المدى/ سوزان طاهر
يعتبر مقهى الشعب ملتقى المثقفين والفنانين في السليمانية، فالمقهى الذي أسس عام 1950 أصبح المكان الأمثل لتجمع المثقفين والشعراء والفنانين، حيث يجرون فيه مسابقاتهم الشعرية ومناظراتهم الأدبية والفكرية.
وفي ممر ضيق ينساب بهدوء إلى عالم يتوسع تدريجياً بلا توقف حتى يجد الزائر نفسه عند نهايته وسط قاعة كبيرة صممت على طراز معماري بغدادي مشيدة بالطابوق والجص، وقد زينت جدرانها بصور تقدم للزائرين لمحة عن تاريخ مدينة السليمانية.
وفي تصميم على غرار المقاهي الثقافية البغدادية القديمة، مثل الزهاوي والشابندر والجماهير، وغيرها والتي كانت ولا تزال ملتقى لرجال الأدب والعلم والسياسة والشعر، يجتمع المثقفون من أهالي السليمانية في هذا المقهى للنقاش والتباحث حول آخر القضايا السياسية والأدبية والثقافية والاجتماعية.
ويعد مقهى الشعب في السليمانية شاهداً ثقافياً على تاريخ المدينة وحاملاً لذكرياتها، وظل يحتضن الأدباء والمثقفين ويروي قصصاً يومية عن منجزاتهم.
واحة الشعراء والأدباء
ويقول الشاعر والأديب الكردي زريان أحمد، إن مقهى الشعب الشهير وسط السليمانية واحة للمثقفين والشعراء والكتاب وملتقى للرواد من أجيال فكرية وسياسية مختلفة.
مبيناً في حديثه لـ(المدى)، أن "المقهى الذي تأسس في عام 1950 ظل حارساً لذكريات وتاريخ السليمانية، وهو ملتقى الشعراء والأدباء والفنانين لعرض النتاجات الأدبية والفكرية".
وأضاف أنه "في المقهى تعرض أحدث النتاجات الثقافية والإصدارات الشعرية، وبقي طوال سني العقود السبعيني والثمانيني وحتى التسعيني ملتقى يتواعد فيه الشعراء والأدباء ويلتقون مع بعضهم، وحتى أولئك القادمين من مدن كردستان الأخرى".
تغييرٌ على تصميم المقهى
الكاتب والروائي الكردي نجاة عبد الرحمن أكد أن مقهى الشعب يمثل ذاكرة مدينة السليمانية ويروي قصصها، كما أنه، يعتبر معلماً مهماً من معالم المدينة القديمة.
مضيفاً في حديثه لـ (المدى)، أن "المقهى بقي محافظاً على تراثه القديم وتديره ذات العائلة، ولكن بعد حملة الإعمار الأخيرة، حصل نوع من التغيير الذي غير من طرازه المعماري القديم".
وتابع أن "المقهى يتميز بوجود مكتبة داخله، تمكن الزوار من استعارة الكتب والقراءة، كما أنه، كانت تقام فيها حفلات للموسيقى، وأيضاً وجبات الفطور الصباحية الخفيفة، ولكن في السنوات الأخيرة وبعد دخول الألعاب مثل "الدومينو، والطاولي، والأركيلة" فقد المقهى جانباً كبيراً من رونقه القديم".
وراثة الأجداد للأحفاد
صاحب مقهى الشعب كاك بكر محمد شريف يقول إنه نحاول أن نبقي مقهى الشعب على ماضيه ولا نغير في شواهده وتصميمه، ولكن المقهى يحتاج إلى ترميم باستمرار.
مضيفاً في حديثه (المدى)، ان "رواد المقهى يتناقشون في أي شيء سواءً في العمل أو متابعة كتاب أو مناقشة موضوع منشور في صحيفة أو يستذكرون أيام زمان لأن اجواء المقهى تنقلهم لعالم آخر".
وأشار إلى أن "المقهى ورثناه عن جدي وحاولنا رغم التطور والحداثة البقاء في ذات التصاميم القديمة، وحتى الآن نرفض دخول الآلات والأجهزة الحديثة مثل الكمبيوتر للمقهى، لغرض الحفاظ على تاريخ المقهى وأصالته".