علاء المفرجي
طبعة رابعة من رواية (الجوع) للمؤلف النرويجي كنوت هامسون أصدرتها المدى بترجمة محمود حسني العرابي والتي نشرت أول مرة عام 1890 وقد عدت الرواية بوصفها الافتتاح الأدبي للقرن العشرين، ومثالًا بارزًا للأدب الحديث الذي يحركه علم النفس. تصور الجوع عدم عقلانية العقل البشري بطريقة مثيرة للاهتمام وفكاهية في بعض الأحيان.
كُتبت رواية الجوع بعد عودة هامسون من جولة مشؤومة في أمريكا، وهي مبنية على حياة المؤلف الفقيرة قبل شهرته. تدور أحداث الرواية في أواخر القرن التاسع عشر في كريستيانيا (أوسلو الآن)، وتروي مغامرات شاب يتضور جوعًا. رجل يفسح إحساسه بالواقع المجال لوجود وهمي على الجانب المظلم من مدينة حديثة. بينما يحاول عبثًا الحفاظ على المظهر الخارجي للاحترام، يتم سرد تدهوره العقلي والجسدي بالتفصيل. محنته، التي عززتها عدم قدرته أو عدم رغبته في ممارسة مهنة مهنية، والتي يعتبرها غير مناسبة لشخص بقدراته، تم تصويرها في سلسلة من اللقاءات التي وصفها هامسون نفسه بأنها "سلسلة من التحليلات".
في نواحٍ عديدة، يُظهر بطل الرواية سمات تذكرنا ببطل الجريمة والعقاب رسكولينكوف لفيودور دوستويفسكي، هو أحد المؤثرين الرئيسيين على هامسون. مثلما يظهر تأثير المؤلفين الطبيعيين مثل إميل زولا في الرواية، وكذلك رفضه للتقليد الواقعي.
رواية الجوع تشتمل على اثنين من أفكار هامسون الأدبية والأيديولوجية: أولا إصراره على أن تعقيدات العقل البشري يجب أن تكون الهدف الرئيسي للأدب الحديث، و استخفافه بالحضارة الحديثة: في السطور الافتتاحية للرواية، يصف كريستيانيا بشكل متناقض على أنها "هذه المدينة الرائعة التي لا يغادرها أحد قبل أن تترك بصماتها عليه". تمت موازنة الأخير فياغلب أعمال هامسون الأخرى، وهو الأمر الذي أكسبه جائزة نوبل في الأدب.
بطل الرواية بضمير المتكلم، متشرد لم يُذكر اسمه وذو ميول فكرية، ربما في أواخر العشرينيات من عمره، يتجول في شوارع العاصمة النرويجية كريستيانيا (أوسلو)، بحثًا عن الطعام. على مدار الرواية، يلتقي بعدد من الأشخاص الغامضين، أبرزهم يلاجالي، وهي امرأة شابة ينخرط معها في درجة خفيفة من العلاقة الحميمة الجسدية.
يُظهر رمز الفروسية الذي أنشأه بنفسه، حيث يعطي المال والملابس للأطفال المحتاجين والمتشردين، ولا يأكل الطعام المقدم له، ويسلم نفسه للسرقة. إنه يدمر نفسه بشكل أساسي، وبالتالي يقع في فخ من صنعه، ومع نقص الطعام والدفء والراحة الأساسية، يتحول جسده ببطء إلى الخراب. غارقًا في الجوع، يبحث عن وجبات الطعام، وفي وقت ما كاد أن يأكل قلمه الرصاص (الثمين إلى حد ما) وإصبعه. حالته الاجتماعية والجسدية والعقلية في تدهور مستمر. ومع ذلك، ليس لديه مشاعر عدائية تجاه "المجتمع" في حد ذاته، بل يلقي اللوم على النظام العالمي الإلهي. يتعهد بعدم الاستسلام لهذا الأمر ويظل "أجنبيًا في الحياة"، مسكونًا بـ "العصبية والتفاصيل غير العقلانية".
يختبر انتصارًا فنيًا وماليًا عندما يبيع نصًا لإحدى الصحف، لكن على الرغم من ذلك يجد صعوبة في الكتابة بشكل متزايد. في مرحلة ما من القصة، يطلب قضاء ليلة في زنزانة السجن، متظاهرًا بأنه صحفي ثري فقد مفاتيح شقته. وفي الصباح لا يستطيع أن يكشف عن فقره أو حتى المشاركة في وجبة الإفطار المجانية المقدمة للمشردين. أخيرًا، مع اقتراب الكتاب من نهايته، عندما يكون وجوده في حالة انحسار مطلق، يقوم بتسجيل الدخول إلى طاقم سفينة تغادر المدينة.
تم تحويل الجوع إلى الأفلام التالية: الجوع (1966)، وهو إنتاج مشترك دنماركي نرويجي سويدي، والجوع (2001)، فيلم أمريكي، إخراج ماريا جيزه، تم تصويره في الدنمارك بميزانية متواضعة، ويمثل فيه جوزيف كولب بالإضافة إلى والده روبرت كولب في دور مساند.