TOP

جريدة المدى > تقارير المدى > ورطة العراقيين مع القمعيين الجدد

ورطة العراقيين مع القمعيين الجدد

نشر في: 11 ديسمبر, 2010: 07:28 م

ماجدة محسناعلامية عراقيةبعد سقوط صدام في ربيع عام 2003 نجد انفسنا مرة اخرى امام نوع اخر من القمع السياسي لكنه هذه المرة يلبس ثوب الديمقراطية ويستظل بظلها، ففي احايين كثيرة نهون على انفسنا الامر ونقنعها بان الطريق الى الحرية والنظام الديمقراطي لابد وان يعبد بالدماء الشريفة وبالاخص بعد عقود من الحكم الفردي الاستبدادي، لكن هذا لايعني اننا نقبل ان نظل نعاني الى ما لانهاية.
  وما لم نكن نتوقعه ابدا هو ان نواجه المزيد من التضييق على الحريات العامة بعد كل تلك التضحيات الجسام، ومنها مواجهة قوى الارهاب الشرسة ونحن عزل في الشوارع إلا من الامل بعراق مدني متحضر، متمثلا بتغلغل التيارات الرجعية في المؤسسات المهمة للدولة وتاثيرها الكبير في تشويه الوجه الحضاري للعراق الذي بات يعلوه الغبار وبدت عليه ملامح الشيخوخة مقارنة بوجوه الدول الاخرى النضرة والبراقة ومن ضمنها دول الجوار، وما قرار مجلس محافظة بغداد الاخير بغلق النوادي الليلية ومحال بيع المشروبات الكحولية الا نوعا من القمع والتسلط وفرض ايديولوجية معينة في الوقت الذي يفترض ان تسير فيه الدولة نحو بناء مؤسساتها المدنية ومحو اثار العسكرة التي فرضت على العراق لعقود طويلة من الزمن. في الواقع اننا بوصفنا عراقيين نواجه ورطة كبيرة فالامر لايتعلق باغلاق محال بيع الكحول او نواد ليلية، بل ان المسألة اكبر بكثير من هذا الجزء الظاهر من القضية، فهي تتعلق بتعرض شعب باكمله للخداع في ما يخص نوع نظام الحكم في البلد، فاميركا عبرت البحار بجيوشها واساطيلها لتسقط نظام صدام تحت ذريعة التحرير من الديكتاتورية واقامة نظام ديمقراطي في العراق يمكن ان يصبح انموذجا يحتذى به في المنطقة، ولا اريد ان اسرد بالتفصيل ماحدث بعد ذلك من انهيار كامل للدولة وعمليات سلب ونهب للاموال والاثار واستفحال العصابات الجنائية والسياسية ومنها القاعدة بحجة محاربة الاميركان والاقتتال الطائفي وماتبعه من الهجرة الجماعية الى خارج العراق والتهجير القسري في الداخل واقامة الجدران العازلة بين المحلات البغدادية التي مازالت شامخة لتشي بكل مالايمكن ان يقال، ومن ثم المحاصصة الطائفية والفساد المالي والاداري الذي رافق ادارة وزارات الدولة وبعد كل هذا يجد العراقي نفسه لايعرف شيئا عن نوع النظام القائم في بلده هل هو يعيش في دولة اسلامية..؟ وهل ان الدستور يقول ان العراق دولة اسلامية، ام انه يشير في الباب الاول، المادة اولا الى ان"جمهورية العراق دولةٌ مستقلةٌ ذات سيادة، نظام الحكم فيها جمهوريٌ نيابيٌ (برلماني) ديمقراطيٌ اتحاديٌ"، لكن الكثير مما يحدث مخالف لما يقوله الدستور ويؤشر بصراحة رغبة الكثير ممن يتولون دفة الحكم في البلاد الى السير بالعراق باتجاه الاسلمة.ثمة اسئلة تطرح نفسها بشدة هنا، لماذا لم يفصح اصحاب الايديولوجيات الاسلامية والمنتمون الى الاحزاب الاسلامية كحزب الدعوة على سبيل المثال وبضمنهم نوري المالكي عن رغبتهم الحقيقية في اقامة نظام اسلامي؟ ربما لكانوا قد استبدلوا باخرين ممن لهم باع طويل في السياسة من الشخصيات المدنية التي لاتنتمي الى احزاب دينية؟ لماذا يشيرون دوما الى انهم مع النظام الديمقراطي المدني الذي تكفل فيه حريات الجميع..هل لانهم ينظرون بعين الى الامتيازات السلطوية وبعين اخرى الى انتماءاتهم الحزبوية الاسلامية؟ وهل ان الانتخابات هي العملية الديمقراطية الوحيدة التي يعترف بها الساسة المنتمون الى الاحزاب الدينية، هل انهم يستخدمون المواطن كسلم يصعدون عليه الى المناصب ويركلونه بارجلهم حالما تنتهي مهمة الصعود.وهل ان التعاليم الاسلامية تشير فقط الى الامتناع عن تناول الخمور وارتياد النوادي الليلية ام الامتناع ايضا عن نهب المال العام واستغلال المناصب، وتوصي بقضاء حوائج الناس وتوفير الخدمات لهم والعمل على توفير بيئة صالحة للحياة. ولا اعتقد ان هذه الصفات تنطبق على اكثر من 1 بالمئة من المسؤولين العراقيين.الا يعد الاخلال بمواد الدستور وفرض نوع من الصيغ الاسلامية على بلد يفترض انه يتمتع بنظام ديمقراطي نوعا من القمع؟ وان القمعيين الجدد لا يختلفون كثيرا عن القمعيين السابقين الذين يدعون انهم افضل منهم ويصفونهم بالمقبورين؟ ثم اليس من العار وبعد كل هذه التضحيات ان نجد معظم مؤسسات الدولة مازالت تعتمد قوانين النظام السابق ومنها القانون رقم 82 لسنة 1994 الذي اعتمده مجلس محافظة بغداد في غلقه النوادي الليلية. كنت اتمنى من مجلس محافظة بغداد ان يلتفت الى وضع المدينة المزري،بغداد المدينة التاريخية الجميلة التي كانت قبلة العرب والاجانب حتى وقت قريب تحولت بين عشية وضحاها الى مدينة كالحة ينظر اليها العالم على انها مازالت ساحة حرب، كنت اتمنى ان يقوم المجلس بحملة لازالة اكوام النفايات وتشجير للمدينة ويزرع بالتعاون مع سكانها شجرة امام كل منزل ومحل تجاري بدلا من الاشجار التي اقتلعتها الآلة الحربية الاميركية والارهابية، ان يقوم بحملة لازالة الشبكة العنكبونية المخجلة لاسلاك المولدات الاهلية ويستبدلها باخرى نظامية كما هو الحال في مدينة اربيل التي لاتبعد كثيرا عن بغداد. وكنت اتمنى من رئيس مجلس محافظة بغداد باعتباره"الممثل الشرعي لاهالي مدينة بغداد"كما يقول، ان يقوم بزيارة الى مدينة الاعظمية ويرى

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

التغير المناخي في العراق يعيق عودة النازحين لمناطقهم الأصلية.. متى تنتهي المعاناة؟

التغير المناخي في العراق يعيق عودة النازحين لمناطقهم الأصلية.. متى تنتهي المعاناة؟

متابعة/المدىرأت منظمة "كير" الدولية للإغاثة والمساعدات الإنسانية، إن التغير المناخي في العراق أصبح عائقاً أمام عودة النازحين لمناطقهم الأصلية.وبحسب دراسة أجرتها منظمة كير الدولية للإغاثة والمساعدات الإنسانية، فبعد ان كانت المعارك والاوضاع الأمنية في...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram