TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > قراءة فـي ثورة مستمرة

قراءة فـي ثورة مستمرة

نشر في: 13 ديسمبر, 2010: 05:05 م

حسين علي الحمدانيفي حياة الأمم والشعوب نقاط شكلت مفترق طرق في حركة التاريخ ،وغدت علامة فارقة يستدل بها على صحة الكثير من المواقف ، وواحداً من مفترقات الطرق في تاريخنا الإسلامي وتاريخ الإنسانية هي واقعة الطف ، وهذه الصفة متأتية ليس من خلال بعدها العسكري ونتائجها في تثبيت حكم يزيد بن معاوية ، وأيضا ليس من خلال مراجعة ميزان القوى بين الطرفين من الناحية العسكرية البحتة
 وما تمثله من رجحان كفة طرف على حساب الآخر ، لأننا لو نظرنا لهذه الواقعة من خلال هذه الرؤية العسكرية فإننا سنرتكب خطأ تاريخيا كبيرا في تحليلنا هذه الواقعة وتأثيراتها على مسارات التاريخ العالمي وليس الإسلامي فقط ،وعندما نقول هذا إنما ننطلق من الأبعاد الإنسانية لهذه الواقعة وأهدافها وغاياتها .rnوبالتأكيد فإن للدولة الأموية ممثلة بيزيد بن معاوية الذي انتقلت إليه السلطة وفق نظام الوراثة الذي ابتكره معاوية بن أبي سفيان كنظام سياسي ، مبتعدا كثيرا عما سارت عليه الدولة الإسلامية منذ وفاة الرسول الكريم محمد ( ص) ، هنا وجدت الدولة الأموية إن كينونتها تكمن في طلب البيعة من جميع المسلمين بمن فيهم من يعارض فكريا هذا ، وهذا الأسلوب في طلب البيعة يمثل حالة جديدة غير مألوفة، فلا يمكن أن نجد حاكما ما ينال البيعة من الجميع ولو بحد السيف .لهذا فإن الهدف الحقيقي للمعركة من وجهة نظر بني أمية كانت تتمثل في إنهاء أية معارضة تعارض نهجهم وحكمهم حتى وإن كانت من ابن بنت رسول الله محمد ( ص) ، وهذا ما أسس لمفهوم سارت عليه الدولة العربية والإسلامية حتى يومنا هذا ويتمثل برفض المعارضة حتى وان جاءت لغرض الإصلاح وتصحيح مسارات الدين الإسلامي .من هنا نجد بأن ما حصل ليس معركة تقليدية بقدر ما هي ثورة مستمرة ،لأن واقعة الطف ظلت خالدة منذ أن وقعت وحتى يومنا هذا ، عشرة أيام هي ليست للحزن بقدر ما هي أيام تعلمنا منها معنى الثورة  وكيف نثور وكيف ننتصر، وكيف يرتعد الطغاة من اسم الحسين (عليه السلام)، فالحسين (ع) ليس برجل قضى ستين ونيفاً من العمر فقط ، بل هو ثورة ممتدة مع امتداد خيوط الشمس ، وهؤلاء طغاة، والطغاة يخشون الثوار والأحرار، والحسين (ع) هو أبو الأحرار والثوار.لهذا نجد استمرارية  بقاء الذكرى، ويتجسد ذلك جليا في دور الإعلام الشعبي في  إبراز مظلومية الإمام الحسين (عليه السلام)، و في دوره الإنساني الذي تجسد بوضوح في واقعة الطف التي يتصور البعض بأنها ثورة محدودة الأبعاد لا تتعدى الدين الإسلامي الحنيف ، بل الصحيح إنها ثورة أخذت أبعادها الإنسانية بمجرد أن وقعت في لحظتها ، هي لم تكن ثورة ضد طاغ في زمن معين، بقدر ما هي ثورة على كل الطغاة في كل الأزمنة حتى يرث الله الأرض.فكل الثوار بعد واقعة الطف وحتى يومنا هذا كانوا يستلهمون مبادئ الثورة وصيرورتها وأبعادها من ثورة الحسين (عليه السلام) , فكيف وصلتهم أخبار هذه الواقعة وأسبابها وكيف استدلوا على نتائجها، ونقصد هنا بالنتائج ليست حسابات الربح والخسارة في أرقامها العسكرية ومفاهيم ميزان القوى الذي إن شاء البعض الرجوع إليه وقياس أجواء الواقعة كواقعة عسكرية فإنه لن يخرج بنتائج سوى إحصاء عدد شهداء الطف ويكتفي بهذا, ولكن ما نريد قوله بأن أحد أهم نتائج  ما حدث بأرض كربلاء هي إن ولادة المبادئ ورفعتها جاءت في لحظة الشهادة ذاتها ، أي إن ولادة مفهوم الثورة ابتدأ في اللحظة التي استشهد فيها الحسين (عليه السلام).فالشهادة هنا كانت هي الوسيلة لكي تنتشر مبادئ الثورة الحسينية ليس في أرض الإسلام بل في عموم الأرض ، فنجد وعبر التاريخ الذي نطالعه بأن الكثير من غير المسلمين يعرفون الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) ويعرفون أيضا بأنه سبط محمد رسول الله (عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام)، فمن أين عرفوا هذا ؟  من الغرابة أنّ حشداً من جيش يزيد عرف هذا بعد انتهاء المعركة مباشرة!! إذن هم كانوا يقاتلون شخصاً لا يعرفونه  حق المعرفة , والسبب هو أنّ الماكنة الإعلامية لبني أمية زرعت في داخلهم صورة أخرى وصورت الحسين  وأهله ( عليهم السلام ) ومن معه على إنهم خارجون عن الدين، ساعين للسلطة وما شابه ذلك من التعبيرات التي يستخدمها كل الطغاة عبر كل العصور ضد من يعارضهم .قلنا،عرفوا من هو الحسين (عليه السلام) حين أخذوا السبايا، فكانت السيدة زينب (عليها السلام) تمارس دورها في معركة تصور البعض إنها انتهت باستشهاد الحسين وأخوته وأبنائه وأصحابه، المعركة الحقيقية ابتدأت كما قلنا لحظة الاستشهاد، لكنها معركة من طراز فريد، معركة إبراز الحجج وتلقين الدروس، مرحلة موازين القوى الحقيقية التي لا تعتمد على عدد الرجال والخيول ونوع السيوف، معركة كان في طرفها الحق ممثلاً بآل الرسول (عليهم أفضل الصلاة والسلام)، معركة قادتها العقيلة زينب (عليها السلام) على امتداد المسافة الجغرافية ما بين كربلاء الدم والشهادة وقصر بني أمية الغارق في أوهامه العابث بدين محمد، المستحضر لثارات بدر ، العائد للجاهلية، حاملا رأس أبي الأحرار دليلاً على جاهلية من يتحكم في ذلك الوقت بالإسلام والمسلمين .كان دور السيدة زينب (عليها السلام) ودو الأمام السجاد زين العابدين (عليه السلام) دورا حفظ للإسلام بريقه، وحفظ للثورة استمراريتها حتى يومنا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram