اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > سياسية > لماذا لا يستثمر العراق شمسه الحارقة؟

لماذا لا يستثمر العراق شمسه الحارقة؟

نشر في: 26 يونيو, 2024: 12:29 ص

المدى/ ذو الفقار يوسف

سجلت درجات الحرارة في العراق، للأسبوع الجاري درجات عظمى، فحسب هيئة الانواء الجوية العراقية وراصدين جويين بلغت درجات الحرارة الى حدود الـ50 مئوية في بعض المحافظات العراقية، لتصل محافظة البصرة الى أعلى معدل درجات الحرارة على مستوى العالم بواقع 51.1 درجة مئوية، يليها في المرتبة الثانية مطار البصرة الدولي، بواقع 51 درجة مئوية، تليها بالمرتبة الثالثة "الناصرية" مركز محافظة ذي قار، بواقع 50.7 درجة مئوية.
ومع قرب أشهر فصل الصيف التي تتربع على عرش الشهور الأكثر حرارة يراقب العراقيون الدول المتطورة، وكيف استثمرت هذه الطاقة الكبيرة الا وهي الطاقة الشمسية في كل مفاصل حياتهم، فاستثمرت للزراعة والنقل لتكون مصدرا دائما للطاقة المتجددة والنظيفة والصديقة للبيئة، لذلك فهم ينتظرون تحرك حكوماتهم المتعاقبة بالالتفات لهذا الملف المهم والذي سيخلصهم من أزمات عاصروها منذ امد.
المواطن عباس الحمداني (37 عاما) كان أحد هؤلاء، فهو يطلق تساؤلاته عندما يتعلق الامر بهذا الجانب المهم، ويقول؛ إن "العديد من الدول قامت باستغلال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح كطاقة متجددة بعيدا عن مصادر الطاقة الأخرى التي لا تخلو من سلبياتها، فشوائب النفط والغاز المصاحب لتشغيل المعامل والمحطات الكهربائية اول المصائب فيما يتعلق بصحة المواطن، وما نشهده من إصابات عديدة بأمراض السرطان وامراض الجهاز التنفسي بسبب الملوثات التي تطلقها المكائن ومصافي النفط صارت تحقق ارقاما كبيرة جدا".

حارقة خارقة
يضيف الحمداني في حديثه لـ(المدى)، ان "الامر غير مستحيل، فشمسنا حارقة لذا فأنها ستوفر لنا طاقة كبيرة وخصوصا في مجال الطاقة الكهربائية التي يعاني منها العراقيون في كل موسم صيف، منوها إلى ان "هناك غيابا كاملا لثقافة استخدام الطاقة النظيفة في العراق، فضلا عن عدم توفر الدعم الكافي من الحكومة لهذا الملف مما يجعله مغيبا لدى العراقيين". اما الخبير البيئي عاصم محمد فبيّن، ان "المشاكل التي تواجه البلد في فصل الصيف لا تعد ولا تحصى، وخصوصا عندما تصل درجة الحرارة الى الـ40 مئوية، فنحن نشاهد زيادة نسبة الحرائق في الاونة الاخيرة ما ان بدأ فصل الصيف في العراق، اذ يعتبر احد اهم المسببات لاندلاع الحرائق التي تؤدي الى خسائر بشرية ومادية، فقبل يومين احترق مستشفى بمنطقة الشعب في العاصمة بغداد وهو ما زال قيد الانشاء مما حرم اهالي المدينة من فرحة بناء اول مشفى لهم فيها". شيرا الى، ان "حوادث الحرائق بسبب التماس الكهربائي الناتجة عن ارتفاع درجات الحرارة في البلد صارت سببا رئيسيا لهذه الخسائر". مستدركا، ان "الطاقة البديلة هي الحل للخلاص من هذه الحوادث، فهي آمنة ولا توثر على صحة الانسان ايضا لكونها طاقة نظيفة، واغلب دول العالم قد توجهت الى استبدال الوقود بالالواح الشمسية بالنسبة لتوفير الطاقة الكهربائية خصوصا ونحن في خضم المنافسة الشرسة في مجال استخراج الوقود وتصديره واستيراده بسبب استخداماته المتعددة".

قنابل موقوتة
يؤكد محمد لـ(المدى)، ان "العراق بلد متأخر جدا في مجال توظيف الطاقة البديلة او الطاقة الكهروضوئية التي توفر له بديلا ناجحا للادوات التقليدية التي من خلالها يقوم بتوفير الطاقة الكهربائية". منوها إلى، ان "التوجه نحو حلول بديلة للادوات التقليدية بانتاج الطاقة الكهربائية يخلص الحكومة من ازمة الكهرباء التي تتكرر كل عام في البلد، وتجعل الحكومة غير كفوءة امام مواطنيها في توفير هذه الخدمة". يتابع الخبير البيئي عاصم محمد، ان "الموضوع لا يقف فقط عند توفير الطاقة الكهربائية، بل يشمل الزراعة والصناعة وحتى النقل، اذ ان عوادم السيارات وما تبعثها من ملوثات تجعل من اجواء العراق غير صالحة للعيش، والعديد من الدول استبدلت السيارات التي تعمل عن طريق الوقود بتلك التي تعمل بالطاقة الكهربائية المخزونة والاخيرة توفرها الالواح الشمسية ايضا". مبينا، ان "المولدات الاهلية والحكومية التي تنتشر في بغداد تتراوح بما بين 6 الى 10 الاف مولدة تؤثر على شكل العاصمة ومناخها فضلا عن انها تصبح كقنبلة موقوتة عند اشتداد الحرارة من خلال خزاناتها المليئة بالوقود واسلاكها الممتدة الى المنازل بشكل فوضوي".
يختتم محمد، انه "وفقا لتقديرات منظمة الصحة العالمية فان في كل عام هناك اكثر من 13 مليون حالة وفاة في العالم تسببها البيئة، وان 99% من سكان العالم يتنفسون الهواء الملوث، فثنائي اوكسيد النتروجين الصادر من حرق الوقود الاحفوري، اضافة الى ثنائي اوكسيد الكاربون المنبعث من المولدات والمحركات والمعامل والمحروقات هو السبب الاول في هذه الوفيات، اضافة الى ان الغازات الدفيئة التي تسبب ظواهر طقسية خطيرة تهدد الانسان وصحته مثل الاحتباس الحراري الذي يواجهه العالم الان، وهذا ما سيتلافاه العراق حينما يتوجه نحو استثمار الطاقة البديلة والتي ستؤسس له نظاما معتدلا لانتاج الطاقة واستخدامها بصورة لا تؤثر على المواطن بل تخدمه في حياته".

أثر إيجابي
اما الخبير بالشأن البيئي سمير عبود، فقد قال؛ إنه "لا يوجد لغاية الآن أي بلد في العالم يستخدم الطاقة الشمسية كمصدر رئيسي لإنتاج الطاقة الكهربائية وانما كمصدر مساعد لوسائل انتاج الطاقة الكهربائية التقليدية وفي مناطق معينة". مبينا انه "في العراق أزمة الكهرباء شبه مفتعلة وذلك لتوفر كل عناصر انتاج الكهرباء بالطرق التقليدية من مصادر المياه وصولاً إلى استخدام الوقود السائل والغاز، ولكن استشراء حالة الفساد وعدم وجود خطط واقعية لتنمية قطاع انتاج الكهرباء، بالإضافة إلى الهدر العالي للطاقة الكهربائية نتيجة عشوائية الاستخدام أدت إلى حصول نقص واضح في إمدادات الطاقة الكهربائية يظهر جليا في فصل الصيف نتيجة زيادة الطلب".
يبين عبود لـ(المدى) ان "الطاقة الشمسية ستكون بديلا ممتازاً في العراق عن استخدام الطاقة الكهربائية المنتجة من قبل مولدات الكهرباء المنتشرة في أغلب المناطق السكنية والتجارية في عموم محافظات ومدن العراق، على أن يتم دعم هذا القطاع من قبل الحكومة لتوفير معدات المنظومات والخلايا الشمسية بأسعار مناسبة تمكن المواطنين من استخدامها لتوفير الاحتياج للكهرباء بدلا من المولدات التي تستهلك كميات كبيرة من الوقود، وتسبب الكثير من التلوث البيئي والضوضاء والارتجاج الارضي إضافة إلى مشاكل الاستدامة وكثرة العطلات". مضيفا انه "يمكن استخدام الطاقة الشمسية كمصدر رئيسي لإنتاج الكهرباء في المناطق الريفية المتطرفة والمشاريع الصناعية والزراعية الصغيرة والمتوسطة التي تقع خارج الحدود البلدية بما يقلل من كلف نقل الطاقة الكهربائية لمسافات بعيدة ويديم توفير الطاقة الكهربائية". ويتابع، انه "في حال وضع دراسات علمية ووضع خطط تنفيذ واقعية حينها سيكون لها اثر اقتصادي إيجابي مؤكد، وستكون هناك استدامة حقيقية في انتاج الطاقة الكهربائية، كما سيكون هنالك أثر إيجابي على صعيد تقليل مصادر التلوث البيئي".

الاقتصاد أولاً
بدوره اوضح الخبير الاقتصادي حسام نور الدين، ان "هناك العديد من الاستخدامات للطاقة الشمسية خصوصا وان فصل الشتاء في البلد قصير بالنسبة لصيفه، وهذا ما يوفر للدولة الكثير من الاموال في هذا المجال"، مشيرا الى، ان "انشاء منظومات متكاملة من الالواح الشمسية والخلايا مدعومة من الحكومة ستجعل المواطن يتوجه نحو هذه الطاقة وخصوصا الاسر الفقيرة وذوي الدخل المحدود".
ينوه نور الدين لـ(المدى)، انه "بالرغم من ان قطاع الطاقة الشمسية ترتفع حدوده بنسبة اكثر من 5 بالمئة الا ان غياب الثقافة بهذا الجانب تجعل هذه النسبة تنخفض مع استمرار توجه الدول المتطورة نحو هذه الادوات". ويزيد على ذلك بقوله: انه "لا بد للحكومة من الاعتماد على الطاقة الشمسية كمصدر بديل للطاقة الكهربائية، اذ ان ذلك سيوفر لهم مليارات الدولارات، حيث ان البلد أنفق ما يقارب أكثر من 75 مليار دولار خلال العقدين الأخيرين على ملف الطاقة الكهربائية من دون الوصول إلى معدلات إنتاج تغطي حاجة البلاد، وهذا الامر وحده كفيل بان يكون هناك توجه نحو بديل اخر".
ويشير نور الدين، إلى انه "لم يكن انتاج الطاقة الكهربائية هو المحصلة النهائية لاستثمار الطاقة الشمسية، بل ان هذه الطاقة ستنقذ الملف الزراعي في البلد ايضا وخصوصا في مجال الري، اذ ان اغلب المزارعين في المناطق البعيدة والتي تنعدم فيها خطوط الطاقة الوطنية يعانون من مشاكل عدة بسبب الطاقة الكهربائية"، مبينا، ان "الالواح الشمسية ستوفر لهم طاقة كهربائية ممتازة لكون اغلب المساحات الزراعية مواجهة للشمس اكثر من المدن، وهي اقل تكلفة اذا ما تم احتساب الوقود المستخدم للري، ناهيك عن الصيانة والاعطال المصاحبة لاستهلاك المكائن، بينما تعمل الالواح الشمسية اذا كانت من مناشئ جيدة ما يقارب الـ20 عاما بشكل مستمر، اضافة الى خلق ثقافة الإنتاج والاكتفاء بدون أية ملوثات بيئية كاستخدام المولدات وسيعالج إشكاليات الضغط النفسي بسب ازمة الكهرباء التي اصبحت لعنة سرمدية على العراقيين". يذكر ان وزارة الكهرباء العراقية تعمل على عقود لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية بواقع 2500 ميغاواط كمرحلة اولى من اصل اكثر من7 آلاف ميغاواط خلال السنوات القليلة المقبلة، وهو ما يمكن ان يشكل 20% من اجمالي انتاج الكهرباء في العراق.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

صدور 35 أمر قبض واستقدام بحق الدرجات العليا خلال أيار الماضي

الإعمار تحدد موعد إنجاز مدخلي بغداد مع محافظتين

مبابي يظهر بقناع جديد في تدريبات فرنسا قبل مواجهة بلجيكا

التربية: السماح لطلبة السادس الابتدائي والثالث الراسبين بـ3 دروس تأدية امتحانات الدور الثاني

ملحق عراقيون

مقالات ذات صلة

المالكي يبحث عن
سياسية

المالكي يبحث عن "نهاية سعيدة".. ولاية ثالثة قبل تقاعده

 بغداد/ تميم الحسن يبحث نوري المالكي، زعيم دولة القانون عن "نهاية سعيدة" لختام عمله السياسي خلال الـ20 عاما الاخيرة بالحصول على رئاسة الحكومة للمرة الثالثة قبل تقاعده.ويدفع المالكي ويشاركه الى حد ما، حزب...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram