TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمودالثامن: عقدة تشرين

العمودالثامن: عقدة تشرين

نشر في: 27 يونيو, 2024: 12:12 ص

 علي حسين

ظهر علينا مؤخراً المحلل السياسي عماد المسافر في " نيو لوك " متطور، ليحدثنا عن مخاطر من أسماهم " التشارنة "، والرجل يقصد الشباب الذين شاركوا في تظاهرات تشرين التي أزعجت " سيادته " لأنها طالبت بالعدالة الاجتماعية ومحاسبة الفاسدين، وتقديم الخدمات للشعب، وهذه أمور يعتبرها محللنا السياسي من الكبائر، فكيف يجرؤ شباب على تحدي قادة البلد ويطالبونهم بمراعة الشعب، السيد المسافر أو المحلل أخبرنا بأريحية بأن الحكومة لو قررت أن تحارب إسرائيل " التشارنة راح يشيلون سلاحهم ويرحون، ويكولون إحنه مع قرار الدولة "، وفي لفتة مثيرة للاهتمام يضرب على المكتب يردد "ما يشاركون عمي " ويضيف :" شفتلك فصيل من المتنبي شارك بحرب داعش "، ولا أعرف سر انزعاج بعض المحللين السياسيين من شارع المتنبي، ولماذا يثير منظر الكتب كراهيتهم .. بعدها يضيف وهو يعدل غترته :" لو ما إحنه يكدرون يوم الجمعة يروحون يكلبون كتب " وليسمح لي السيد المسافر أن أسأله : هل شارك في المعارك ضد داعش، ومتى . وأين؟ .
يترك السيد المسافر " التشارنة " ليتحول إلى المدنيين العلمانيين واليساريين والذين يصفهم بالقلة وبأنهم أيضا لن يشاركوا في قتال إسرائيل .. المضحك في حديث محللنا السياسي أنه بسبب كرهه للقراءة والمعرفة فاته أن القوى العلمانية واليسارية العراقية ترتبط بعلاقة وجدانية مع فلسطين، وأن الكثير من اليساريين استشهدوا وهم يشاركون الفصائل الفلسطينية معركتها العادلة ضد الكيان الصهيوني، وأن أبرز الفصائل الفلسطينية ترتبط بعلاقات تاريخية مع قوى اليسار العراقي .
سيقول البعض يارجل: لماذا تريد مناقشة محلل سياسي يسخر من الثقافة ويعتبرها " رجس من عمل الشيطان " ؟ ماذا يختلف عماد المسافر عن عامر الكفيشي ومحمود المشهداني، يملأون الفضائيات والصحف بحديث عن مخاطر المدنيين على المجتمع العراقي، ويخوضون معركة الإساءة لكل من يطالب ببناء دولة المواطنة ومحاسبة سراق البلاد والعباد .
منذ انطلاق تظاهرات تشرين والبعض يريد أن يؤكد للعالم بأن الذي سرق البلاد وخربها وأشاع الطائفية والمحاصصة وباع المناصب إنما هم العراقيون الذين تظاهروا في ساحات الوطن، وأن تحرير العراق من القوى المدنية بات مقدماً على تحرير العراق من الفساد والانتهازية.
في ظل نظام سياسي اعتقد المواطن المغلوب على أمره مثل جنابي أنه ديمقراطي، مازال البعض مثل عماد المسافر يعتقد بأنه يحمل تراخيص لتخوين الآخرين والدعوة إلى طردهم من بلاد الرافدين.
عندما يتقدم مواطن لطلب وظيفة بسيطة، سيُطلب منه أن يملأ استمارة عن خبرته ومؤهلاته، وسيرته، لكن المحلل السياسي عندنا لا يُسأل عن كفاءته، وثقافته، فقط عليه أن يشتم تظاهرات تشرين، وسيحصل على المال والسيارة الحديثة والمنصب وبطاقة سفر مجانية إلى الحج.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. اشراق العراقي

    منذ 8 شهور

    احسنت

  2. Khalid muftin

    منذ 8 شهور

    بارك الله فيكم

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: براءة نور وتابعه هيثم !!

العمود الثامن: نشيد عالية وأخواتها!!

الذين يتمسحون بأذيال السيستاني

العمود الثامن: ألف حزب وحزب

العمود الثامن: من أين لك هذا ؟

العمود الثامن: في محبة المرأة

 علي حسين أصبح العالم اليوم مسكونًا بشيء اسمه المرأة، فلم يعد من الممكن تشكيل برلمان أو حكومة في أي بقعة من العالم من دون النساء، ذهب العصر الذي كانت تشكو فيه سيمون دو...
علي حسين

قناديل: اليسار الجديد: أصولية عابثة وعُصابٌ جمعي

 لطفية الدليمي تتكرّرُ على مسامعنا كثيراً عبارةٌ قالها (غوبلز) وزير الدعاية النازية: كلّما سمعتُ كلمة (الثقافة) تحسّستُ مسدّسي. اليوم صار كثير ٌ منا يتحسّسُ رائحة أزمة عالمية النطاق كلّما سمع مفردة (الجديد) ملحقةً...
لطفية الدليمي

قناطر: مسلسل معاوية... جرُّ القناعات الى مسلخ الأوهام

طالب عبد العزيز مع أنَّ كلَّ تعريف للتأريخ يرجع الى وجوب توافر الوثيقة، إذْ لا تأريخ بدون وثيقة، إذْ أنه الأحداث والوقائع التي تقدّمها لنا الوثائق والمصادر، كما تعرف كلمة 'التاريخ' في اللغة العربية...
طالب عبد العزيز

جامعة بغداد، منارة العلم والمعرفة في قلب العراق

محمد الربيعي جامعة بغداد صرح علمي شامخ، واحد ابرز منارات المعرفة في العراق والعالم العربي. تاسست عام 1957، لكن جذورها تمتد الى بدايات القرن العشرين مع تاسيس كليات الحقوق والطب والهندسة. لعبت الجامعة دورا...
د. محمد الربيعي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram