TOP

جريدة المدى > الملاحق > احتياطيات البنك المركزي والدينار

احتياطيات البنك المركزي والدينار

نشر في: 14 ديسمبر, 2010: 05:12 م

 د . أحمد ابريهي علييرتبط تزايد احتياطيات البنك المركزي بعملية تمويل الإنفاق الحكومي الداخلي بالإصدار النقدي ونمو كتلة السيولة المحلية. ويمثل الجزء من الإنفاق الحكومي الممول عن طريق زيادة الاحتياطيات إضافة إلى صرفة للطلب الكلي، ويزاول ضغوطا تضخمية أهملت العناية بها، وتستحق لوحدها معالجة مستفيضة لا يتسع لها المجال الآن. ونريد في هذه المقالة إلقاء الضوء على كيفية تكوين احتياطيات البنك المركزي وبالعلاقة مع سعر الصرف.
لا ادري لماذا يتجنب الوعي الاقتصادي في العراق النظر إلى حقيقة الإيراد النفطي بأنه عملة أجنبية تنحصر وظيفتها في تمويل الاستيرادات الخاصة والعامة ونفقات خدمة الدين الأجنبي. ويتراكم الفائض من العملة الأجنبية، خارج العراق لدى الاحتياطي الفدرالي في نيويورك وبنوك مركزية ومؤسسات مالية دولية عالية الجدارة الائتمانية. والارتباط بين إيراد النفط واحتياطيات البنك المركزي غاية في البساطة. إذ تبيع وزارة المالية عملة أجنبية للبنك المركزي لشراء الدينار العراقي من اجل تغطية إنفاقها الداخلي، والمبلغ الديناري المدفوع للمالية هو العملة الأجنبية المحولة للبنك مضروبة بسعر الصرف. والبنك المركزي بدوره يبيع للقطاع الخاص من تلك العملة الأجنبية بمقدار ما يطلب، وبذلك فأن الفرق بين العملة الأجنبية التي يتسلمها البنك من المالية وما يبيعه منها للقطاع الخاص يتراكم في حسابات البنك خارج العراق ويطلق عليه الاحتياطيات الدولية للبنك المركزي. والمسألة الجوهرية في النظام المالي للعراق، وعلى فرض استمراره، والتي ستحكم المسار الاقتصادي في العقدين القادمين على الأقل، هي أن الحكومة لا تستطيع الحصول على الدينار العراقي لتمويل إنفاقها الداخلي إلا أن تشتريه بالعملة الأجنبية من البنك المركزي، وبالضبط مثلما لا تستطيع الحصول على اليورو إلا أن تدفع مبلغا معادلا بالدولار.  أما فرص الاقتراض بالدينار من المصارف العراقية والجمهور فهي محدودة ولتسديد تلك القروض لا مفر من العودة إلى البنك المركزي وشراء الدينار بالدولار. ومبالغ العملة الأجنبية التي تتخلى عنها الماليـة للبنك المركزي محكومة بحجم إنفاقها الداخلي، ولا خيار لها في ذلك. ولان القطاع الخاص لا يستطيع شراء كل ما يصل إلى البنك من عملة أجنبية تستمر احتياطيات البنك المركزي بالتزايد وقد بلغت 50 مليار دولار. إن هذا المقدار من العملة الأجنبية ليس فائضا عن احتياجات الاقتصاد العراقي كي يستثمر في الخارج. لكن هذه النتيجة حتمية في ظل النظام المالي الحالي للعراق والذي لا يسمح باستيعاب المورد النفطي حتى بالأشكال الحالية للتصرف ناهيك عن استيعابه بكفاءة. ولكن لماذا يكون طلب القطاع الخاص على العملة الأجنبية اقل مما يصل إلى البنك المركزي من وزارة المالية بحيث تستمر الاحتياطيات في التزايد؟ هل لان طلب القطاع الخاص قليل أم أن مبيعات الوزارة من العملة الأجنبية ضخمة نسبيا؟ الجواب كلاهما، لان النشاط الإنتاجي والاستثماري للقطاع الخاص ضئيل فينعكس على بنية الاستيرادات التي تكاد تنحصر في المنتجات تامة الصنع بصفة عامة وفي النطاق الاستهلاكي على الأكثر. أما الحكومة فأن إنفاقها الداخلي كبير نسبة إلى دخل القطاع الخاص والأول يعني مبيعاتهــا من العملة الأجنبية إلى البنك المركزي والثاني يحدد مشتريات القطاع الخاص منها. ولو فرضنا أن البنك المركزي قرر عدم زيادة احتياطياته الدولية وأصر على تصريف كل ما يرده من عملة أجنبية إلى القطاع الخاص فيلزمه تخفيض سعر صرف العملة الأجنبية، أي رفع سعر صرف الدينار إلى مستويات عالية، عسى أن يزداد طلب القطاع الخاص ويمتص الفائض. وهذا الإجراء غير سليم من الناحية الاقتصادية لان سعر صرف الدينار مرتفع فالدولار بسعر 1170 دينارا أصبح رخيصا جدا لان الدينار فقد الكثير من قوته الشرائية بين عام 2003 عندما كان سعر الصرف 1500 دينار للدولار والوقت الحاضر. وان رفع سعر الدينار يؤدي إلى قتل القطاع الإنتاجي وتوقف الاستثمار في الصناعة وغيرها من الأنشطة السلعية، ويتجه الاقتصاد العراقي نحو بنية ريعية صرفة: نفط خام وخدمات، وهو ما تحقق الآن بسبب الإصرار على رفع سعر صرف الدينار رغم تراكم آثار التضخم وانعكاسها في تكاليف الإنتاج المحلي، آخذين بالاعتبار المستوى المنخفض للإنتاجية مقارنة بالكلفة الأجرية لوحدة المنتج.وهو غير مقبول، من زاوية المالية العامة إذ سوف تحتاج الحكومة عملة أجنبية بمقادير اكبر لتمويل الحجم نفسه من الإنفاق الداخلي وبذلك تواجه عجزا فعليا، فتضطر إلى الاقتراض من الخارج لشراء الدينار العراقي من البنك المركزي. وحتى لو انخفض سعر صرف الدولار أي ارتفعت قيمة الدينار تجاه الدولار، فمن غير المتوقع زيادة طلب القطاع الخاص على العملة الأجنبية حتى استيعاب كامل العرض لتستقر احتياطيات البنك المركزي عند مستوياتها الحالية. لقد أغفلت المناقشات التي دارت حول احتياطيات البنك المركزي في الأروقة الرسمية وحتى في الوسط الأكاديمي ابسط العلاقات المتعارف عليها في سوق الصرف. وهي أن احتياطيات السلطة النقدية لا تتزايد إلا لوجود عرض زائد من العملة الأجنبية عن الطلب بموجب سعر الصرف السائد، وان هذا العرض الزائد يزاول ضغطا لرفع قيمة العملة الوطنية ولذلك تقتطع البنوك المركزية العرض الزائد وتراكمه في احتياطيات متزايدة لكبح ارتفاع سعر عملتها الوطنية. كان البنك المركزي مش

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

اشتعال أزمة سوريا وتركيا.. ورومني يدعم تسليح المعارضة
الملاحق

اشتعال أزمة سوريا وتركيا.. ورومني يدعم تسليح المعارضة

  دمشق / BBCبعد أيام من سقوط القذائف السورية عبر الحدود إلى تركيا، ما يزال التوتر وأعمال القتل، تتصاعد على جانبي الحدود، في وقت أعلن فيه مقاتلو المعارضة قرب السيطرة على معسكر للجيش النظامي...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram