TOP

جريدة المدى > الملاحق > حذف الأصفار والعمل المصرفي

حذف الأصفار والعمل المصرفي

نشر في: 10 ديسمبر, 2010: 05:26 م

الجزء الثاني د . أحمد ابريهي علينائب محافظ البنك المركزي العراقيلقد تبين أن حذف الأصفار لا يقلل كمية الورق لأن الحذف يطول المقسوم والمقسوم عليه أو  البسط والمقام. وان كمية الورق تعتمد على فئة العملة، فلدفع مبلغ مليون دينار تحتاج 40 ورقة من فئة 25 ألف ولدفع المبلغ نفسه بالوحدات الجديدة وهو 1000 تتطلب المعاملة 40 ورقة من فئة 25 دينارا جديدا أيضا. بل أن الحذف أصلا سيظهر في الأوراق النقدية لينسحب على المبالغ والأسعار.
وفي حالة التعاقد مع مقاول لانجاز مشروع بمبلغ مليار دينار سيكون هذا المبلغ مليون دينار جديد بحكم القانون. ولا يمكن مساومة المقاول بين مليار دينار قديم و 900 ألف دينار جديد،  أو يقال له فيما بعد أن الدينار أصبح أقوى، حسب تصريحات الخبراء، وعلى الرغم من أن القانون عين نسبة التبادل وهي دينار جديد في مقابل 1000 دينار قديم، ولكن عليك أن تقبل بمبلغ اقل. وفي فترة تزامن العملتين لا يسمح القانون ولا الدوائر المعنية بأن يخير المتعاملون في السوق بين عشرة ملايين من الدنانير القديمة في مقابل مبلغ اقل أو أكثر من 10 آلاف من الدنانير الجديدة. هذا تحايل وإذا كان البعض يتصور أن الأسعار يمكن أن تنخفض أو ترتفع في أجواء مفترضة من التلاعب وتخريب الوعي وترويج توقعات لاعقلانية لإحداث هزة شبيهة بما حصل أواخر عام 1996 فأنهم واهمون. وإذا كان الناس يتصورون أن الدولة تريد التأثير في الأسعار أو سعر الصرف خفضا أو رفعا في سياق حذف الأصفار، فهذه انطباعات لا أساس لها من الصحة. لا توجد دولة في العالم تلجأ إلى هذا الالتفاف، ومن غير المتوقع أن يعمد مسؤول في الدولة إلى إشاعة وعي زائف عن الحياة الاقتصادية والترويج لأوهام تشيع الاضطراب والبلبلة. إن حذف الأصفار لا علاقة له بالأسعار ولا بسعر الصرف. كما أن إضافة فئات أكبر للعملة لا يتطلب حذف الأصفار. وابسط العراقيين لا تلتبس عليه الأمور إلى هذا الحد بحيث يقتنع بعدم إمكانية إدخال فئة 50 ألف دينار على السلسلة الحالية إلا بعد حذف الأصفار لتسميتها 50  بدلا من 50 ألف. وما أثير في هذه الصدد إضافة المسكوكات. لقد حاول البنك المركزي إدخال مسكوكات لفئات دون 250 دينارا وقد أعدت بالفعل وبكلفة، طبعا، ولم ينجح في تسويقها واضطر إلى بيعها أخيرا بعد إبطالها. لقد رفض المتعاملون استخدام الورقة من فئة 50 دينار، وكانت أنيقة وطبعتها جيدة، وظهر الرفض والاستغناء عنها قبل وصول الأسعار إلى مستوياتها الحالية. مثلما رفضــت المسكوكات من فئات دون 250 دينارا. ما يعني أن السوق لا يريد الفئات الصغيرة. ويظهر أن سوق المسكوكات غير مرغوبة بغض النظر عن فئاتها حتى من فئة  250 دينارا و 500 دينار وأعلى. لقد ألف السوق الورق ومن الصعب إقناعه الآن بالمسكوكات ومن الأفضل الانتظار لحين تبدل الأجواء الاجتماعية وإجراء مسح بالعينة لمعرفة مدى قبول الناس لها دون التورط في تهيئتها بتكاليف، وهي أيضا بملايين الدولارات، إضافة إلى مشكلة الخزن وتداولها بين المتعاملين والمصارف والبنـك المركزي، أما القول إن المسكوكات مستخدمة في عملة الدولار واليورو وهي جميلة كما كانت أيام زمان في العملة العراقية فهذا كلام لطيف ولكن الناس، عمليا، لا تريد المسكوكات. من المناسب الإشارة إلى أن النقود تعني العملة مضافا إليها الودائع في المصارف وأنواع أخرى من المطلوبات في ميزانيات المؤسسات المالية. وان أضيق تعريف للنقود يشمل العملة مضافا إليها الودائع الجارية، والتي تسمى أحيانا الحسابات الجارية، والمقصود بها تلك الأرصدة في المصارف ذات السيولة التامة بمعنى الفورية. والعملة أي المسكوكات والأوراق النقدية تمثل جزءا من النقود، وفي العراق، هذا الجزء كبير يتجاوز ثلثي النقود وحسب التعريف الضيق لها ولكنه في دول متقدمة ماليا قد ينخفض إلى 10%  أو نحو ذلك.إن ميل العراقيين للعملة والتعامل بالنقدي Cash والذي يسمى أحيانا نقدا له أسباب تتصل بأساليب الإدارة المصرفية ومنها الاعتماد بالدرجة الاولى على الصكوك في تحريك الحسابات المصرفية، اضافة إلى الطريقة البدائية اليدوية لنقل الصكوك وإجراءات التحقق والمقاصة والتسوية.  وعليك أن تقدر المدة المطلوبة لتسوية صك مسحوب على حساب الزبون في احد مصارف أقضية البصرة لحساب طرف آخر لديه حساب مفتوح في مصرف آخر في قضاء تابع لمحافظة نينوى او ديالى مثلا. وحتى ان إجراءات سحب مبلغ من حساب الشخص بنفسه لم ننجح في تبسيطها لجعلها مقنعة وجاذبة. كما ان حرفية تطبيق التعليمات الملزمة بموجب قانون مكافحة غسل الاموال وتمويل الاجرام وغيرها وبروحية اسقاط الفرض، والميكانيكية المبالغ بها، قد تسهم في تحاشي المجتمع الأهلي وربما بعض رجال الإعمال للمصارف. والسؤال كم هو حجم الجهد المطلوب لتطوير العمل المصرفي من اجل إقناع المستثمرين الأجانب لفتح حسابات لدى المصارف العراقية اذ يتطلب الامر بيئة عمل مصرفي مختلفة وتقنيات وأساليب إدارة احدث ومهارات اعلى واستجابة سريعة مع إرادة التغيير في المضامين والجوهر. ونعود إلى كمية الورق ومن المشروع الاهتمام بتقليصها وقد تكون هذه الرغبة هي ما يفسر تساهل بعض الزملاء مع وهم أن إزالة الأصفار تؤدي تلك المهمة وما كان ينبغي تخصيص مقالة تتناول ابسط المعارف في الصيرفة لولا إقصاء ثقافة الحساب والتمادي في المنطق الكمي في الاقتصاد والصيرفة. وقد ا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

اشتعال أزمة سوريا وتركيا.. ورومني يدعم تسليح المعارضة
الملاحق

اشتعال أزمة سوريا وتركيا.. ورومني يدعم تسليح المعارضة

  دمشق / BBCبعد أيام من سقوط القذائف السورية عبر الحدود إلى تركيا، ما يزال التوتر وأعمال القتل، تتصاعد على جانبي الحدود، في وقت أعلن فيه مقاتلو المعارضة قرب السيطرة على معسكر للجيش النظامي...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram