علي حسين
يتداول العراقيون أخبار الفتى المدلل نور زهير، فقد أخبرتنا نائبة أن نور زهير المتهم بسرقة مليارين ونصف من الدولارات، لا يزال يتحكم في عدد من الوزارات، وبشرنا نائب آخر أن نور زهير تحول إلى " كرندايزر" وهو يسيطر على موانئ البصرة ، واستطاع بنفوذه أن يهرب متهماً كبيراً.. وفي الأيام الماضية تداولت وسائل الإعلام خبر سفر نور زهير لأداء فريضة الحج ، وهو الأمر الذي أزعج أحد النواب ليخرج علينا متهماً وسائل الإعلام بأنها تريد التشويش على النزاهة في العراق ، مؤكداً "حفظه الله " أن "الجميع يواصل العمل بإخلاص من أجل مكافحة آفة الفساد". وماذا عن الأموال التي نهبت وهربت؟ . يحذرنا النائب بكل شفافية من ان هذه الأسئلة تعني " التقليل من شأن عمل المؤسسات الفاعلة في مكافحة الفساد ومطاردة أصحاب الجريمة والفاسدين الذين أوغلوا في المال العام".
طبعا لم يخبرنا النائب لماذا لم يُقدم نور زهير إلى المحاكمة؟ ، والأهم لماذا أعيدت له بعض ممتلكاته؟.. ياسيدي النائب الهمام ، تخيل جنابك أن شخصاً واحداً استطاع أن يسرق كل هذه المبالغ التي اكتشفنا أنها تمثل أقل من خمسة بالمئة من حجم المبلغ المنهوب، وأن الشاب "الوديع" نور زهير استيقظ ضميره في ساعة متأخرة من الليل وقرر أن يعيد بعض الأموال، واكتشفنا والحمد لله أن السيد نور زهير رجل ثري وأن المبلغ الذي "لفلفه" مجرد "خردة" أمام ما يملكه، وأتمنى عليك عزيزي القارئ أن لا تسخر مني، فأنا أنقل إليك ما قاله قاضي النزاهة وبالحرف الواحد: "المتهم نور زهير لديه عقارات واستثمارات تفوق المبلغ الإجمالي للأموال المسروقة ، ومن المستبعد هروبه خارج البلد بعد خروجه بكفالة مالية قياساً بحجم استثماراته وعقاراته".. فلماذا ياسادة ياكرام تطالبون بإنزال أقصى العقوبات بالملياردير نور زهير؟، فالرجل مواطن صالح، وهو مستعد أن يقسم بالأيمان المغلظة أنه لم يسرق، ولم يتحايل على الدولة، فقط استدان مبلغاً من أموال الشعب، وسيعيده إن شاء الله قريباً "وتوته توته ستنتهي الحدوتة".
أفهم أن يدافع النائب عن النزاهة ، لكني لا أستطيع أن أفهم ما معنى الصمت على الجهات التي سهلت لنور زهير أن يسرق كل هذه الأموال، كنت مثلكم قد قرأت التقرير الذي نشرته وسائل الاعلام ، حيث أخبرتنا أن السرقة كانت مدبرة من قبل شبكة واسعة من المسؤولين وموظفي الخدمة المدنية ورجال الأعمال. وأن هؤلاء الأفراد يرتبطون بصلات مع جهات سياسية نافذة.
في بلاد الرافدين بعض الأشياء لا نهاية لها. خصوصاً النهب المنظم، ولذلك كانت حكاية علي بابا والأربعين حرامي التي اخترعتها لنا "المرحومة" شهرزاد، حكاية عراقية خالصة، تتجدد في كل موسم، حيث مسلسلات الخديعة والشعارات الزائفة وسرقة أحلام الناس، ليظهر لنا الاف من نور زهير.