اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > مريض نفسي يلقي الشعر...ومجانين ومتشردون يسردون قصص حروب اهدتهم ريش نعام

مريض نفسي يلقي الشعر...ومجانين ومتشردون يسردون قصص حروب اهدتهم ريش نعام

نشر في: 10 ديسمبر, 2010: 05:04 م

بغداد / وائل نعمة اصوات شخير تعلو من بعيد،عتمة الطريق منعتني من مشاهدة الشخص الذي يطلق هذا الصوت،اقتربت اكثر،والصوت يزداد شدة،حتى اصطدمت قدمي بشيء على الارض،سحبتها مفزوعا،لاني فوجئت بان ماصدمته كان طريا،وحين رجعت خطوتين الى الوراء وتحققت بصعوبة في شدة الظلام الحالك ،اكتشفت اني قد صدمت رجلا متمددا في وسط الرصيف.
بين الازقة الضيقةالعودة من العمل في اوقات متأخرة احيانا، تجعلك تمر بـ"درابين" ضيقة وشوارع منطقة.البتاويين الفرعية  التي ما ان تخترقها حتى تصل الى شارع النضال وبها تكون قد اختصرت مسافة وزمن انت في امس الحاجة اليهما مع تسارع الوقت وازدياد الظلام.عادة ماتكون هذه الازقة او البعض منها خالية من مصباح كهرباء،و تضطر الى ان تسير على ضوء القمر او انوار خجولة كسرت حاجز الستارة العتيقة من احد المنازل المتهالكة وقد توحي هذه الصورة باستعادة ابيات شعرية عن الليل غيران الحفر والمياه الاسنة التي تملأ هذه الشوارع تجعلك تبتعد قسراً عن الاجواء الشاعرية وتتساءل اين مجلس بغداد عن هذه الصورة  القاتمة لاحد اعرق مناطق بغداد ؟ ولماذا لايشغل نفسه بتقديم الخدمات الاساسية لاحياء بغداد بدلاً من انشغاله بقرارارت تقييد الحريات ؟ !  ومع المطبات والمياه الآسنة لاتستغرب اذا تفاجأت باحدهم وقد افترش الارض،وغط في نوم عميق. ةيفزعك المنظر وانت تشاهده مع بزوغ الفجر وهو ممدد على الارض بملابس رثة وقذرة وشعر طويل وذقن اطول،ويحوم حوله الذباب وكأنه صيد ثمين،و بارتفاع اصوات حركة الناس في الشارع وتزايد السيارات ومنبهاتها التي توقظ القتيل،لايصحو الا بعد ان يتلقى عدداً من الركلات من قبل "ابو محمد" الرجل الضخم صاحب الدشداشة الرمادية والصوت الاجش، حين يصرخ به " كووم ...خلصت فلوسك".ابو محمد، رجل في الخمسينيات  من عمره،يملك بسطية في بداية شارع السعدون،يضع فوقها اشياء مختلفة كلها تباع بـ(250) ديناراً،واكثر مايعكر مزاجه صباح كل يوم بالاضافة الى الزحامات واصوات صفير سيارات الشرطة،اصرار (ناهي) الرجل المتشرد على اتخاذ مكان بسطيته فراشا له بعد ان يجمع البائع اغراضه  من على (الجنبر) ويغادرها الى المنزل،ويضطر صاحب البسطية ان يصرخ به كل يوم لكي يتحرك بعيدا عن مكانه الذي انتزعه من بين اسنان منافسيه في العمل،وان لم يستجب للنداءات العالية،تبدأ الخطوة الثانية،بتوجيه ركلات متتالية على ظهره.حين تقترب من ناهي،في محاولة للتحدث معه، تجبرك رائحته الكريهة على اعادة التفكير في مدى نجاح هذه المحاولة،ولكن البحث عن اسباب لجوء هذا الشخص الى الشارع ومبيته هناك لن يدعك تقكر بالتردد وانما تندفع لتبحث عن قصته.rnالحياة بين النفاياتrnناهي لايعرف لون بشرته الحقيقه وكذا الناظر اليه لايمكنه التمييز بينها الابعد تمعن فهل هو اسود البشرة ام ابيض ،ربما  اكتسب هذا السواد من خلال العيش بين الازبال وبقايا الطعام التي يتغذى عليها , غير ان الغريب سماعك الكلمات البليغة ووقصائد الشعر تنساب بيسر وطلاقة من بين شفتيه المزرقتين بشكل عذب،فتسمعه ينشد للمتنبي والجواهري ،ويعلق ساخرا بشعر خضير هادي،ثم تفلت الامور من زمامها ويبدأ بسرد كلام غير مترابط وغير مفهوم ينطوي على الكثير من الشتائم الى شخصيات من ازلام النظام السابق. وبالحديث مع اصحاب البسطيات التي يجلس ناهي بالقرب منهم،يتحدث ابو محمد مشيرا الى ان المتشرد  نراه" منذ اربع سنوات في المكان نفسه لايبارحه الا قليلا،حيث يختفي احيانا ليأتي محملا باغراض غريبة،معظمها يلتقطها من الازبال ويضعها في كيس قذر".ويؤكد ابو محمد "نسمع احيانا من اشخاص يدعون بانهم يعرفونه الى انه كان مدرساً للغة العربية في احدى المحافظات الجنوبية،وسلاطة لسانه جلبت عليه الويلات"،حيث يعتقد ابو محمد وحسب كلام اشخاص لهم معرفة بالمتشرد" انه كان ينتقد النظام السابق ويتحدث بين الاساتذة والطلاب من دون تردد،والنتيجة كانت معروفة"! حيث تبرع احدهم من المولعين بالتزلف والنفاق الى البعثيين بكتابة تقرير مفصل عن انتقادت ناهي وكيف يشتم ويسب النظام الدكتاتوري وكيف تجرأ على شتم وسب " القائد " ،حينها  وكما هو معروف جاءت عناصر الامن الصدامية واقتادته الى احد معتقلاتها ليخرج بعد اكثر من سنتين على هذه الصورة والحالة المزرية التي نشاهده فيها وبالتأكيد ان ما حصل له كان من جراء التعذيب !فيما يؤكد اخر "لانعلم ان كان ناهي اسمه الحقيقي ام هو اسم اكتسبه فيما بعد"،حيث يشير راضي بائع الشاي القريب من مكان جلوس المتشرد الى ان ناهي ربما اكتسب هذا الاسم من احد الاشخاص الذي اطلقه عليه لاسباب يجهلها.كما يوضح" انه لايتحدث بصورة طبيعية ولاتستطيع ان تفهم منه في احيان كثيرة ماذا يريد،وبالطبع لايمكنك ان تعرف اسمه الحقيقي".الكل يتفق على  ان ناهي كان مدرسا للغة العربية ورجال الامن الصداميون افقدوه عقله،بوسائل عدة،اختلفوا عليها،فالبعض يقول انهم حقنوه بادوية خاصة،وهناك من يشير الى وسائل تعذيب كان قد سمع عنها تجعل الانسان يفقد عقله.والكثير منا كان قد شاهد

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

للحفاظ على «الهدنة».. تسريبات بإعلان وشيك عن موعد انسحاب القوات الأمريكية

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

التجنيس الأدبي والاكتفاء الذاتي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram