اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > سياسية > أداء البرلمان يتراجع كل 4 سنوات: الدورة الخامسة "الأضعف" رقابياً

أداء البرلمان يتراجع كل 4 سنوات: الدورة الخامسة "الأضعف" رقابياً

(المدى) تجري مقارنة بين فترات السلطة التشريعية بعد 2003

نشر في: 27 يونيو, 2024: 12:59 ص

 بغداد/ حسين حاتم

شهد العراق خمس دورات برلمانية بعد سقوط نظام صدام حسين في نيسان 2003، لكل دورة ظروفها الخاصة وقوانينها ومسارها الذي سارت به، لكن الدورة الحالية (الخامسة) كانت الأضعف وذات الفجوة الأوسع سياسياً، بحسب مخضرمين في عالم السياسة، كونها شهدت أحداث هي الأولى من نوعها في العراق. تمثلت تحديات الدورة البرلمانية الحالية باستقالة 73 نائباً من الكتلة الصدرية (الجناح السياسي للتيار الصدري) الذي يتزعمه مقتدى الصدر والذي أطلق عليه مؤخراً تسمية "التيار الشيعي الوطني".

ومن ضمن التحديات كذلك، خلو كرسي البرلمان من الرئيس وذلك بعد انهاء عضوية رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي، بقرار من المحكمة الاتحادية العليا، في تشرين الثاني 2023.
(المدى) أجرت مقارنة بين الدورات البرلمانية التي انتخبت بعد العام 2003، والتي بدأت أولها في 2005 بانتخاب الجمعية الوطنية التي لم تستمر سوى عام واحد وصولا إلى الدورة البرلمانية الخامسة التي انتخبت في تشرين الأول 2021.
الدورة البرلمانية الأولى والتي عقدت أول جلسة لها في العام 2005، شرعت 180 قانونا، بينما شرعت الدورة البرلمانية الثانية بين أعوام 2010-2014، 215 قانوناً، فيما شرعت الدورة الثالثة 161 قانونا بين أعوام 2014-2018، أما الدورة الرابعة بين أعوام 2018 – 2022 فقد شرعت 91 قانونا، بينما شرعت الدورة البرلمانية الخامسة منذ بدايتها في العام 2022 الى الان 48 قانوناً.

الدورة الخامسة "الأضعف" في التشريع
القوانين التي شرعت خلال الدورة الحالية أقل من سابقتها في الدورة الماضية، والماضية أقل من التي قبلها، أي أن نسبة إقرار مشاريع القوانين تتجه بشكل تنازلي، نتيجة الصراعات السياسية ووضع المصالح الشخصية من الأولويات على حساب القانون والمواطن.
وليست الصراعات السياسية وحدها، يضاف الى ذلك ما شهده العراق من حرب طائفية خلال السنوات 2006-2008 وحرب داعش 2014-2017، ومن ثم اتهامات بالتزوير وحرق لصناديق الانتخابات عام 2018 واندلاع احتجاجات شعبية واسعة عام 2019، ومن ثم مرور العراق بأزمة تشكيل الحكومة من نهاية 2021 ولغاية 2022 واندلاع مواجهات مسلحة بالقرب من بناية مجلس النواب في العام المذكر، جميعها أثرت على سير العملية التشريعية داخل قبة البرلمان.
وفيما يخص الاستجوابات، فقد استجوب مجلس النواب خلال الدورة البرلمانية الخامسة، مجلس امناء شبكة الاعلام العراقي بسب هدر للمال العام على إثر زيادة ميزانية الشبكة وتضخم حجم المصروفات، وقيام رئيس مجلس الامناء بمخالفة قانون شبكة الاعلام واصدار اوامر خارج مهامه الرقابية، بحسب طلب مقدم من النائب ضحى القصير.
وكذلك استجوب في الدورة ذاتها، رئيس شبكة الاعلام العراقي عن مخالفة قانون شبكة الاعلام العراقي بشأن تضارب المصالح من خلال امتلاك زوجة رئيس الشبكة لشركة إنتاج وتوزيع اعلامي، بطلب مقدم من النائب رائد المالكي.

"تشرين" وضعت نقطة نهاية الدورة الرابعة
أما الدورة الرابعة التي جاءت نتيجة انتخابات 2018، التي تمخض عنها فوز تحالف سائرون التابع الى زعيم التيار الصدر مقتدى الصدر، لم تخل من الاشكاليات، حيث آثار رئيس الوزراء الاسبق نوري المالكي الجدل بقوله إن "الانتخابات مزورة وإنما لم تبلغ 18 في المئة من مجموع الناخبين"، وقدم شكوى رسمية حينها باسم كتلته "دولة القانون"، لكنه سحبها في اللحظات الأخيرة خشية اندلاع ما وصفه بالحرب الأهلية.
ولم تدم الدورة البرلمانية طويلا حتى اندلعت ذروة الاحتجاجات الشعبية في تشرين الأول من 2019 والتي أسفرت عن استقالة رئيس الحكومة آنذاك عادل عبد المهدي.
ولم تشرع الدورة الرابعة قوانين بالمستوى المطلوب داخل قبة مجلس النواب، وانشغلت بتقاسم المناصب والمحاصصة المقيتة حتى جاءت الانتخابات المبكرة في 2021.
استجواب واحد فقط جرى خلال الدورة الرابعة، مع توجيه خمسة أسئلة واستضافتين، وكان الاستجواب موجهًا إلى رئيس هيئة الإعلام والاتصالات بشأن تضليل هيئة الاتصالات لمجلس الوزراء بخصوص تجديد عقود الهاتف النقال وعدم الالتزام ببنود حماية المستهلك، وقد صوت المجلس بعدم القناعة بأجوبة رئيس الهيئة وتمت الموافقة على سحب الثقة منه.
السياسي العراقي وعضو مجلس النواب السابق مشعان الجبوري، يقول في حديث لـ(المدى) إن "كل دورة برلمانية يتراجع مستواها عن التي قبلها، من ناحية الاجراءات الرقابية، المتمثلة بإقرار مشاريع القوانين واستجواب المسؤولين وغيرها".
ويضيف أن "مجلس النواب العراقي كان يضم شخصيات مهمة وصاحبة قرار، والآن أصبح يغلب عليه الاشخاص الذين بلا تاريخ وبلا تجربة واغلبهم بلا كفاءة"، مستدركاً أن "أسوأ الدورات على مستوى تشريع القوانين والرقابة هما الدورتان الرابعة والخامسة".

الدورة الثالثة: "داعش" واستجوابات لمسؤولين كبار
الدورة البرلمانية الثالثة كانت في اعقاب مرحلة حساسة جداً، تزامنت بدايتها مع بداية دخول تنظيم داعش إلى العراق واحتلال ثلث أراضيه، مما دعا المرجعية الدينية العليا المتمثلة بالمرجع الاعلى للشيعة في العراق والعالم علي السيسيتاني، الى إصدار فتوى الجهاد الكفائي وإعلان الحرب على "داعش" بمشاركة الجيش العراقي وقوات مكافحة الإرهاب التي صدّت هجوماته وسحقته بعد تدميره مدينة الموصل، التي اتخذ منها منطلقاً لما سمّاه "دولة العراق والشام".
وجاءت نسبة المشاركة في انتخابات 2014 التي تكون منها برلمان الدورة الثالثة، بمعدل 62 بالمائة وهي أعلى نسبة مشاركة، والفضل يعود الى المرجعية العليا في النجف الأشرف، إذ حثت شيعة العراق وسواهم على إنجاح التجربة البرلمانية خياراً للحكم الرشيد كما وصفته.
الإ أن نتائج الانتخابات التي أرادها نوري المالكي رئيس الحكومة آنذاك لدورة ثالثة اصطدمت برفض المرجعية وبعض القوى النافذة وكانت حصيلتها تنازله لرفيقه بحزب الدعوة الإسلامي حيدر العبادي، الذي توعد حينها بالقضاء على "داعش"، وتحقق النصر على الإرهابيين في العام 2017. وبشأن الاستجوابات، فقد جرى استجواب قاسم الفهداوي وزير الكهرباء حينها، بطلب من النائب رزاق محيبس (وزير النقل الحالي)، كذلك استجوب وزير الاتصالات حسن الراشد بطلب من النائب هدى سجاد، واستجواب وزير التجارة وكالةً سلمان الجميلي من قبل النائب عالية نصيف، فضلا عن استجواب رئيس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات سربست مصطفى رشيد من قبل النائب ماجدة التميمي، واستجواب وزيرة الصحة عديلة حمود بطلب من النائب عدي عواد، بالاضافة الى استجواب رئيس هيئة الاعلام والاتصالات صفاء الدين ربيع بطلب من النائب حنان الفتلاوي، واستجواب هوشيار زيباري وزير المالية بطلب من النائب هيثم الجبوري، ولا ننسى الاستجواب الشهير الذي اثار ضجة حينها لوزير الدفاع خالد العبيدي بطلب من النائبتين عالية نصيف وحنان الفتلاوي.

الدورة الثانية: الكتلة الأكبر
في العام 2010، تنافس 12 ائتلافاً سياسياً يمثلون حوالي 167 كياناً سياسياً، للفوز بـ 325 مقعداً برلمانياً، بالإضافة الى تخصيص 8 مقاعد للأقليات، لترشيح رئيس للجمهورية ورئيس حكومة وبرلمان.
وكان القرار في الترشح لحصة الكتل الفائزة بعدد المقاعد الذي يجيز لرئيس الكتلة مناقلة الأصوات وتوزيع المناصب.
ففازت القائمة العراقية بزعامة إياد علاوي، زعيم حزب الوفاق الوطني آنذاك، وهي قائمة سياسية لا دينية، بـ91 مقعداً تمثل الغالبية، في وقت حلت قائمة ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري كامل المالكي في المركز الثاني بـ89 مقعداً، الإ أن علاوي لم يتولَّ رئاسة الحكومة لعدة أسباب.
ومن ثم أكدت المحكمة العليا بعدها بأن قانون الانتخابات وقتها غير دستوري وجرى إحداث تغييرات في النظام الانتخابي عبر قانون انتخابي جديد بترشيح الكتلة الأكبر، والتي تمثلت حينها بإئتلاف المالكي الذي تولّى الرئاسة.
أما أبرز الاستضافات للمسؤولين ضمن الدور الرقابي للمجلس في الدورة الثانية بحسب المرصد النيابي، كانت لوزيري الصحة والتربية ووكيل وزارة الهجرة والمهجرين ووكيل وزارة الصحة لمناقشة الإجراءات المتخذة من قبل وزارات الهجرة والمهجرين والصحة والتربية حول المشاكل التي يعانيها النازحون، واستضافة وزيري التعليم العالي والبحث العلمي وحقوق الإنسان لمناقشة الإجراءات المتخذة من قبل الوزارات المعنية بشأن المشاكل التي يعانيها النازحون والمهجرون، واستضافة وكيل وزارة الداخلية والمتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع ممثلا عن وزارته وقائد عمليات صلاح الدين وقائد الشرطة الاتحادية في المحافظة وممثلا عن جهاز مكافحة الإرهاب لمناقشة مجزرة قاعدة سبايكر العسكرية، واستضافة وزيري التجارة خير الله بابكر والأعمار والإسكان محمد صاحب الدراجي لمناقشة الإجراءات المتخذة من قبل الوزارتين بشأن المشاكل التي يعانيها النازحون والمهجرون.
كما استضاف البرلمان، وزير المالية وكالة صفاء الدين الصافي لمناقشة الموازنة العامة لسنة 2014، واستضاف ايضا نائب رئيس الوزراء لشؤون الخدمات صالح المطلك لمناقشة الإجراءات المتخذة للجنة العليا الخاصة بالنازحين.

الدورة الأولى: بداية الديمقراطية
الدورة البرلمانية الاولى كانت البداية لمجلس النواب العراقي الذي جاء بعد سقوط نظام صدام حسين ودخول العراق في منعطف خطير، حيث رعت الولايات المتحدة انتخاب جمعية وطنية انبثقت منها حكومة عراقية انتقالية استمرت إلى حين التصويت على الدستور الدائم للبلاد في 15 تشرين الاول 2005، بهدف اختيار 275 عضواً في البرلمان الجديد سمّوه مجلس النواب العراقي ليتولّى مهمة تشكيل الحكومة الجديدة لأربعة أعوام.
وشهدت الحقبة التي اعقبت العام 2005 تصاعد وتيرة الطائفية والعرقية والقبلية التي أسست لمجتمع الانقسام والفرقة فيما بعد.
وشرعت المحاصصة السياسة في توزيع المناصب، بالاضافة الىمقاطعة السنّة لذلك المشروع الذي أفقدهم سلطة القرار، وانبثقت فيما بعد مفوضية الانتخابات للمرة الأولى في التاريخ العراقي الحديث.
وتولّت مفوضية الانتخابات مهمة توزيع المقاعد البرلمانية على المحافظات بمعدل مقعد لكل مئة ألف مواطن، وأعطت ‎‎25 بالمائة من المقاعد إلى النساء كما أقرّها الدستور.
وائل عبد اللطيف، وهو قاض ونائب سابق في البرلمان العراقي، يقول في حديث (المدى) إن "الدورة البرلمانية الأولى كانت من أفضل الدورات البرلمانية التي مرّت على برلمان العراق، من ناحية التشريعات والرقابة الاداء".
ويتفق عبد اللطيف مع زميله مشعان الجبوري بأن "الدورات البرلمانية تراجعت شيئا فشيئاً، حتى وصلنا الى الدورة الحالية التي لا نعلم كم عدد الايام التي عملت بها وما أهم القوانين التي عملت عليها".
"بداية تأسيس البرلمان في المملكة المتحدة، كان هدفه هو الرقابة على مؤسسات الدولة"، يقول عبد اللطيف ويستدرك، "عند العودة الى البرلمان العراقي نرى غياب الرقابة والتشريع!".
ويؤكد النائب والوزير السباق، أن "الكثير من الأمور تحكمها المجاملات والمصالح"، مشيرا الى أن "البلد تعمق بالفساد حتى وصل الكثير من المسؤولين الى مرحلة الاستهتار".
وبحسب عبد اللطيف، فإن الرقابة الأضعف كانت في الدورة البرلمانية الخامسة، ولولا تدخل المحكمة الاتحادية العليا بحل الاشكالات والخلافات لتفاقمت الأزمات السياسية.
ويلفت الى أن "النظام المحاصصاتي فاشل بامتياز، والدليل على ذلك خلو كرسي البرلمان من الرئيس منذ حوالي نصف عام"، مبينا أن "النظام الرئاسي أفضل بكثير بالنسبة للعراق.. الديمقراطية والحرية كذبة في العراق، كون الديقراطية تتمثل بحرية التعبير ووضع الشخص بالمناسب بالمكان المناسب".
والكثير من القوانين تبقى داخل أروقة مجلس النواب دون القراءة والتصويت، لترحل فيما إلى الدورة التي تأتي وبعدها وتعاد الكرة كذلك، كما حصل مع قانون النفط والغاز، وقانون مكافحة العنف الأسري، وقانون حماية الطفل، وقانون التجنيد الإلزامي (…).
الى ذلك، وصف رئيس مركز الفكر السياسي للدراسات، احسان الشمري الدورة البرلمانية الخامسة بـ"الأسوأ" قياساً بالدورات التي سبقتها؛ بسبب غياب الدور الرقابي وشحة القوانين، بحسب تعبيره
ويذكر الشمري لـ(المدى)، أن "الدورات البرلمانية المنتجة كانت في الأولى والثانية والثالة"، مضيفاً "بعدها تحول البرلمان في الدورة الرابعة الى صراع ارادات وأصبح برلمانا معطلا نوعا ما".
وحمّل رئيس مركز الفكر السياسي للدراسات، تحالف ادارة الدولة المسؤولية في الفجوة التي حدثت في مجلس النواب الحالي "كونه هو انعكاس للحكومة، والجميع مشترك".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

قناديل: لعبةُ ميكانو أم توصيف قومي؟

فشل الذكاء الاصطناعي في مضاهاة الخلق الأدبي والفني

قناطر: بين خطابين قاتلين

كيف يمكن انقاذ العراق من أزمته البيئية-المناخية الخانقة؟

يا أيام بنطال "الچارلس".. من ذاكرة قلعة صالح في سوق الخياطين

ملحق عراقيون

مقالات ذات صلة

المالكي يبحث عن
سياسية

المالكي يبحث عن "نهاية سعيدة".. ولاية ثالثة قبل تقاعده

 بغداد/ تميم الحسن يبحث نوري المالكي، زعيم دولة القانون عن "نهاية سعيدة" لختام عمله السياسي خلال الـ20 عاما الاخيرة بالحصول على رئاسة الحكومة للمرة الثالثة قبل تقاعده.ويدفع المالكي ويشاركه الى حد ما، حزب...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram