طالب المحسن اللغة ، ليست وسيلة اتصال فحسب وإنما هي أداة مشحونة بالعاطفة والذاكرة،وهي لذلك تحتل أرقى الأماكن في الدماغ لخاصيتها الفسلجية المعقدة . في سبيل إبقاء الفارق بين الحاكم والمحكوم (وهي العلاقة الموجودة في مجتمعنا العربي) فإن اللغة تحشر هنا بدلالة قصدية، فمثلا أي إمكانية لاستفادة الشعب من عوائده الاقتصادية فهي تمر عبر بوابة (المكرمة)
الكلمة السيئة الصيت في الزمن الغابر لإظهار يد الحاكم العليا ويد الشعب المتسولة. وكذلك مثلا الوحدة بآمرها والتي مازلت أراها واشعر بها هنا وهناك لتؤكد اهمية الفرد القائد والبقية مجرد جوق أو صدى. ان تأخر انعقاد مجلس النواب واحتكار إرادته بيد قادة الكتل وعدم ظهور أي شخص يشذ عن هذا الجمع ولو بكلمة ما هو إلاّ تأكيداً صارماً لهذه المقولة الجوفاء .أعدم صدام جسديا لكن قراراته ولغته ما زالت موجودة وكان هم الشعب إعدام قراراته ولغته التي لسع بها كرامة العراقيين دهورا . في مجلس النواب الحالي تطالب نائبه بإعطاء (عيدية) للشعب ، وهذه تعطي مفهوما (تطفيلياً ) للشعب ، أي منح الحاكم موقع الابوه وكون الشعب هو الطفل المتلقي الفرحان ، وهذه لغة تعمق الهوة وتزيد من سحق كرامة الناس وهم يتسلمون (عيدياتهم) . ان الشعب يجب ان يتسلم استحقاقه وفق القانون وليس بموجب التفاتات الصدقة .أحد المسؤولين في مجلس محافظة بغداد ، حينما يدافع عن حجته القانونية ، نرى ان مرجعيته هي أحد قوانين صدام ، بل يدافع عن القانون بالرغم من ان صدام نفسه يعتبر القانون مجرد (جرة) قلم ، وان صدام بقوله هذا يريد ان يقول ان مصائركم لا تأخذ مني غير هذه (الجرة) لكنه إطلاقاً ، أي صدام لا يحلم ان زمناً يأتي على أنقاضه يعتبر (جرته) حجة .في هذه الايام تتكرر كلمة (تزيين) مدينة بغداد لتصبح لائقة باستقبال( القاده العرب) وقد صرفت من أجل ذلك مبالغ واستدعيت شركات وكأن اهل بغداد لا يستحقون بغداد جميلة بل بغداد متربة ، محاصرة بسياجات الحديد الصدئة لحدائق اشجارها مغبرة ،إنّ( تزيين ) بغداد يجب ان يكون لأجل اهلها.على العراقيين (المحكومين) لحد الآن ان ينتبهوا للغة (حكامهم) وألاّ يتساهلوا مع الإساءة ، وعلى المثقفين ان يفضحوا هذه اللغة لانها تؤسس الى علاقه حاكمة مؤلمة تجعل من (المحكوم) فريسة ترضى بكل انواع النهش والتهميش .
كلمات فـي خطاب السياسي
نشر في: 10 ديسمبر, 2010: 06:31 م