكأنهم مبعوثو العناية الالهية، لاقامة إمارة إسلاموية المظهر، مباح فيها سرقة مال الشعب، وعدم تقديم أي خدمة نافعة للعباد، وترك المواطنين يتخبطون بأكوام القاذورات المتراكمة في الشوارع والساحات، وشرب الماء الملوث، والحرمان من نعمة الكهرباء، لكن الذين يعرفون العراق تاريخاً وحاضراً وبشراً، يعرفون جيداً عدم إمكانية ذلك، والذين يعرفون حجم التنوع الديني في بلاد ما بين النهرين، يدركون أن القرارات القمعية الهوجاء المعادية للحريات، سترتد على متخذيها وستنتصر حرية العراقيين، نعم بالتأكيد ستنتصر، ولن يتحول هذا البلد العظيم إلى إمارة تحكمها القاعدة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

التغير المناخي في العراق يعيق عودة النازحين لمناطقهم الأصلية.. متى تنتهي المعاناة؟

التغير المناخي في العراق يعيق عودة النازحين لمناطقهم الأصلية.. متى تنتهي المعاناة؟

متابعة/المدىرأت منظمة "كير" الدولية للإغاثة والمساعدات الإنسانية، إن التغير المناخي في العراق أصبح عائقاً أمام عودة النازحين لمناطقهم الأصلية.وبحسب دراسة أجرتها منظمة كير الدولية للإغاثة والمساعدات الإنسانية، فبعد ان كانت المعارك والاوضاع الأمنية في...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram